كاتب شهير: برام نتف ريش الوزير وألقاه في اليم
الزمان انفو –
ما زال الوقتُ مُبكِّراً لنحكُمَ على مسيرة النائب بيرام ولد اعبيْدي في البرلمان. ولكنّه يقدّم نمطاً. إنّه، ككلِّ ثوري، يُحوِّلُ مؤسّسات المؤسّسة (The Establishment) إلى محاكماتٍ للمؤسّسة. ولذا فإلى حدِّ الآن لم يهتَم بنقاش الحيثِيات وإنّما بتحويلِ ذلك النقاش إلى منبَر لمساءلة عدم المساواة. سيستحسنُ به مستقبَلاً أنْ يُقدِّم على الأقلِّ مداخلة واحِدة ذات صفة بحثيّة لِيُثبِتَ فيها أنّه ليس شعبوياً، بل وأنّه يفهم الملفّات (وألا يكون في هذا كبقيّة الشعبويين الكُثُر في البرلمان).
بيرام قدّم نمطاً آخر: نمط الدفاع عن الكرامة. فقبلَه لم يكن البرلمانيون مُحترَمون من قِبَل رئيس البرلمان أو من الوزراء. كان البرلمانيون يبدون كأطفال في المدرسة الابتدائيّة: يُشاغِبون يُشوِّشون، ويُوّبَخون ويُقرّعون ويستجدون الدقائق الإضافيّة ويبكون من هوانِهم. وكان البغاث يستنسِرُ عليهم وينهشُ في اختياراتِهم بحريّة. قبله تقريباً لم تنتطِح في هذا النمط عنزتان (اللهم إلاّ إذا استثنيننا معارك تاريخيّة من نوع تلك التي اشتعلت بين يعقوب ولد امّيْن وولد باهية؛ أو بين القاسم ولد بلاّلي وولد بايّة). وفي السنوات الأخيرة تحوّل هذا الأسلوب الاستعلائي إلى احتقار، وبالأخصِّ من قِبل الوزير الأوّل، الذي أصبَح يرفض القدوم للبرلمان اتكالاً على عضلتِه أو وزير الماليّة، أستاذ الرطانة المُسيّسة، الذي دأبَ على القدح في نواب المعارضة وتخوينِهم لمجرّدِ أنّهم يُساءِلون الحكومة (هذه مهمتُّهم). هذا الأسبوع تصدّى له بيرام؛ وتقريباً دمّره. خلَعَ دفاعاته ونتفَ ريشَه وألقاه في اليم مكتوف الأيدي. أغلب الظنِّ أنّ هذا الوزير، الذي وصف رموز المعارضة سابِقا بـ”آمبيبيلات”، سيُراجِع، من الآن فصاعِداً، اختيارَه للألفاظ. معركةُ بيرام أيضاً مع رئيس البرلمان (الذي، للمفاجأة، ليس مديراً سيئاً، إذا استثنينا ولعه المَرضي بـ”الدخول في الموضوع”) انتهت إلى تحديد الحدود بينهما. مستقبلاً سيعرف كلٌّ منهما حدوده.
يمكن بالتأكيد الاعتراض على لغة بيرام. ولكنّ معركتَه السياسيّة راهِنة. فأوّل ما يجب على البرلمان أنْ يفعله هو أنْ ينتزِع هيبتَه. إن مصدر شرعية البرلمان هو الشعب وليس أفضال الحكومات (اللهمّ إلاّ إذا استثنَينا برلمانيين “مُعيّنين” من الحكومة). والبرلمان لن ينتزِع هيبتَه إلاّ عندما تكون له أنياب. يبدو أنّه لا أنياب قانونيّة أو حتّى احترافيّة له الآن. ولكن يمكن إكسابه أنياباً رمزيّة. هذا ما فعله بيرام.
تحيّة لهذا المناضِل.
من صفحة الأستاذ أبو العباس ابراهام