الشتقيطي: طارق رمضان كان صرحا من خيال فهوى
الزمان انفو – محمد الأمين الشنقيطي يكتب:
أوراق الربيع (41): طارق رمضان.. كان صرحاً من خيالٍ فهَوَى
ربما لم يعبِّر أحدٌ عن قصة صعود الدكتور طارق رمضان وسقوطِه مثلما عبَّر صديقي الكاتب التونسي الكنَدي محمد بن جماعة في خاطرة له على (فيسبوك) جعل عنوانها: “طارق رمضان كان صرحاً فهَوَى.” ولو أن صديقي أكمل الاقتباس من مطلع قصيدة الطبيب الأديب المصري إبراهيم ناجي (الأطلال) لكان العنوان أبلغ تعبيراً، فلا قولَ يعبِّـر عن صعود طارق وسقوطه أبلغ من قول إبراهيم ناجي: “كان صرحاً من خيالٍ فهَوَى”. وغاية هذا المقال هي تقديم قصة هذا الصعود والسقوط، بأكبر قدر ممكن من الوضوح، دون مجاز ولا مواربة.
ولا بد من الاعتراف ابتداءً أني لم أتردد في نشر مقال مدةً مديدةً مثلما ترددتُ في نشر هذا المقال، الذي ظلَّت مسودته الأولى تنتظر على حاسوبي شهورا عديدة قبل أن أخرجه إلى النور. ولم يكن ذلك لعدم اقتناعي بمضمون المقال، ولا خوفي من نشره، وإنما لأن لطارق رمضان سابقةً في نصرة الإسلام أحترمها، ولي معه سابقُ صحبة أقدِّرها. ولولا المسؤولية الشرعية والأخلاقية المتعيِّنة على العارفين بطارق رمضان وقضيته عن كثَب، وواجب النصح لأئمة المسلمين وعامتهم، وما لاحظتُه من خوض الكثيرين من أفاضل المسلمين في هذه القضية دون إلمام كافٍ بأبعادها وخلفياتها، لوسِعَني السكوتُ عن هذا الأمر وتجنُّبه تماماً.
ومن أسباب تأخير نشر المقال أيضا أني لم أجدْ من المروءة أن أنشر إدانة أخلاقية لشخص سجين، خصوصا وأن سَجْنه لم يكن له داعٍ ولا مسوِّغ قانوني مقنع قبل اكتمال إجراءات التقاضي في قضيته. أما وقد حصل الدكتور طارق رمضان أخيرا على الحرية المؤقتة، وأصبح قادرا على متابعة قضيته بنفسه في المحاكم، ومناقشة من ينتقدونه أو يدينونه، فإن من حق مقالي أيضا أن يخرج من سجنه إلى النور.
لقد تابعتُ قضية طارق رمضان بدقة في الإعلام الفرنسي منذ تفجُّرها قبل عام، ونشرتُ مقالا ضمن هذه المدونات في الأيام الأولى للقضية، جعلتُ عنوانه: “الخيانة الثقافية ومحنة الدكتور طارق رمضان” يوم 31 أكتوبر 2017، ودافعتُ فيه بقوة عن الدكتور طارق، متجاهلاً الخلاف بيني وبينه الذي دفعني لترك العمل معه قبل سَجْنه بشهور، ثم انخرطتُ في الدفاع عنه على مواقع التواصل الاجتماعي لعدة أشهر، وفي الدعوة لجمع التبرعات لتغطية رسوم محاميه. لذلك فإن من حق قرائي الذين قرأوا دفاعي عن طارق رمضان منذ عام، أن يقرأوا رأيي في قضيته اليوم، بعد أن أسفرتْ الوقائع عن وجهها بما فاجأني وأحزنني، كما فاجأ ملايين المسلمين وأحزنهم.
