إنقاذ زهاء 90% من المخطوطات النادرة في تمبوكتو
كشفت مصادر محلية في مدينة تمبوكتو عن إنقاذ زهاء 90% من المخطوطات النادرة في تمبوكتو من أعمال التخريب والحرق التي تعرضت لها على أيدي عناصر من الجماعات المسلحة التي كانت سيطرت على المدينة طيلة الأشهر التسعة الماضية، والتي هدت العديد من المعالم التاريخية، المتمثلة في أضرحة عدد من الأولياء والصالحين؛ وكذا على أيدي مخربين ماليين حاقدين خلال أعمال النهب والسلب التي أعقبت دخول قوات الجيش المالي إلى المدينة بعد سيطرة القوات الفرنسية عليها..
ويروي سكان تمبوكتو أن عددا من أبناء المدينة امتلكوا الشجاعة وجازفوا بحياتهم من أجل نقل ألاف الكتب والمخطوطات في جنح الظلام إلى خارج المكتبات لوضعها في أماكن آمنة خشية إقدام الجماعات المسلحة على حرقها أو إتلافها كما فعلت بالأضرحة.
يتحدث شيوخ ومسنون في مدينة الـ 333 وليا، عن عدة محطات من الغزو عرفتها مدينتهم الأسطورة عبر التاريخ؛ معتبرين أن سيطرة الجماعات الجهادية المسلحة عليها بين إبريل 2012 ويناير 2013، كانت آخر تلك المحطات حتى الآن.
ويقارن هؤلاء بين فرق حماية وإنقاذ كنوز تمبوكتو العلمية خلال الأشهر الماضية وبين أجدادهم الذين تصرفوا بنفس الشجاعة والإيمان للحفاظ على تلك الكنوز قبل قرون وعقود.
فقد نجح الأحفاد في إنقاذ إرث الأجداد بنفس الطريقة فأخفوها بعناية فائقة؛ ليتبين ـ عبر التاريخ ـ أن المدينة لم تزل تنجب حماتها.
تقع تمبوكتو بين نهر النيجر والصحراء، وشكلت منذ العصور الوسطى مركزا للعلوم الإسلامية والنشاط التجاري. ويتشكل مخزونها العلمي من مخطوطات على شكل أوراق مبعثرة وحفريات بسيطة وكتب ومجلدات متوسطة وضخمة تختزن مواضيع متنوعية من قبيل العلوم والشريعة والفقه والأدب وعلوم الدين والتاريخ وسلالات شعوب المنطقة وجذور مختلف مكوناتها.
كتب ومخطوطات زادت عاديات الزمن من تردي حالتها، لكنها لا تقدر بثمن لا يمكن تعويضها.
وكلما جاء غزاة أو محتلون أجانب ليهددوا كنوز تمبوكتو، بدءا بالمغاربة سنة 1591، مرورا بالمستكشفين الأوربيين من أمثال آلكسندر غوردون لاينغ أو رينيه كاييه والمستعمرين الفرنسيين، وانتهاءا بتنظيم “القاعدة في المغرب الإسلامي” في القرن الحادي والعشرين؛ كانت مخطوطات تمبوكتو تختفي تحت كتل من الطين المجفف، داخل خزانات خشبية مموهة، في صناديق أو أكياس سرية؛ أو في كهوف بعيدة في الصحراء أو على ضفاف النهر.. في موبتي أو حتى في العاصمة باماكو.
حماة المخطوطات الجدد من أمثال عبد القادر حيدرا، مالك أكبر مجموعة مخطوطات خصوصية، يؤكدون أن أغلب مخطوطات تمبوكتو تم إنقاذها من أيدي عصابات النهب والحرق.
وفور وصول المتمردين الطوارق، ومن بعدهم المسلحون الجهاديون، بادر حيدراخمسة عشرا ماليا آخرين، طيلة شهر كامل و تحت جنح الظلام كل ليلة، إلى وضع أغطية محكمة على نفائس المخطوطات ثم تكديسها داخل صناديق معدنية محكمة الإغلاق، قبل دفنها في الأرض، مع الحرص على ضمان الاهتداء إليها فيما بعد.
يمتنع حراس كنوز تمبوكتو عن تقديم أية تفاصل إضافية باستثناء أن المخطوطات تفرقت داخل أزيد من 100 صندوق.
المصدر: مجلة L’EXPRESSE (فرنسا) ـ تعريب وكالة “موريوان ميديا”