أي صديق، عند ساعة المحاسبة/الاعلامي احمد ولد الشيخ
ألقى التحقيق المعمق والمفصل المنشور في حلقتين الأسبوع الماضي من قبل موقع “آفريك كوم” عن النهب المنظم لموريتانيا من قبل حفنة من الأشخاص بغيوم من الظلال على حكم محمد ولد عبد العزيز.
ذلك الرجل الذي جعل من نفسه قدوة في مجال القيم الفاضلة، وبطلا لا يؤمن بالقبلية في إطار محاربة الفساد، ويزعم أنه رئيس الفقراء لم يتقن على ما يبدو إلا مسألة واحدة هي: الإثراء على قاعدة “ما في المدينة أحوج منا” ومن أقاربنا.. ذلك الذي في أربع سنوات قام بأسوأ مما قام به جميع من سبقوه مجتمعين.
في مجال البناء والأشغال العامة، والمعادن، والمحروقات، والتأمين، والخدمات، لا شيء يحيد عن جشع الحفنة المحيطة به من “المخلصين الجدد” .
وإذا صحت رواية الموقع المذكور فإنه حتى شركة اسنيم التي كانت تمثل زهرتنا الاقتصادية في مجال الصناعة والمعادن , والتي ظلت دائما بعيدة عن الرداءة التي اجتاحت كل قطاعاتنا لم تسلم هي الأخرى.
فصهر الرئيس تم اكتتابه من قبلها خلال جلسة لم تشهد أي مسابقة، وبدون أي تدريب ولا امتحان، ثم إرساله مباشرة إلى فرنسا في مهمة تستغرق 50 يوما، شيء لم ير من سرعة الاكتتاب لموظف في تاريخ هذه المؤسسة، وأسلوب كان يمكن أن يكون أكثر لباقة: ماذا تمثل 13500 أورو (مبلغ تعويضات مهمة صهر الرئيس المحظوظ) بالمقارنة مع الانعكاسات السلبية لمثل هذا التصرف على سمعة المؤسسة وأداء الرئيس؟
وما لم يعتبرنا أغبياء، فإن الصهر (ولد عبد العزيز) لن يستطيع أن يتحدث إلينا مستقبلا عن التكافئ في الفرص، ولا عن الثراء غير المشروع، ولا عن المحسوبية.
قبل أشهر من وصوله إلى السلطة قال ماكي صال بأن السينغال وصل إلى درجة من الفساد تحتم معها على الرئيس المقبل أن يقوم بجرد لوضعية البلاد ويحاسب المسؤولين عنها، وقد قام هو بذلك فعلا، فمنذ وصوله للسلطة في هذا البلد وبارونات نظام واد يتساقطون كالذباب وكل من استفاد منهم من تلك الوضعية يواجه المحاسبة أمام العدالة.
فماذا نقول نحن عن أنفسنا؟ السينغال لم يمر بمرحلة كهذه سوى في عهد واد بينما يرزح بلدنا بلا توقف منذ 1978 تحت رحمة ناهبين لا يعرفون أي خجل، وقد حلقت بالسذج من الناس خيالاتهم موهمة إياهم أن ولد عبد العزيز يستطيع أن يفتح نافذة مضيئة في هذه السماء الملبدة لكنهم لم يلبثوا أن عادوا بخيالاتهم إلى الأرض، فمحاربة الفساد ليست سوى شعار يرفع، ولم تلبث حليمة أن عادت ركضا إلى عادتها، بل بوتيرة أسرع، وأفطر الناس بعد صوم سنة على جرادة، ولكن هذه المرة ليس كل الناس بل حفنة من المغمورين الذين يدورون (لكم من الزمن؟) في فلك البلاط.
نصيحة جيدة: تمتعوا بهذه الخيرات، ولكن تأكدوا مما سيجيئ بعدكم قبل فوات الأوان، فإن ذاكرة “بوتيننا” الوطني قصيرة، ورد الجميل لا يمثل فضيلته الأساسية، وأكثر من ذلك لا تنسوا أنه في يوم ما ستأتي المحاسبة، ومن لم تكن حساباته جيدة فلن يكون له أصدقاء جيدون.
افتتاحية القلم