عن أبو ذؤيب الهذلي
الزمان انفو –
الشاعر الشهير الهذلي ينتمي لقبيلة هذيل واسمه خويلد بن خالد بن محرث أبو ذؤيب . كان سيدا في قومه، عاصر الجاهلية والإسلام، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة وفاته فأدركه وهو مسجّى على فراش الموت فأسلم، وشهد دفنه، حضر البيعة لأبي بكر في السقيفة، شارك في الكثير من الغزوات والفتوحات الإسلامية.
يقال بأنه كان عابثا قبل إسلامه، فكان زير نساء يتعقب المرأة ويطاردها، وأورد في شعره أبياتا يحكي فيها عن علاقة حب جمعته بامرأة كان يكنيها بأم عمرو، وقد ربطته بخالد بن زهير ابن أخته ومبعوثه إلى حبيبته أم عمرو وكاتم أسراره، علاقة ود وقرابة، وظل كذلك حتى أدار خالد للقرابة والصداقة ظهره واتخذ من أم عمرو حبيبة له، وأحس أبو ذؤيب بالخيانة وأنكر على خالد فعلته وعاتبه ظناً أنه سيتراجع لكنه لم يفعل، وانسحب من حياتهما واستنكر على أم عمرو دعوتها قائلاً:
تُريدين كيما تجمعيني وخالدا
وهل يجمع السيفان ويحك في غمد
أخالد ما راعيت من ذي قرابة
فتحفظني بالغيب أو بعض ما تبدي
دعاك إليها مُقلتاها وجيدها
فملت كما مال المحب على عمد
وكنت كرقراق السراب إذا بدا
لقوم وقد بات المطي بهم يخدي
فآليت لا أنفك أحدو قصيدة
تكون وإياها بها مثلاً بعدي
بعد إسلامه وفي عهد عثمان بن عفان خرج غازيا في فتح أفريقيا تحت أمرة عبدالله بن سعد بن أبي السرح وعاد مع عبدالله بن الزبير والمسلمون حاملون بشرى النصر والفتح إلى الخليفة.
تتحدث بعض المصادر عن هجرته إلى مصر بعد فتحها وقصة فتك الطاعون الذي حل بها في السنة الثامنة عشرة للهجرة بأولاده الخمسة فماتوا في عام واحد، فحزن بشدة ورثاهم قائلاً:
أمن المنون وريبها تتوجع
والدهر ليس بمعتب من يجزع
قالت أمامة ما لجسمك شاحبا
منذ ابتذلت ومثل مالك ينفع
أم ما لجنبك لا يلائم مضجعا
إلا أقض عليك ذاك المضجع
فأجبتها أن ما لجسمي أنه
أودى بني من البلاد فودعوا
شهد له حسان بن ثابت عندما سُئل عن أشعر الناس قال: هذيل أشعر الناس حيا، له بيت شعر من أبرع ما قالت العرب «والنفس راغبة إذا رغبتها»
بكى أبو ذؤيب الرسول صلى الله عليه وسلم وأنشد قائلاً:
رأيت الناس في عسلاتهم
ما بين ملحود له ومضرح
متبادرين لشرجع بأكفهم
نص الرقاب لفقد أبيض أروح
فهناك صرت إلى الهموم ومن
يبت جار الهموم يبيت غير مروح
كسفت لمصرعه النجوم وبدرها
وتزعزعت آطام بطن الأبطح
وتزعزعت أجبال يثرب كلها
ونخيلها لحلول خطب مفدح
ولقد زجرت الطير قبل وفاته
بمصابه وزجرت سعد الأذبح