”
تعاطف الكثير مع طارق رمضان: فهو سليل أسرة إسلامية عريقة في العمل الإسلامي وحمْل رسالة الإسلام، كما أنه كان صوت الإسلام والمدافع عنه أمام خصوم حاقدين في أوقات قلَّ فيها الظهير والنصير
”
لقد هزَّتْ قضية طارق رمضان عند تفجُّرها أولَ مرة الأوساطَ الثقافية الإسلامية، خصوصا في بلاد الغرب، وتعاطف ملايين المسلمين عبر العالم مع طارق. والسبب في ذلك يرجع إلى أمرين اثنين، أولهما: تاريخ الرجل وتاريخ أسرته، فهو نجل الشيخ سعيد رمضان أحد رواد العمل الإسلامي في أوروبا، ومؤسس المركز الإسلامي في جنيف، وهو حفيد الإمام حسن البنا، مؤسس (جماعة الإخوان المسلمين)، كبرى حركات الإصلاح الإسلامي المعاصر، وأعمقها جذورا، وأوسعها امتدادا في العالم الإسلامي. وثانيهما: نوع الأعداء الذين ظل طارق يصارعهم خلال العقود الماضية. فقد سطع نجم الدكتور طارق كمنافح عن الإسلام في الغرب، وخاض معارك فكرية وإعلامية طاحنة مع أشهر المثقفين والإعلاميين والسياسيين الفرنسيين ذوي التحيزات السياسية والدينية ضد الإسلام والمسلمين.
ومنذ نحو خمسة عشر عاما، وتحديدا يوم 03 أكتوبر 2003، نشر طارق مقالا على موقع (الأمة) الفرنسي، بعد أن رفضت كبريات الصحف الفرنسية نشره، ومنها (لوموند) و(لوفيغارو)، هاجم فيه من دعاهم بحقٍّ “المثقفين الطائفيين” intellectuels communautaires من الصهاينة الفرنسيين، الذين اشتهروا بحركيتهم ونضالهم في الشأن العام، وأخذ عليهم الازدواجية في المواقف، المتمثلة في دعْمهم لقضايا التحرر في العالم مع تجنُّبهم أي نقد لإسرائيل، بل والوقوف بالمرصاد لكل من ينتقدها. ومن هؤلاء المثقفين الصهاينة الفرنسيين: (بيير أنديه تاغييف) و(أكسندر أدلر) و(برنار كوشنر) و(برنار هنري-ليفي)، وآخرين.
وحمل طارق رمضان في المقال على تطفيف هؤلاء المثقفين، وبُعدهم عن مقتضيات القيَم الإنسانية الكونية التي يتغنون بها كلما تعلَّق الأمر بحقوق الشعب الفلسطيني، وبالفظائع التي ترتبكها إسرائيل ضده، كما انتقد طارق دعمهم للغزو الأميركي للعراق –وهم الذين يعتبرون أنفسهم دعاة تحرُّر من الإمبريالية! – وتحامُلَهم المريب على الجاليات المسلمة في أوروبا، وخصوصا في فرنسا. ومنذ تاريخ نشر ذلك المقال بدأت الحملة المنسَّقة على طارق رمضان، وبناء الإجماع في النخبة السياسية والإعلامية الفرنسية على شيطنته ورمْيه بكل نقيصة.
ثم انضمت إلى هذه الحملة قوى اليمين المسيحي الفرنسي، الحاقدة على الوجود الإسلامي المتعاظم في فرنسا وفي أوربا كلها، والقوى العلمانية الفرنسية المتحيزة ضد كل الأديان، وخصوصا دين الإسلام. وقد اشتهر إعلاميون فرنسيون بهجومهم على طارق، حتى أصبح الأمر بالنسبة لهم رسالة حياة، ومن أشرس هؤلاء الكاتبة الصحفية (كارولين فورست) مؤلفة كتاب (الأخ طارق). ولحق بكل أولئك أفرادٌ من المسلمين الفرنسيين يحملون ذاتاً مهزوزة فاقدة للثقة في ذاتها، وهم مستعدون لبيع ضمائرهم، وحتى الخروج من جلودهم، في أمل ساذج أن تتقبَّلهم النخبة الفرنسية المسيطرة.
