كاتب شهير : علينا الحفاظ على ولد يحيى وعليه الإعتذار للفقراء
الزمان انفو _ أما فيما يتعلق بأحمد ولد يحي فالأمر بالغ التعقيد، وانا ممن اختاروا التأني لبعض الوقت للتفكير في الموضوع، الا ان ضغط القضية وسرعة انتشارها تحتم الادلاء بالرأي ومواكبة بعض التطورات.
انا في الحقيقة معجب بديناميكية الرجل، وبعمله في السنوات الماضية، رغم انني مستمع جيد للانتقادات التي توجه لعمله، واعتبرته غالبا الرجل المناسب في المكان المناسب.
واكبت عمل ولد يحي منذ ترشحه لمنصب رئيس الاتحادية الوطنية لكرة القدم، عندما خاض حملة ضد صديقه المصرفي ولد العباس، وناصرته من منطق “مع الناس الي تحت٠٠ ضد الناس الي فوق” عندما كنت أدير النسخة العربية من موقع “نور إنفو” برفقة طيب الذكر لوراه بريير مراسل رويرز السابق في موريتانيا الذي کان شريكا في تأسيس الموقع بنسختيه الفرنسية والعربية.
واعرف الجهود التي بذلها ولد يحي، واعلم انه نقل كرة القدم من مستوى في الحضيض الى مستوى متقدم، ومؤمن ان كرة القدم الموريتانية لن تكون ابدا كما كانت قبله.
واضح ان الرجل مجتهد، وانه مخطط بارع، وانه جاء في وقت ما من تاريخنا ليقول ان صناعة كرة القدم في بلادنا ليست امرا مستحيلا.
طيب هذا الحديث كان جزء من حوار سابق مع السيد ألفريدو ريلادنيو مدير صحيفة آس الاسبانية الشهيرة خلال غداء عمل في مطعم هادئ في العاصمة الاسبانية مدريد، تحدثنا فيه عن كرة القدم العربية والموريتانية، كان ذلك حينها بداية انفتاح صحيفة آس على العالم العربي ومن ضمن الحديث سألني ريلانيو عن ولد يحي.
وكصحفي اعرف جيدا مالذي يعنيه ان يسأل عجوز اسباني يدير صحيفة آس وافنى عمره في الصحافة الرياضية عن شاب من بلدي بدأ يلفت الانتباه.
كان ريلانيو معجبا بتجربة ولد يحي، بحسب ما بلغه عنها في حينه، وبدأ يسأل عن ظروف كرة القدم والآمال التي لدى الجمهور، وواقع الاستثمار في الرياضة، وقد نقلت له اعجابي بالشاب وانني اتوقع ان يحدث ثورة في كرة القدم.
لم يتغير الكثير منذ لقائنا ذلك في مارس 2015 بخصوص موقفي من ولد يحي، ولكن الرجل تغير كثيرا، فقد انتقل من ايقونة، الى رجل يقف على اعتاب ان تتمزق صورته، والحقيقة ان صورته –رغم الانتقادات- ظلت مقبولة وحية في ذهن الجمهور حتى كبوته الأخيرة.
تصريحات ولد يحي الاخيرة وضعتني –على المستوى الشخصي- في موقف صعب، حيث لا يمكنني بأي حال ان اقف ضد “البروليتاريا” خصوصا اثناء تعرضها لتصريحات برجوازية تنقص من حجم الفقير وتمجد السياسات المالية العالمية المبنية على استغلال السوق للجماهير، وتتناسى ان كرة القدم ظلت دائما جسرا لإسماع صوت الفقراء، هذا بغض النظر عن محاولة التغطية التي حاولها ولد يحي في بيان توضيحي.
لنكن واضحين: لقد أساء ولد يحي للفقراء، عن طريق التأفف من مطالبهم المشروعة بخفض سعر قميص منتخبهم الوطني الذي لم يكتفوا بتشجيعه بل تبرعوا له عندما كان بحاجة إليهم، وتجاوز هذه النقطة ومعالجتها قد يكون احسن بكثير من محاولة التلاعب في موضوعها، لان ذلك سيوسع الخرق على كل من يرومون ترقيع الموقف.
ثم انه في موجة الأخذ والرد في هذا الموضوع سرعان ما انفجرت قضية سرقة تصميم قميص المنتخب الوطني، وذلك قاد لتساؤل ذكي حول الشركة التي صممت القميص، ومن اختارها لتصميمه وهي شركة مغمورة قد يكون في موريتانيا من هو أفضل منها في نفس العمل، ثم التساؤل عن سقف هذه الصفقة الغريبة.
واضح ان ضغط وسائل التفاعل الاجتماعي ساهم في التصدي للإساءة التي صدرت من مدير الاتحادية الوطنية لكرة القدم، وواضح انه تم من خلال هذا الضغط تمرير اسئلة محورية.
لكن ما هو أصعب من تمرير الاسئلة، ومن اثبات الحقائق، هو التأسيس منذ الآن لمعادلة مركبة تتيح لنا مخرجا معقولا وعادلا للقضية نعتقد انه ممكن عبر ثلاث نقاط:
– الاعتذار الصريح عن تصريحات رئيس الاتحادية تجاه الفقراء، والكف عن تبرير هذه التصريحات او إعطائها تفسيرات.
– كشف المعلومات الكاملة التي أحاطت باختيار الشركة التي صممت قميص المنتخب الوطني وحجم الصفقة التي تمت معها وكل الملابسات المحيطة بالملف.
– الحفاظ ما أمكن على صورة بطل الكرة الموريتانية -اذا لم يتعارض هذا مع نتائج كشف المعلومات- وانا هنا على دراية ان بعض المدونين غاضبين بالفعل، ويهاجمون بشراسة، وتتم مواجهتهم ببعض التعنت، لكن يجب ان نفهم ان خسارة الكرة الموريتانية لولد يحي ستكون خسارة مؤلمة.
يجب ان نحافظ على هذا الرجل، وعلى صورته، لا يزال بامكانه تقديم الكثير للكرة الوطنية، ويمكنه ايضا ان يكون مرشحا بقوة لمناصب في مؤسسات دولية، ما سيعطيه فرصا لخدمة الرياضة الموريتانية، ويجب ان لا نحطم الاشياء التي يمكن اصلاحها.
اعتقد ان هذا هو مثلث الصفقة العادلة التي يمكن ان نخرج بها من كل هذا الضجيج، اما إذا تحتم علينا ان نخسر مشاعر الجمهور، او نخسر الرجل الذي اعاد الأمل لملاعبنا، فاننا حقا سنكون امام موقف يستحق الأسف.
يجب ان يعمل رجال ونساء لتحقيق معادلة سليمة تخرج الجميع من أزمة تأتي في الوقت الخطأ.
الربيع ولد إدومو