ولد منصور يرفع دعوة على صحيفة جزائرية وصفته بالإرهابي الدولي (مقابلة)
أثار السبق الصحفي لوكالة نواكشوط للأنباء أثناء الاعتداء الإرهابي على قاعدة الحياة بتڤنتورين الكثير من التساؤلات حول العلاقة بينها وبين المجموعات المسلحة إلى درجة أن بعض الصحف اتهمت صاحبها بـ”التعاون مع الإرهابيين”.
وهو ما دفعني إلى تقصي الحقيقة والاتصال بالسيد محمد محمود ولد أبو المعالي المدير التنفيذي للمؤسسة الموريتانية للصحافة والنشر والاتصال والطباعة (M A P E C I )، التي تشرف على إذاعة نواكشوط الحرة ووكالة نواكشوط للأنباء التي يرأس تحريرها أبو المعالي، وقد سجّلت هذا اللقاء معه في إمارة الشارقة بالإمارات العربية المتحدة أثناء انعقاد منتدى الاتصال الحكومي يومي 24-25 فيفيري 2013م.
متى بدأ اهتمامكم بأخبار الجماعات المسلّحة؟
كان ذلك عام 2004 عندما أحسست بأن العمل المسلح سيمتد ويتطور في المنطقة وأن موريتانيا ستتضرر منه، فتابعت الموضوع وقرأت الكثير عنه وكتبت مقالات حوله، كما قمت بإجراء مقابلات مع بعض القنوات، وعملت مراسلا لإذاعة ألمانيا من موريتانيا.
ومتى كان أول اتصال لكم مع الجماعات المسلحة؟
كان ذلك في شهر رمضان من عام 2008 مساء، حيث تكلمت مع أحد مسؤولي إعلامهم وكان يتابع مقالاتي والمقابلات معي فكان لي معه نقاش مطول، كان يشرح لي ماذا تريد جماعته وكنت أقول له “أن تشرح لي ماذا تريد فهذا أمر غير مقنع، فأنا أريد أن أعرف ماذا تتبنون، أريد أن أدرس عنكم وأقرأ ولست معكم ولا ضدكم، ولكنني أريد أن أكون محايدا”.
وما موقفك الشخصي من هذه الجماعات؟
طبعا موقفي الشخصي ضد الإرهاب، ولكن مجال بحثي يفترض عليّ أن أكون محايدا، وأنت أستاذ جامعي تدرك ذلك.
كيف توطدت الصلة بينك وبينهم؟
بدأت أتابع أخبارهم وأقرأ عنهم فبدأوا يرسلون لي بيانات وكنت أنشرها، وكانوا يختبرونني بها إن كنت أنشرها كاملة أو مقتطعة أو مقتضبة، وبعثوا لي بيانات حول معاركهم مع الجيش الموريتاني فنشرتها كلها بدون تحفظ، كما نشرت بيانات الجيش الموريتاني، وتمكنت العام الماضي من إجراء مقابلة مطولة مع مختار بن مختار نشرتها في موقع الوكالة.
وماذا عن رحلتك إلى الأزواد؟
سافرت العام الماضي إلى أزواد رفقة الصحفي سيدي محمد ولد بومبا، وقضينا 15 يوما بين قاوا وتمبكتو، حيث التقينا بعض قادة “القاعدة” وبعض قيادات الجماعات، وأجريت معهم مقابلات وكتبت عن هذه الرحلة مقالات مطولة بعنوان “رحلة إلى الأزواد ما بعد مالي”.
لنتحدث عن مقابلتك مع بلمختار وكيف تم ترتيبها؟
كان الاتصال عبر البريد الالكتروني الذي كانت تصلني فيه البيانات، فطلبت المقابلة وطلبوا مني الأسئلة فأرسلتها ودام الاتصال بيننا ستة أشهر قبل أن أحصل على المقابلة كاملة، لأن المفاوضات كانت معقدة بسبب سؤال محرج.