فلا عجب أن دفعتْ هذه الخلفيات ملايين المسلمين إلى التعاطف مع طارق رمضان: فهو سليل أسرة إسلامية عريقة في العمل الإسلامي وحمْل رسالة الإسلام، كما أنه كان صوت الإسلام والمدافع عنه أمام خصوم حاقدين في أوقات قلَّ فيها الظهير والنصير. لكن مسار قضية طارق رمضان خلال السنة الفارطة تكشَّفَ عن مفاجآت مُحزنة لمحبِّيه، صادمةٍ لـمريديه، مفاجئةٍ لملايين المسلمين الذين وضعوا فيه الثقة، واتخذوه قدوة وملهما أعواما مديدة. فقد توالت الأدلة الدامغة على تورُّط طارق في موبقات تُدينه إدانة أخلاقية حاسمة.
وأقلُّ ما تدل عليه هذه المعطيات الجديدة هو أن طارق رمضان كان يعيش حياة موازية بعيدة كل البعد عن مقتضيات الفضيلة الإسلامية. وما أقصده هنا هو المعطيات الصلبة الصادرة عن اعترافات طارق رمضان، أو الموثَّقة بالأدلة المادية التي لا يمكن دحضها، ولستُ أقصد ما وراء ذلك مما شاع وذاع في وسائل الإعلام الفرنسية. ومن هذه المعطيات الصلبة التي تكشَّفت خلال العام المنصرم ما يلي:
أولا: كشْفُ القضاء البلجيكي منذ شهور عن صفقة قانونية تمَّتْ عام 2015، دفَع بموجبها الدكتور طارق رمضان سبعة وعشرين ألف يورو لامرأة معروفة، مقابل حذف ما نشرتْه على الإنترنت عن علاقة غير شرعية بينهما. وهي قضية كانت موثَّقة في المحاكم البلجيكية قبل ظهور أي اتهام ضد طارق رمضان في المحاكم الفرنسية والسويسرية والأميركية، لكن لم يكن جمهور الناس يعلمون عنها قبل الاتهامات الأخيرة.
من حق الذين تحمَّسوا للدفاع عن طارق رمضان في السابق -وأنا منهم- أن يرفضوا الاستمرار في حالة الاستغلال والاستغفال التي أوقعهم فيها. فقد قامت الحُجَّة، وبانت الـمَحجَّة، ولم يعُدْ من عذر شرعي يبرر الانخداع
وكالة الأنباء الأوروبية
ثانيا: إقرار محامي طارق (إيمانويل مارسينيي) خلال الشهور المنصرمة لأكثر من وسيلة إعلام فرنسية بأن طارقاً يعترف -والاعتراف سيِّد الأدلة- بـوجود “علاقة خارج الزواج” مع عدد من النسوة اللاتي رفعْنَ ضده شكاوى بالاغتصاب. ولم ينكر طارق رمضان أياًّ من الاعترافات التي صرَّح بها محاميه باسمه، بل أشاد بالمحامي المذكور وبإدارته لملفه القضائي في أول تصريح له بعد خروجه من السجن منذ بضعة أيام. كما لم يطعن طارق في المقتطفات المنشورة من محاضر اعترافاته في الصحف الفرنسية.
ثالثا: أن إحدى النسوة التي اعترف طارق رمضان بعلاقات معها -وقدَّم محاميه مئات الصور والفيديوهات للمحكمة للبرهنة على أن علاقته بها علاقة تراضٍ لا اغتصاب- كانت مُومِساً مشهورة، احترفت البِغاء لسنوات (والله أعلم بحالها الآن)، وقد ظهر اسمها من قبلُ في فضيحة تورَّط فيها مدير البنك الدولي السابق، الفرنسي (دومينيك سترواس-كاهْنْ). ولا يتوقع أيُّ متابع للإعلام الفرنسي أن طارقاً لم يكن يعرف عن هذه المرأة وعن خلفيتها الـمُظلمة. كما أن المشتكيتين الأولييْن من طار ق، اللتين اعترف مؤخرا بعلاقته غير الشرعية بهما، معروفتان بحربهما الشعواء ضد الإسلام في فرنسا. وتدل علاقة طارق بهؤلاء النسوة الثلاث تحديدا على أن مشكلته ليست استدراجا في ظروف استغفال، بل هي مسارٌ ثابت عن سابق عمد وإصرار.
