في عبثية الانتخابات غير التوافقية/ موسى ولد حامد
بعد أن كانت شديدة السرية، إن لم نقل غائبة بشكل كلي عن المشهد السياسي منذ إنشائها، قبل أقل من سنة، فاجأت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، التي لا يعترف بها جزء كبير من المعارضة، الجميع بأخذها المباغت، مساء يوم الخميس قبل الماضي، لزمام المبادرة وإعلانها تاريخ تنظيم الانتخابات البرلمانية والبلدية.
لا يبدو أن هذا الإعلان حظي برضى أي كان. حتى النظام نفسه، الذي من المفترض أنه كان وراء اتخاذ القرار المثير للانتقاد، يعطي انطباعا بعدم رضاه؛ إذ أن وسائل الإعلام العمومية –الوكالة الموريتانية للأنباء، الإذاعة، والتلفزيون- تجاهلت، بشكل كلي، بيان اللجنة وامتنعت عن نشره.
علامة أخرى على عدم الرضا في معسكر النظام تتمثل في التزام أحزاب الأغلبية، على عكس المعتاد، لصمت مطبق وغير مفهوم لقرار اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات. وقد جرت العادة على أن يقوم المنخرطون في هذه الأحزاب بالتصفيق، باليدين والرجلين، لكل ما يسير في الاتجاه الذي يحدده النظام.
أما بالنسبة للأحزاب السياسية المنضوية تحت لواء منسقية المعارضة الديمقراطية، فإنها تظل عصية على الفهم ولا تريد – حتى – سماع الحديث عن اللجنة الوطنية المستقلة الحالية للانتخابات. فمن باب أحرى قبول القرار الذي يميل إلى التعجيل بانتخابات غير توافقية.
إذن، ما الذي جعل حكماء اللجنة –أو المفترض أنهم كذلك- يتخذون هذا القرار؟ فهنالك شبه إجماع من الطبقة السياسية الوطنية على أن الوقت لم يحن بعدُ لإجراء انتخابات كان من المفترض أن تُنظَّم، منذ سنتين، بيد أنه تم تأجيلها إلى أن تكون ذات مصداقية ويتم قبولها من قبل الجميع.
لماذا إذن اتخذت هذه المؤسسة، التي من المفترض أن تعمل من أجل وفاق وطني، قرارا يدعو إلى الانقسام أكثر منه إلى الانسجام؟ ألم تتحول إلى مشكلة إضافية على البلد بدلا من أن تُشكل حلا للأزمة السياسية؟
ودون محاولة البحث عن إجابات على هذه الأسئلة، على اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات وصناع القرار ومختلف الفاعلين السياسيين أن يدركوا أن انتخابات غير توافقية لن تفيد البلاد في شيء؛ بل إنها تعيدنا إلى المربع الأول: الأزمة والتوتر السياسيين.
افتتاحية أسبوعية “بلادي” العدد 695 الصادر بتاريخ 5 مارس 2013
ترجمة: نور أنفو
El Mechri Ould Rabbany