العقبات الكأداء/الولي سيدي هيبه
إنه الفساد وسوء التسيير يلفان بردائهما السميك واقع الحال، وإن تُحاول أن تغطي عليهما ـ عبثا ـ الشعارات الرنانة التي تصدح بها أفواه المستفيدين وترددها أهازيج المغتبطين بالتمكين لهم في موارد الدولة ووظائفها التسييرية، يعيثون فيها لا خوف عليهم ولا يحزنون؛ لا يستنكفون عن الذكر غلوا لإنجازات كبرى في البنى التحتية تحت يافطة وجوب صيانتها والنداء باستمرار الساسة التي حققتها، وينسون، في لحظة الغلو تلك، رفعة أنفسهم بتحري الصدق في القول وحيث أن:
· أهم طرق البلاد مهترئة تزهق، كل عام في حفرها ونتوءاتها وأخاديدها العميقة، أرواح العشرات من المواطنين وتختلط أشلاؤهم بأكوام الحديد الصدئ في غياب أي نظام للإسعاف العاجل أو طرقي محكم،
· غياب أي سكة حديد تربط أوصال الوطن الوعرة وأطرافه المترامية كما هو الحال في كل بلدان العالم لفعاليتها وقدرتها الفائقة على رفع وتيرة التنمية ورفع مستوى التبادل بين كل جهات البلد لتحقيق التكامل والتوازن،
· والموانئ هي عبارة عن ممرات مفتوحة لرديئ البضاعة التي لا يخشى أصحابها من الموردين بخسا في مآثمهم ولا رهقا في تجاوزاتهم ومنعهم خزينة الدولة أتعاب الجمركة وحظر تقارير الرقابة ضدهم من فرط قوتهم وبالغ نفوذهم في دوائر السلطة، وشدة بأسهم العاتي عند التعرض لمصالحهم وفضح سلوكهم،
· توقف حركة المطارات الداخلية وضعف حركة الطيران المثمر في مطاري العاصمتين السياسية نواكشوط والاقتصادية نواذيبو؛ مطاران دون المستوى الذي يجري التغني به إذا ما قورنا بمطارات دول الجوار من بدون استثناء،
· التعليم الابتدائي العمومي الذي حرم من صروحه التعليمية التي بيعت في صفقات مجاملة وقد ترك ليتردى في دوامة ضعف المناهج التربوية وغياب الرعاية العلمية والفنية،
· التغطية الصحية الضعيفة رغم الذي يشاع من عظيم الإنجازات وتنوع التخصصات ودعم القدرات،
· احتكار المال العام من طرف جماعات منتقاة على أسس الولاء والزبونية ومسلكيات من قبيل التشبث بالماضوية التي تعتمد على القبلية السلبية والإقصائية الممنهجة في ظل تصفية الحسابات الضيقة؛ مجموعات لا تستثمر في المواطن ولا تضع لبنات الصناعة الوطنية،
· عجز المؤسسات التخطيطية والتسييرية عن الاضطلاع بمهامها السامية والتي من المفروض أن تكون علمية عملية بمن هم أهل للمسؤولية ومسلحين بالمعارف والمهارات المطلوبة،
· ميوعة حقل صحفي خائر، مستهجن وغير مهني يستخدم أغلب المنتسبين له لمهام تتنافى والرسالة المنوطة به في نبلها وجوهريتها، ضمن مسار عملية التنمية المتعثرة، من أجل إرساء قواعد الدولة ذات المفهوم الراسخ في الأذهان والمتجسد عبر السلوك المدني المتحضر؛ صحافة ورقية تفتقر إلى المطابع، والكترونية فوضوية تعمل بقانون الغاب وأسلوب الاستخبارات والابتزاز.
· هجرة أو صمت أو تهميش المثقفين المنتجين وتربع الوصوليين على عرش الحضور المتملق والتمكين بهم للغة الخشبية بكل أوجهها وسوء أهدافها.
تجليات لا تنكرها عين من رمد، وواقع لم تستطع لغة قلب الحقائق أن تغيبها عن عين الرقيب، تشكل جميعها المطبات الكأداء التي تقف عائقا أمام أي تحول من أي نوع يبعث الأمل في أنه إن حدث قد يحمل معه تباشير العدالة الاجتماعية ورسوخ مفهوم الدولة والتحلي بالسلوك المدني ويحقق الوحدة الوطنية التي لا يضمن قيامه البتة إلا أن يشيع العدل ويحارب الفساد وتسير الموارد بروح وطنية وإخلاص للبلد ونهضته واستقراره ورفاه ساكنته.
فهل توحي قتامة هذه اللوحة، التي يصر المتزلفون على إضاءتها سدى بمساحيق العبثية والتضليل، باستشعار إرادة جديدة إلى إعادة رسمها بألوان الهِمة الصادقة الأصلية وإضاءتها بوهج أشعة الأمل المنتظر بعد إزالة هذه العقبات الكأداء؟