حول مؤتمر موريتانيد / أحمدو ولد أبيه
الزمان انفو –
تُركز أغلب دول العالم وخاصة دول العالم الثالث في استراتيجياتها السنوية على الطريقة المثلى التي يمكن من خلالها تطوير مناخ الأعمال فيها، لكسب الكثير من المستثمرين الأجانب نظرا للمردودية الإيجابية التي يوفرها استثمار شركات عالمية عملاقة وذات خبرة كبيرة على اقتصاداتها الوطنية. وفي خضم بحثها عن الحل السحري لجذب المستثمرين تصطدم بعض دول الجنوب بتحديات الأمن والبنى التحتية والقوانين التشريعية والتنظيمية، وهي مسائل يشكل تطورها المرتكز الأهم في توفر مناخ الأعمال والعكس صحيح.
ومن هذا المنطلق كانت فكرة مؤتمر موريتانيد الذي انطلق في السنوات القليلة الماضية كخطوة جريئة لمواكبة المسار التنموي الجديد في بلد ظلّت الاستراتيجيات التنموية فيه ضحية للفساد الإداري والسياسي وغياب الروح الوطنية لفترات طويلة.
لذا فإن سياسة مؤتمر موريتانيد لما كانت تستند منذ انطلاقتها على رؤية واضحة لتطوير مناخ الاستثمار في البلد وفق استراتيجية تنموية شاملة، فإنها كانت تأخذ بعين الاعتبار وبشكل جاد وصارم كل الملاحظات والتوصيات التي من شأنها أن تحقق الهدف المنشود، لذلك لم يكن تسلسل نِسخ المؤتمر في السنوات الماضية بالأمر العبثي، بل كان بمثابة المؤشر الدقيق الباعث على الأمل لتحقيق ما عجز عنه الكثيرون، وفي ظرف قياسي رغم التحديات المحلية والإقليمية والدولية.
إن نجاح موريتانيا في تحسين مدونة الاستثمار وتطوير قطاع النفط والمعادن، بالإضافة للحصول على اكتشافات متعددة لثروات كبيرة من الغاز واليورانيوم.. ليعود الفضل فيه كله لهذا المؤتمر الدولي الهام نظرا لما يُتِحه من أفكار ورؤى يقدمها خبراء متخصصون في المجال، وبحضور شخصيات دولية تمثل شركات عالمية متخصصة في المجال أيضاً.
لقد حملت نسخة مؤتمر موريتانيد هذا العام المنظمة بقصر المرابطون الجديد رسائل بالغة الأهمية من حيث تنوع الحضور الدولي حيث وصل عدد الشخصيات الدولية المشاركة في المؤتمر لحدود 1500 منها 100 عارض و70 محاضرا موزعة على 30 دولة، بالإضافة لإجماع ذلك الحضور المتنوع على أن موريتانيا قطعت أشواطا كبيرة في مجال تطوير مناخ الاستثمار في ظرف وجيز، كما تزامن المؤتمر الدولي هذا العام، والذي يأتي بعد أسابيع من احتفال بلادنا بذكرى استقلالها ال 58 في مدينة النعمة القريبة من مواقع التوتر في الشمال المالي، مع تصنيف موريتانيا بالمرتبة الأولى دولياً في قائمة الدول التي لم تتأثر بالإرهاب الذي أصبح في السنوات الأخيرة الطارد الأول للاستثمارات العالمية نظرا لاستحالة وجود عوامل الاستقرار الضرورية للاستثمار في الدول غير القادرة على مواجهة التنظيمات الإرهابية.
كما جاءت نسخة هذا العام من مؤتمر موريتانيد بعد إصلاحات دستورية تمخضت عنها انتخابات بلدية وجهوية وتشريعية شاركت فيها جميع الأحزاب السياسية بالبلد، وهو ما من شأنه أن يعزز من تطور النظم القانونية بالبلد ويضفي عليها مصداقية أكبر في بلد يتجه نحو المؤسسية بخطى متسارعة وبطريقة مدروسة، وهي مساعٍ مطمئنة للمستثمرين ومشجعة على الاستثمار بشكل كبير. خصوصا أن البلد مقبل على انتخابات رئاسية استثنائية بعد تأكيد رئيس الجمهورية أكثر من مرة التزامه بالمأموريات التي حددتها التعديلات الدستورية 2006، ومقبل كذلك على استخراج كميات كبيرة من الغاز في حقل آحميم المشترك بين موريتانيا والسينغال وهو ما يتطلب الكثير من الانسجام الاجتماعي والنضج السياسي من أجل مستقبل أفضل.