وما هو هذا السؤال المحرج؟
قلت لهم: أنتم متهمون بسرقة سيارات وأموال في موريتانيا وكنتم تقفون وراءها وتقولون إنها جهاد؟..طلبوا مني حذف كلمة سرقة، وقلت لهم”هذا سؤالي أنا وأنت في جوابك أكتب أنه جهاد، لكنه رفض وتعطلت المقابلة، وأصررت أن لا أحذف العبارة المتعلّقة بالسرقة، وبعد مفاوضات مع المسؤول الإعلامي قبلوا مواصلة المقابلة وإجراءها وقد استغرقت حوالي 6 أشهر.
إذا المقابلة أجريت عبر البريد الالكتروني؟
كانت أمامي عدة وسائل اتصال ومنها البريد الالكتروني والسكايب ووسائل أخرى لأنني لم أقبل بطريقة إرسال أسئلة وتلقي الإجابة عنها، فهذا العمل لم يعد مهنيا، ولهذا لجأت إلى طرح سؤال وبعد الحصول على الإجابة عنه ألجأ إلى طرح سؤال آخر قد يكون مستخرجا أحيانا من الإجابة.
لكنك التقيت بلمختار بعد ذلك لإجراء مقابلة لقناة “نيوز عربية” فأين تم اللقاء؟
كان اللقاء في قاوا في منزل القنصل الجزائري الذي أصبح مقرا لهم بعد اختطاف الدبلوماسيين.
وكيف تم ترتيب اللقاء؟
بعد فترة من الاتصالات وبعد أن قضيت 15 يوما بالمنطقة التقيته في اليوم السادس عشر.
ومتى وصلت إلى المكان المحدد؟
وصلت في حدود الحادية عشر ليلا مع زميلي الصحفي ومصور تلفزيوني وجاءني”الأمين بن شنب”، وكنت على سطح المقر فطلب مني النزول، نزلت وزميلي وبقينا حوالي نصف ساعة في الصالون، وبعد ذلك دخل مسلحون وبعدهم مختار بلمختار، وكانت معه مجموعة كبيرة من المسلحين إلى جانب “بن شنب” وجماعة أخرى لا أعرف أسماءهم علاوة على مسؤول الإعلام المدعو الجنابيب، فسلم علينا وجلس ورفض أن يتم تصوير المقابلة.
هل سجلوا اللقاء معك واحتفظوا بنسخة منه؟
لا أعرف إن كانوا قد سجلوا اللقاء، لكني لا أستبعد ذلك، لأنه بإمكانهم التسجيل دون علمي.
وماذا بعد إجراء المقابلة؟
أجبرت على قضاء 6 ساعات في بيت القنصل الذي تحوّل إلى مقر لهم.
هل سبق لك أن قرأت ما كتبه كميل الطويل عن مختار بلمختار في كتابه”القاعدة وأخواتها”؟
بعض الفصول من الكتاب.
ما لم ينشر من تصريحات عبد الرحمن النيجري
كيف تعاملت وكالتكم الإخبارية مع عملية الاعتداء على قاعدة الحياة بعين أميناس؟ وكيف تم الاتصال بكم ومتى حدث ذلك؟ ومن أول من اتصل بكم؟
أول من اتصل بي هو مسؤول الإعلام الملثم الجنابيب في حدود الساعة السابعة صباحا، وقال لي ما حدث في الجزائر هو”كذا وكذا” وانقطعت المكالمة، لكنه بعد خمس دقائق أعاد الاتصال بي عبر هاتف الثريا ليكمل لي حديثه، وعلمت من زميلي مدير الأخبار بالوكالة أن “أبو البراء” كلمني على الساعة الثالثة صباحا فقلت له بأن يستعلم من الخاطفين هوية المخطوفين، وفعلا كلمني “أبو البراء” وبعد مقتله صار يكلمني عبد الرحمن النيجري.
وكيف عرفت أن “أبو البراء” قد قتل؟
لأنني حاولت أن أكلمه مرة أخرى فلم يجبني فأعدت الاتصال به، فرد عليّ عبد الرحمن النيجري وسألته ماذا حصل؟ فقال لي “أبو البراء” قتل، وقتل معه عدد آخر، وبقيت على اتصال معه عبر الهاتف الثابت.
