قصة ” حمار ابيه ولد انكذي” وحكم القاضي ” اميي”

الزمان انفو –

طلب مني أفراد كثر أن أردم آوليك هذه المرة بقصة طريفة عن حمار أحمدو ولد انكذي الملقب (أبيه)، وكنت قد قصصت من خبر هذا الحمار ذكرا في حلقة من ركن أدبي ضمن برنامج في الإذاعة الوطنية يدعى “المجلة الثقافية” سميته آن ذاك جماليات تراثنا الأدبي (عام 2000).
كان لأحمد ولد انكذي رحمه الله حمار قوي لو كان على قيد الحياة في أيامنا هذه، لأحدث صراعا محتدما من بين أصحاب الحمير التي تجر عربات الماء متعبة منهكة ولا أحد يعطف عليها إلا بالعصي والهراوات والزجر العنيف يغلق بين السماء والأرض، ولا تجد من “الحش” سوى حش القلوب! فهي كالمعلم الذي يتساوى عنده مبدأ المكافأة والعقوبة بطرفيه المتناقضين.
أبلى حمار ابيه بلاء حسنا في حمل الأثقال والورود إلى عيون الماء والآبار سواء في منطقة “شمامة” في فصل الشتاء أو في منطقة “لعكل” إذا اتجه الناس نحو الشمال مع أولى قطرات الغيث.
أسدل الظلام ستره الكثيف على غابة “كيوه” ذات الأشجار الملتفة وهدأ كل شيء إلا الدب الغبي الذي رصد الحمار الغالي ولم يتمثل فيه قول الشاعر:
ولقد أبيت على الطوى وأظله
حتى أنال به كريم المأكل
يا للمفاجأة! اختفى الحمار ولم يعد كعادته كل صباح أمام خيمة أهل انكذي في “لفريك” وتساءل الناس؟! وانتشر الخبر…
لقد أكل الدب حمار ابيه، وما أدريك ما أبيه؟ وترقبوا رد فعله فماذا كان منه؟
كابون ابلا نزاع
قابظْ راصْ أروْباع
عن لحْمَيرْ ما راعْ
جاه امنْهوْنْ أهوْنْ
واعكبْ بيه المجاعْ
كال ذاكْ المظنون
مَخَلاَّهْ إلِّ كاعْ
بعْراكيبُ وإخونْ

واكتن ما يَدْرَ
صونْ العرض الملْعون
ابكات اهل الستْرَ
والعوْن افْمُولْ العوْنْ
سمع القاضي محمذن ولد محمد فال “إميي” هذا النبأ الذي طارت به الركبان فأصدر هذا الحكم الطريف:
“بسم الله الرحمن الرحيم
هذا وإن الحمار الذي هجم عليه الدب ليلا في “كيوه” لأحمدو ولد انكذي، لا تجب فيه الرزية بالكلية، بل يجعل نصفه على أهل المروءة، والنصف الآخر على الدب وأمثاله”.
وسمعت من بعض الثقات أن رجلا شهما من أهل الفضل يدعى سيد ألمين ولد عاوِنْ رحمه الله كان سباقا إلى الصف الأول من أهل المروءة ممن استنهض فيهم حكم القاضي التعاطف مع “ابيه” بعد هذه الكارثة العظيمة أنفة من أن يكون من أصحاب الدب.
وطبيعي أن يكون الناس نوعين في هذه الحالة سنة الله في خلقه وعلى هذا جاء حكم القاضي الذي جعل الناس يتنافسون في مواساة (ابيه) بطيب خاطر وكرم ومودة.
هذا وسبق أن كتبت في هذه الزاوية عن راتب القاضي الذي كان يوزعه بين ذوي الحاجات على شكل “بوهات” لأصحاب الدكاكين.

منتدى الشعب
ردم آوليك حكم أدبي طريف
نواكشوط, 11/05/2011