ولا بد من التأكيد هنا أنْ ليس في أيٍّ من هذه المعطيات دليلٌ قانوني يدعم تُهم الاغتصاب الموجَّهة إلى طارق رمضان في المحاكم، لكنها تُثْبت على طارق -من منظور الأخلاق الإسلامية وأحكام الشريعة الإسلامية- علاقاتٍ غير شرعية، وإدماناً على الموبقات، واستهتاراً بالدين، ومخادعةً للمسلمين. وكمْ من موبقة بمنظور الشرع الإسلامي لا يجرِّمها القانون في الدول الثلاث التي رُفعتْ فيها تهم اغتصاب ضد طارق (فرنسا وسويسرا وأميركا).
وقد تبيَّن من علاقات طارق غير الشرعية مع عدد وافر من النسوة، واستمرار العلاقة ببعضهن أعواما عدة، أن مشكلته ليست من نمط الاستدراج الظرفي والإغواء العابر الذي قد يقع فيه أيُّ مؤمن يمسُّه طائفٌ من الشيطان، ثم يتذكر ويتوب، وإنما هي حالة إدمان مزمنة. وكما عبَّر صديقي محمد بن جماعة بدقة: “كنتُ أقبلُ لو كان الموضوع متعلقا بنزوة، أو علاقة غير شرعية لمرة أو مرتين، فالضعف الإنساني قد يجد بعض التفهُّم والأسف. أما الوضع الراهن فهو يبدو إدماناً ممتدًّا على فترة ربما أكثر من 20 سنة. لا يمكن تفسير هذا إلا بأن طارق له انفصام في الشخصية، وازدواجية خطاب، وهذا الأمر دمَّره تماما.”
وبناء على هذه المعطيات الصلبة التي تكشفتْ عنها قضيةُ طارق رمضان خلال عام من الشَّد والجذب القانوني والإعلامي، نتوصل إلى الخلاصات الآتية:
أولا: لا يمكن لوم ملايين المسلمين في انخداعهم بطارق رمضان، أو بخطابه الإسلامي والأخلاقي، فهم إنما حاكموه بالظواهر قبل انكشاف حقيقته، وذلك واجبهم الشرعي. وقد ورد في كتب السير عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول “من خَدَعنا بالله انْخدَعْنا له”. ولم يكن من السهل انخداعُ عبد الله بن عمر، لكنه كان ملتزما بما شرعه الله تعالى من حكم على الناس بالظاهر، والله يتولى السرائر. ولسنا نتوقع ممن انخدعوا بظاهر طارق رمضان أن يكونوا أحسنَ فطنة من عبد الله بن عمر.
ثانيا: يتحمل طارق رمضان وحدَه وِزْر سلوكه غير الأخلاقي، ولا تتحمله أسرته الكريمة، ولا أيُّ جهة سياسية أو أكاديمية تعاملتْ معه بحسْن الظن، ولا أيُّ أفراد أو جماعات دافعوا عنه بناءً على ظاهر حياته العامة. لأن الأصل براءة الذمة، وهي التي يجب التمسك بها إلى أن يقوم الدليل على عكس ظاهر الحال. وقد عامل الجميعُ طارقا بحسن الظن، إلى أن قامت الأدلة الدامغة على عكس الظاهر من حاله. وحُسْن الظن فضيلة إسلامية. والخطأ في حسن الظن -لخَفَاءِ الدليل- أفضل من الخطأ في سوء الظن دون دليل.
