خلف الأبواب الموصدة في ليل انواذيب/عبدالله الفتح
في إحدي أماسي يوليو الحارة قمنا بالتجول في بعض الأزقة و الحواري بالعاصمة الإقتصادية؛ وكنا نود تسليط الضوء علي ظاهرة البغاء المنتشرة في أنحاء المدينة..مررنا من حي القيران حيث الأماكن الموبوءة القذرة، وألقينا نظرة علي المنطقة الحمراء كما يسميها بعض البحارة هنالك..
وخلال تجوالنا في الجانب المطل على الجهة الموالية للسكة الحديدية لاحظنا كيف كانت حركة السيارة تشى بالخبث..بعض السيارة يقضى أوقاتا طويلة فى الذهاب والإياب أمام البيوتات المفتوحة دوما والمنبعث منها ضوء أحمر يشى بالإثارة..ومرة نرى البعض يتظاهر بالتبول غير بعيد من باب مفتوح , وحين نرقبه عن بعد لا يلبث أن يوزع التفاتات الحذر، وينطلق إلى الداخل كالسهم الشارد أو كقذيفة مدفع..رأينا أجنبيات زنجيات..بأشكال و أحجام مختلفة ومقززة ، كل واحدة تقف كالصنم الرابض أمام معبد..و لاتعدم أن ترى شخصا طيبا يمر موزعا اللعنات والشتائم ، وملقيا بالمسؤولية علي اللذين يؤجرون لهن..مضى وقت طويل فى البحث بين الأماكن المشبوهة والبارات علّنا نجد مومسا تقبل الإدلاء لنا بحديث، وفجأة ظهر الخيط الذى أخذنا إلي حيث التقينا إحداهن لتتحدث لنا بحذر عن ماضيها , و عن الدافع الذى ألقى بها في أحضان منحرفين وشذاذ آفاق. قرب إحدي الحارات الواقعة في حي غير بعيد من البحر، كان هناك شخص لفت انتباهنا إليه بممارسته لحريته بلا حياء، تحت ضوء القمر..اجتزناه قليلا ونزلنا لنسير نحو المبنى المغلق لملاحظة ما يحدث داخله..وما إن اقتربنا . حتي أطل علينا زنجى يقول إن الدراعة تحظر هنا.. وعدنا لنغادر وإذا بالفتى يزرر بنطاله، اقترب منا قائلا: أريد سيجارة من فضلكم..كنت أظنكم من ألئك الذين يبتزون أمثالى مبرزين بطاقات شرطة، أحيانا تكون زائفة.. عرفنا أنه من يصلح للمهمة .. أعطيناه سيجارة.ولما سحب نفسا عميقا وأخذه حديثنا,بدأ ينفث الدخان و يرقب سحبه فى الهواء و يقول: يأتون دائما هنا لإبنزاز الناس.مرة أعطيت أحدهم كلما كان عندى ليطلق سراحى..أعرف واحدة جاءت حديثا لها نهد كالتفاحة..
إنه صعلوك هوى..بعدما تحدث كثيرا وحكي عن شخصيات مرموقة يعرفها فى إطار الزمالة.زمالة الأصدفاء و الأجواء-les potes-لفظها بطرب.وكرر كلمة -لامبيانس-وبدأ يرطن بفرنسية ركيكة..كانت تفوح من فمه رائحة خفيفة لعلها رائحة الجعة..طلبنا مساعدته في ترتيب حوار مع بغي، .قال إنه علي استعداد وبالمقابل طلب أن نستره..كرر لا أريد شئ أي شيء.. أنتم طيبون…فقط من ستر مؤمنا فكأ نما ستر الناس جميعا..قلنا مصححين:..ستره الله في الدنيا والآخرة.. قال وهو يهز رأسه في قدسية: صدق الله العظيم.. ثم أضاف: هذا ليس وقت الكلام المقدس. قال إنه يعرف أنه يرتكب خطيئة ؛لكنها قدره؛..وكنا نعتقد أنه يهذى ؛إلا أنه كان يعى ما يقول,فبعد رحلة مضنية من البحث فى مخابئ كابانو والبيوت المفتوحة طيلة الليل,رغم أن الشرطة تشن حملات من آنٍ لآن وتعتقل بعض الفاجرات بها, إلا أنهن عندما ينكرن أمام قاضى التحقيق ويبرز بعضهن أوراق زواج صورى يطلق سراحهن, ليهرب بعضهن ؛لمدة؛من المدينة ويغير البعض الآخر بيوتهن.