هل سجلت مقابلتك معها صوتيا؟
نعم هي مسجلة عندي.
ما الذي عرضه عليك “أبو البراء”؟
عرض علي أن أكلم إحدى الرهائن فرفضت.
ما الذي كان يريده من ذلك؟وماذا جرى بينكما؟
كان يريد أن أقدم نداءات هؤلاء الرهائن، وقال لي أن لهم مطالب، فقلت له:
“صوت الشخص ملك له وليس من حقك أن ترغم أحدا على الحديث”، فقطع الاتصال معي، وبعد أقل من ساعة سمعت أحد الرهائن يتحدث في قناة الجزيرة.
وماذا طلب منك حتى امتنعت عن تلبية طلبه؟
طلب مني توجيه نداء للشعب الجزائري حتى يمنع ارتكاب مجزرة، ونداء آخر لدول الرهائن ليضغطوا على الحكومة الجزائرية حتى يمنعوا ارتكاب المجزرة، لكن هذا لم أنشره وما نشرته كان أجوبة طرحتها عليه.
وماذا كان محور أسئلتك؟
ركزت على عدد الرهائن والمقتولين وعدد السيارات المحجوزة ونشرت المعلومات وامتنعت عن نشر النداءات.
هل كان يريد استغلال إذاعتك لبث النداءات؟
كانوا يريدون بث نداءاتهم مباشرة فرفضت أن أبث الدعاية صوتا وكتابة.
ما علاقتك بالمدعو “الأمين بن شنب”؟
لم تكن لي علاقة معه وأول مرة رأيته ثم كلمني بالهاتف بعد ذلك، وكان قبل سنتين وكان يحدثني عن حركة أبناء الصحراء وهي حركة لم أكن متأكدا من وجودها.
مع من التقيته؟ وأين؟
التقيته مع المسؤول الإعلامي الذي قدمه لي قائلا: إنه “بن شنب” زعيم حركة أبناء الصحراء، وسافرت معه من تمبكتو إلى قاوا ومنذ اللقاء مع بلمختار لم أره.
هل وزعت الحديث الذي أجريته بالهاتف مع “عبد الرحمن النيجري” أثناء الاعتداء على تڤنتورين؟ كيف حدث ذلك؟
أخذت مقاطع صوتية من حواري معه ونشرتها على موقع الوكالة، وبعد 7 أو 8 ساعات تم اختراق الموقع وأغلق الحساب، فاضطررت إلى توقيف البث على النات.
وما هو دليلك؟
تأكدت من ذلك من قناة الجزيرة وتلفزيون اليابان.. وهذه عملية سطو وأنا بصدد مقاضاة هذا التلفزيون، وقد كلمت السفير الجزائري في نواكشوط وقلت له بأن هجوما شن علينا واتهمونا بالإرهاب بسبب نشرنا تصريحات لزعيم القاعدة، ولكن وجدناها موزعة عبر العالم عن طريق السرقة، وأنا أتحداهم أن يثبتوا أن هذه العملية ليست سرقة.
هناك زملاء لك في الجزائر وصفوك بالإرهابي ولم ترفع قضية ضدهم فلماذا؟
صحيح أن هناك بعض الزملاء في الجزائر، سامحهم الله، وصفوني بهذا الوصف، وكان أبشع ما كتب في إحدى الصحف الناطقة بالفرنسية، المقال نشر عبر موقع “قوقل” وهو مقال سخيف وفيه معلومات قديمة جدا.
هل يمكن التوضيح أكثر؟
قالوا إنني أجريت مقابلة مع إرهابي دولي مطلوب اسمه محمد جميل منصور، في حين أن هذا الرجل هو زعيم حزب سياسي في موريتانيا ونائب في البرلمان منذ 2006، وهو معارض لنظام معاوية ولد سيد أحمد الطايع، وكان مطلوبا لدى الشرطة والأمن باعتباره معارضا سياسيا، وأجريت معه مقابلة فاعتقلتني الشرطة لأنني رفضت الإدلاء بمكان وجوده، وهو حاليا بصدد رفع دعوى قضائية ضد الجريدة الجزائرية المعنية.