ثالثا: من حق الذين تحمَّسوا للدفاع عن طارق رمضان في السابق -وأنا منهم- أن يرفضوا الاستمرار في حالة الاستغلال والاستغفال التي أوقعهم فيها. فقد قامت الحُجَّة، وبانت الـمَحجَّة، ولم يعُدْ من عذر شرعي يبرر الانخداع. ومن واجبنا تجاه الذين دافعوا عن طارق بناءً على دفاعنا عنه، وتجاه الشخصيات والمنظمات الإسلامية الكثيرة التي وقفت معه، أن نبيِّن لهم المعطيات الجديدة في قضيته دون تضخيم ولا تحجيم، حتى لا يستمروا في مسار الاستغلال والاستغفال الذي وضَعَنا ووضَعَهم فيه طارق رمضان.
من الدروس العظيمة المستخلصة من كل هذا ألا نجسِّد الإسلام في شخص، مهما بَدَا من ملامح الصلاح في علانيته. فالإسلام فوق الجميع، وهو يعلو ولا يُعلى عليه
رويترز
رابعا: كل هذا لا يعفي المسلمين من التصدِّي لمن استغلوا قضية طارق لتشويه دين الإسلام في القلوب، والتحامل على الأقليات الإسلامية في الغرب، والطعن في دعاة الإسلام ووُعاته الذين يأمرون الناس بالقسط، والنيْل من الحركات الإسلامية الساعية إلى إصلاح مجتمعاتها ونقْلها إلى حال أفضلَ وأنبلَ. فاستمرار التصدِّي لهؤلاء المغرضين الحاقدين واجبٌ على كل مسلم. والذين استغلوا قضية طارق في هذا السبيل معروفون بعداوتهم للإسلام. وهم مزيج من عتاة العلمانية الفرنسية، والصهاينة الفرنسيين، واليمين الفرنسي المتعصب، والثورة المضادة العربية.
خامسا: من الدروس العظيمة المستخلصة من كل هذا ألا نجسِّد الإسلام في شخص، مهما بَدَا من ملامح الصلاح في علانيته. فالإسلام فوق الجميع، وهو يعلو ولا يُعلى عليه، والله غنيُّ عن العالمين. وصدَق الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذ قال: “اعْرِف الرجال بالحق، ولا تَعْرف الحق بالرجال.” والأنبياء عليهم السلام هم الذين نصبَـهم الله تعالى قدوةً للناس وأسوةً، وهم الذين حرسهم الله بالعصمة من قيادة الناس في سبيل الغواية. أما مَن سواهم فهم عُرضةٌ للخطأ والخطيئة والغواية، والموفَّق من سدَّده الله تعالى وثبَّته على الحق.
وخلاصة الأمر أن طارق رمضان كان صرحاً من خيالٍ بنيْناه في قلوبنا، وتلقَّفه ملايين المسلمين من ذوي الفطرة الإنسانية والعاطفة الإيمانية بالتقدير والاحترام. لكن ذلك الصرح تهاوى اليوم أمام سمعنا وبصرنا، بفعل طارق رمضان نفسِه لا بفعل غيره. والمؤسف أن طارقا لا يزال يمثِّل دور الضحية، ويستثير في المسلمين عاطفة التناصر والتعاضُد، ويصوِّر الأمر كله على أنه مجرد مؤامرة وحرب على دين الإسلام، وكان الأوْلى به الصدقُ مع الله، ومع نفسه، ومع الناس، والكف عن استغفال المسلمين واستغلالهم في معركة خاسرة، أشعلتْـها نارُ الشهوات في نفسه، وليس للإسلام فيها ناقة ولا جملٌ.
ليس من ريبٍ في وجود حروب على الإسلام ومؤامرات ضده في أكثر من موضع على وجه الأرض اليوم. لكنَّ أعظمَ حرب على الإسلام، وأخطرَ مؤامرة ضده، هي أن يحْمل رايتَه من ينشرون الفضيلة وهم غارقون في الرذيلة. نسأل الله تعالى أن يمنَّ علينا بالعفو والعافية، والستر والمغفرة، والإخلاص في القول والعمل. وأن يجنِّبنا النفاق والرياء، والسعيَ إلى إرضاء الخلق بإسخاط الخالق.. هو حسْبُنا ونِعْم الوكيل.