بعد كل دلك أستطاع مرشدنا اكتشاف مكان لبغي يرى أنها من بين القليات اللآتى يستطعن الحديث إلينا..دخل إلي منزل به غرف متراصة, وبعد مدة خرج إلينا سائلا: ألا يمكنكم تأجيل الموضوع؟ أجبناه بضرورة الإنتهاء منه بسرعة. عاد إلى الغرقة, وعد برهة رجع إلينا قائلا استطعت إقناعها بصرف الزبون الذى كان يريد المبيت, ولأنه دفع مسبقا فقد أعطته موعدا آخر ,لدا يجب عليكم التوارى حتى يخرج..اخترنا ركنا غير بعيد..خرج الرجل البدين يحمل مفاتيح سيارته التى أخفاها فى شارع قريب ..ودخلنا فإذا بفتاة نصف زنجية، تخطو نحو نهاية العقد الثالث..وهناك باب يؤدي إلى غرفة أخرى, والمسجل يصدح بصوت سدوم وبالقرب منه أقراص وأشرطة مختلفة. سلين ديون..نجوى كرم .أريك..ولد حمبارة. المعلومة.لبابة.علية.وبعد حديث تخللته عبارات إفرنجية لاكتها ألسنة الشباب..من قاموس خاص يصعب فهمه إلا علي شباب لميليى: المكان بتعبيرهم..أحيانا تلقى على صديقها عبارات بلهجات محلية مختلفة.إلى أن أعلنت استعدادها للمقابلة: المهم أن لايظهر اسمي وأن لاتشيرو إلى المكان.قد لاأقرأ ما ستكتبون لكن صديقى مطلع علي الصحف..و بعد افتخا رها بأن أول من فض عذريتها هو ابن شيخها المشعوذ. دار معها الحديث التالي:
سؤال:أما الإسم فلا يهمنا لاطبع فقط نريد معرفة الدافع الى هذا السلوك؟
– هناك الفقر, بالنسبة لي على الأقل الحاجة هي التى تدفع بي إلى البغاء..فالأزمنة التى يكون لي فيها زوج أمتنع عن خيانته طالما وفر لي كل ما أريد.
سؤال:متى وجدت نفسك هكذا..؟
– بداية تاريخى مع اصلاح لخبار الفجور بصراحة ..كان منذ زمن بعيد حينما اغتصبنى ـ قالتها بالفرنسية ـ ذاك ال يعطين بركت(ابن شيخ صوفي)فى مدينة نائية ،وأعتز بأ نه أول من فعل بى ذالك-تقولها بتهثك- وبعد مدة من ذلك أصبحت معتادة علي ممارسة الدعارة مع من هم فى سنى آنذاك..شيئا فشيئا أصبحوا يدفعون لى..اعتدت علي ذلك إلى أن تزوجت لأول مرة وأخذنى زوجى إلي هنا,لأتوقف عن ذلك العمل لمدة , إذ أنه كان يوفر لي احتياجاتى من دخان و..
سؤال:ألا يمكننا الحصول على تفاصيل عن تلك الحادثة ,وكيف تصرف الأهل؟
-لا من فضلكم لا تتكلموا عن أهلى ,لقد غادرتهم منذ تزوجت للمرة الأولى,لا أريد إعطاء تفاصيل , أزور أهلى من آن لآخر , ولا يعرفون عني سوى أننى أصبحت امرأة متحررة أتزوج من أشاء…. سؤال :ألايتحمل الأهل جزء من المسؤولية عما حدث لك ..
-مفاطعة:لا ..كانوا يوفرون لى كل ما لديهم وإن كانوا فقراء,أحاطونى بالرعاية وبالحب حتى تزوجت ,وكثرت أغراضى, ومنها أصبحت المسئولة الوحيدة عن نفسي,حين اختلفت مع زوجى , أصبحت أتطلع إلى الرجال والمال..