لكنك التقيت مدير هذه الجريدة بتونس؟
صحيح التقيته واعتذر لي، لكن المقال كان قد نشر ووزع.
يقال إن الصحافة الجزائرية اتصلت بكم أثناء عملية الاعتداء على تڤنتورين للحصول على المعلومات؟
اتصل بي أكثر من ثلاثين (30) صحفيا جزائريا يسألون عن الخاطفين وأرقام هواتفهم، فرفضت تزويدهم بذلك لأنني لا أشتغل عندهم وأحتفظ حتى الآن بأسمائهم وأرقام هواتفهم.
وماذا عن اتصال القنصل الفرنسي بك في نواكشوط؟
من اتصل بي ليس قنصلا وإنما هو أحد المستشارين في السفارة الفرنسية بنواكشوط وزارني في مكتبي بصفتي باحثا متخصصا في الجماعات المسلحة ولي كتابات في هذا المجال، وشاركت في أكثر من ندوة وهناك عناصر من سفارات أخرى زارني منها أفراد للإطلاع على الأوضاع الداخلية والخارجية لموريتانيا.
وماذا جرى بينك وبين المستشار الفرنسي؟
سألني عما يجري في المنطقة، فقلت له “بالرغم من أن الإرهابيين سيئون ولكن الأخطر هو أن فرنسا تقدم صورة أكثر خطورة من الإرهابيين، فالشعب الأزوادي مخير بين الإرهابيين والجيش الفرنسي، فإذا كانت القاعدة قد ارتكبت مجازرا وجرائما باسم الدين والتنظيم فإنها حمت العرقيات من بعضها البعض، لكن أنتم الفرنسيين تركتم الماليين يذبحون العرب والطوارق على أساس عرقي، وهذا له تداعيات مستقبلية خطيرة، ومن غير المقبول أن تقارن دولة عظمى مع جماعة إرهابية…بعد خروج فرنسا ستترك الصراع قائما وتتحمل المسؤولية الأخلاقية على المجازر المرتكبة ضد العرب والطوارق”.
هناك من يزعم بأن حركة “التوحيد والجهاد” هي صناعة مغربية وأوروبية، ما قولك؟
أنا أتفادى دائما الدخول في لعبة الاتهامات، فقد سألني صحافي من قناة “فرانس 24” عن هذه الحركة قائلا: هل هي صناعة للتشويش في المنطقة؟ فقلت له: إن هذه الحركة قد أنشأت بعد عملية في الصحراء الغربية واختطاف رهائن من الجنوب الجزائري، وعملية التفجير في تمنراست وورڤلة، ثم اختطاف الدبلوماسيين الجزائريين وكل أعمالها ضد الجزائر، وأنا لا أريد الخوض في لعبة الاتهامات، وما أعرفه واتضح لي أن لحركة “التوحيد والجهاد” عداوة مع الجزائر.
هل ستطلق هذه الحركة الرهائن الجزائريين دون فدية؟
أستبعد ذلك، لأنها تشتغل من أجل المال والمصالح، وأنا لست متفائلا بإطلاق سراح الجزائريين لعدة اعتبارات: أن الجزائر وفية لمبدئها بعدم التفاوض مع هذه الجماعات والرافض لأية مساومة، وأن هذه الجماعات أيضا متمسكة بمواقفها دون أن تخسر ورقة الرهائن، أما بالنسبة للدول الغربية فهي منافقة تدفع وتعطي الأموال مقابل تحرير الرهائن.
وبالرغم من الحرب والهجوم الكاسح الذي تشنه فرنسا على المنطقة، لم يتم قتل أية رهينة فرنسية لأن المال المطلوب ما يزال مرجوا من الفرنسيين.
وماذا عن فكرة “أنصار الدين” والحوار مع الحكومة؟
هذه الحركة كانت تمثل ما يسمى بـ”الحركة السلفية المعتدلة”، وأعتقد أنه لو قدمت لها تنازلات لكانت قادرة على كبح جماح الحركات المتطرفة.(الشروق)