عودة خطر الأقلام المأجورة / الولي سيدي هيبه
الزمان انفو _
أنتم يا من تدعون الكتابة وأنتم مأجورين ويا من تدعون أنكم أصحاب الأقلام الوطنية وأنتم أصحاب الأقلام الفاسدة و المأجورة و…. أنتم يا عبيد (الدينار والمال) أين ستذهبون من الله يوم الحساب، أنتم عبيد (الدنيا) فهذا ليس غريبا عليكم لأنكم مثل الغبار تحركه الرياح هنا وهناك قبل أن تجمع ويتم وضعه في سلة المهملات، و لأنتم من أضحى في هذا البلد آفات ضارة لا تنفع، يحركم و يديركم الفاسدون والحيتان وأحيانا ضد من يكتب عن هذه الحيتان ونن الفاسدين واصحاب غسيل الاموال.أنتم يا أصحاب الاقلام المأجورة والقلوب المتعفنة والوجوه المقيتة والعقول الخاوية لن تغيروا شيئا بأقلامكم المستأجرة وسوف تكونوا عبرة في النهاية لأنكم واقلامكم منحرفون.” من رسالة مواطن أردني ألى أصحاب الأقلام المأجورة
مرة أخرى وبعد الصدمة المهولة التي تلقاها أصحاب الأقلام المأجورة والضمائر الممسوخة والأمزجة المتقلبة والنفوس التي لا تشبع، ها هي ذي المواقع الالكترونية تستقبل إنتاجها الجديد الذي، وإن تقلبت فيه الوجهة، فإن أسلوبه ومحتواه ما زالا بذات الحمولة من الغلو في المدح والبعد عن الوسطية في التعبير عن الخيرات…
وكحليمة التي عادت إلى عادتها القديمة، ها هي ذي بلا حياء ولا تريث تبني من جديد قصور أوراقها التي عبثت بها رياح التغيير ومعتمدة في ذلك على قوة حربائيتها و سيل حبرها.
“افعل ما شئت، أنت في موقع القوة!”
أي بلد أظلم من ذاك الذي يأتي القرار فيه، بالتعيينات والترقيات والإقالات والمحاسبات المزاجية وتسليم الصفقات، من خارج الدوائر الحكومية على أيدي قبليين ومن جماعات التحكم في المال العام، لا عمق ديني أو أخلاقي لهم اللهم ما يغطون به جرأتهم وشدة بأسهم. فمن ذا الذي يشك بعد هذا في عبثية التعيينات في بلاد “افعل ما تريد إنك في موقع القوة، ولك الساعة التي أنت فيها، ويومك يوم قوتك”؟
ومن ذا الذي يستطيع إذا، بمعرفة هذا الواقع المرير الساري، الوقوفَ في وجه هذا النظام المجتمعي “السيباتي” الذي يأخذ شرعيته “المفترية” من عمق تاريخ عصي على التغيير والتحول، ومن غياب قراءة وطنية في سياق الدولة الحديثة، المولودة من رحم اللادولة، التي تأبى، بفعل هوان نخبها التي هي أشد قبلية وأضعف همة وأسهل إغراقا، أن تنساق لمقتضيات قيامها ومتطلبات أسس المواطنة فيها؟
هل قريب أم بعيد؟
لن يكون إصلاح اجتماعي ممكنا في أرض “التناقضات الكبرى” ما لم تحسم مسألة الفسق التعاملي الذي يغض عنه أهل الدين من علماء وفقهاء وأئمة ودعاة الطرف وهو كليل، ويقبله المجتمع ويرفع من شأنه الشعراء والغاوون في حضن أهله بقوة ازدواجية الخوف منهم والتمتع بمهاراتهم اللاهية الماجنة في النفاق والتملق والمدح بالباطل والهجاء بالمجان.
ولن يكون إصلاح سياسي ممكنا ما لم تتحرر “السياسة النبيلة” ـ التي لم تكن يوما كذلك في أرض “السيبة” ـ من قبضة الماضوية بجاهلية التراتبية فيها وسكر خمور الكبر والاستعلاء والحيف والاستئثار بالقوة والمال عن طريق إحكام زائف “وجاهات النسب والمكانة”، وتسير الأحزاب بالمنهج الديمقراطي المتعارف عليه والذي يتيح التنافس على أساس وبهدف بناء دولة المواطنة.
ولن يكون إصلاح ما لم يتوقف الفساد الذي جعل البلد يجثو على ركبتيه ومقدراته الكثيرة هشيما تذروه الرياح، وما لم يحاسب كذلك المفسدون المدمرون والمبذرون أصحاب الشياطين، وتستعاد للخزينة أموالها كي تصرف في أوجه التنمية المتعثرة فتعود بالفائدة على الشعب المقهور والبلد المنكوب.
ولن يكون لهذه الأمور الممتنعة/السهلة أن تكون إلا أن يدب وعي كاسح في أوصال الشعب وتنضج نخبة سياسية وطنية مخلصة وأخرى مثقفة مجردة من داء الكبر وفيروس النفاق ومتحررة من قيود الكسل.
فهل الوقت ما زال مبكرا على ذلك أم أن أعراض التحول بدأت تلوح في أفق المنعرج الجديد؟