سؤال: ولماذا اختلفت معه ؟
-أصبح مزعجا..لم أطقه..أصبح يدفعنى إلى الغيرة باستمرار.إلا أنه علمنى كيف أحيا الحياة الجميلة .لفظتها بالفرنسية. أصبحت ألهث جاهدة لتحصيل الدراهم..فكلما تمكنت من تحصيل المال شعرت بمذاق أحلى..ولذا أصبح هذا النمط من الحياة يأسرنى.أنا بلا إخوة ولذا أشعر أحيانا بضرورة مد العون أيضا لأبوي ..
سؤال:هل لديك مؤهل علمى؟ هل بحثت عن طريقة للعمل غير هذه؟
لدي الثانوية العامة , وتعلمت الطباعة . وحين كنت متزوجة كنت أبحث عن عمل دون جدوى..أنت تفر دون عقلك,هل تعتقد أن كل من بحث عن عمل يحصل عليه؟ وحتى لو حصلت عليه فهل تعتقد أنه يوفر لى احتياجاتى؟
سؤال:ألا تفكرين فى الثوبة ؟
لا.. ليس فى الوقت الراهن..لكننى إذا ما قررت التوبة فستكون نوبة حقيقية بنية أن لا أعود إلي دعارة أوخمر أو حشيش. .
سؤال: أو تفعلين كل ذلك؟
-وماذا فى ذلك.؟ لاأفهم لما لا تستغربون كذب الناس دونما هدف..وسرقتهم ,وتحايلهم . وتستغربون الشرب والمخدرات ,وهي أمور تجري فى الخفاء ونحن لا نعلنها لأحد, بينما المخالفات الأخرى تجرى علنا..لما التركيز على البيوت المغلقة.الشوارع ملأى بممارسات البغاء..يأتون من الصحراء والمغرب وحتى الصين وروسيا وأكرانيا ويقفن على كل شارع أو في مطعم وهمى، وفى كل الأوقات، وحتى في وضح النهار..وخصوصا قبيل الراحة البيولوجية للبحر.
ألم تفكري فى إنشاء مشروع صغير؟
-لا رغم أن زميلاتى من بينهن من يمارس البيع والشراء ومن فتحت مطعما يديره عشيفها. -أصبح الآن ثريا بعد أن خرج من عملية تهريب مرفوع الر.أس
سؤال:أو تعشقون؟
تضحك قائلة:نحن دي فيفيز -.نعيش الحياة كما يحلو لنا..وما نحن فيه من ضلال لأننا نعيش بحرية مطلقة. ومن وافق مزاجنا وأحببناه ,نشقي من أجله وننفق عليه..ولأننى مقتنعة أن المال الحرام لا ينفع للاستثمار فلم أكلف نقسى عناء ذلك..ثم إننى أعيش ليومى , ولربما فعلت إذا وجدت زوجا صالحا غنيا..-تمضى في استعراض أحلامها الوردية اللا نهائي .
سؤال:ما أقضل الفرص التى تدر عليكم دخلا كبيرا؟
للمهنة أسرار..لا تنسوا..لا كن عندما نكون فى حفل أو “ويكند” مع رجال كبار..يسمع صرير الكؤوس.والدنيا بخير.يطلب بعضهم الرقص ..ويكون الكل ثملا.. يجن بعضهم لأتفه حركة تصدر عنا على وقع الموسيقي والأباريق.. وحينها يدخل أحدهم غرفة نومه ويخرج مئات الآلاف ليلقيها على أجسادنا المرتجة..ويفرغ الآخرون جيوبهم.
تدخل زميلتها وتسر إليها بشئ..تستأذن لينتهى الحديث..إلا أننا نصر على اقتناص دقيقة من الصيد الثمين..في الطريق إلى الباب تقول ضاحكة: إن الأيام التى يكثر فيها الأجانب بالفنادق تكون بالنسبة لنا أعيادا..نسهر معهم.نسقيهم حتى الثمالة..ثم نسلبهم ما يملكون.لدينا أصدقاء أصحاب تاكسيات، يزودوننا بأخبارهم.. نأسف لاختفاء بعض الظواهر من الفنادق التى بيعت.
ثم ودعناها.!