قاموس عُقد عزيز / سيدي علي بلعمش
الزمان انفو –
تماما مثل “عر” لا يبالي عزيز عادة بما يقال عن “تمرغه في طين الجشع و الرذيلة” و لا يكترث بما يمس العرض و السمعة و الشرف: هذه كلها خرافات في مفاهيم الطفولة المشردة.
مشكلة ولد عبد العزيز الوحيدة ـ و هذا محل تواتر الجميع اليوم ـ هي جمع المال بأي طريقة مشروعة كانت أو غير مشروعة، نبيلة كانت أو غير نبيلة، ممكنة كانت أو مستحيلة..
لكنه حين يفكر في طريقة للاحتفاظ بهذه الأموال القذرة، المنهوبة بأعلى درجات الغباء و الجشع و التلصص البدائي، تكون بعض الوقائع و الأسماء مزعجة لاعتراضها طريق نجاته و من هنا كانت حساسيتها في نفسه ، لا بسبب قبحها و لا شذوذها و لا ما يمكن أن تعنيه دينيا و لا اجتماعيا و لا أخلاقيا و لا معنويا.
لا ئحة طويلة من الوقائع و الأسماء ستظل عقدة ولد عبد العزيز حتى وقوفه ذليلا أمام القضاء، نذكر بعضها هنا كأمثلة فقط من لائحة طويلة ، عريضة :
دروغ، مامير، كومبا با، غانا ـ غيت، بلوكات، بوعماتو، مدرسة الشرطة، نيران الصديقة، أطويله، سونمكس، إينير، الشيخ الرضا، الحفار، الشاحنات، فاله، تيرنو يايا، إيريك والتير، بوليهوندونغ، تقدمي، المعارضة في الخارج (…)
و لأنها سقطت في حرارة العفوية الأولى، في وقتها و مكانها بالضبط في نفسية المجتمع، ستظل قصة “عر” خالدة ما بقي من الزمن ، لما أخذت في نفوس الموريتانيين من صدق و دقة بأسلوبها الكاريكاتيري الرائع و ركوبها مشهديا بتلك العفوية منقطعة النظير ، في إسقاطها على الواقع كمعادل موضوعي لا يحتاج أي لمسة فنية ..
و نسي بيجل و من على شاكلته من المتملقين ، أن ردود فعلهم المتشنجة ، المتملقة، المرتبكة، هي ما أعطى القصة ما كانت تحتاجه بالضبط لاستكمال جماليتها. نعم، تأكدوا أن “عر” سيظل عرا ما تبقى من الزمن، كما بقيت “أعوينت عر” و “أحسي عر” و “تارت عر” و “بوعر” ؛ ستظل “عر” عقدة ولد عبد العزيز الأزلية بسبب المساحة التي أخذت في وجدان العامة التي وصلت في يومها الأول، إلى كرناش مدونة إداب لحسن : “الرئيس ما امش إيلين أنكالو عر”
و حين نعود إلى نهب ولد عبد العزيز المتواصل بهذا النهم المجنون ، حتى قبل أيام فقط من نهاية حكمه الذي انتهى افتراضيا و عمليا بعد الانتخابات المزورة، لا بد أن نتذكر “عر إنتك تار أياك تمتان علبت أياك إنتك تار” فلا شيء يمكن أن يبرر هذا النهم المجنون في الوقت الضائع، إلا غريزة متحكمة مثل “تنتاك تار” عند عر (الآخر) .
ستبقى قصة عر لصيقة بولد عبد العزيز حتى يرث الله الأرض و من عليها لأن عزيز (عرير : لم تضف النقاط إلى الحروف العربية إلا بعد حين) يرفض التخلي عن أخلاق عر و لأن الأخير(عر) ـ في مقابلة له مع وسائل الإعلام المحلية نشرت اليوم بشكل واسع ـ قرر رفع قضية على النائب المحترم محمد بوي ولد الشيخ ماموني و من الواضح أن القضية ستأخذ منحى معقدا ، يحتاج استجواب بيجل الذي حولها بمداخلته و تأكيده بمعرفة عر أكثر من الجميع، من قصة حيوانية ظريفة فيها بعض العبر، إلى صورة مضحكة لولد عبد العزيز. و النائب مسؤول عن كلامه لا عن فهم بيجل و معرفته لـ”عرات” و قربه منها …
ألا ترون أن القصة بدأت تأخذ منحى معقدا بالفعل، لا سيما بعد تهديد النائب و محاولة إسكاته في تسجيلات ساذجة تحول أصحابها إلى موضوع تندر الجميع ؟
آخر الطغيان أن يمنع على الموريتانيين الحديث عن عر لتشابه رفضه عر نفسه في مقابلته.
ثم ماذا يبقى من الطرب الموريتاني الأصيل إذا منعت عليه بنت اعمر تشيت من إنشاد “عاكب تسداري ففل / شوفني يالحي المتين / اعوينت عر أبرل / و اقليك تنقل لحراطين؟
ستصدر الأوامر إلى ذباب أحميده ولد أباه بعدم الحديث عن هذا الموضوع و تتفيه من يتناوله لكنهم ينسون أنهم لم يتركوا للمجتمع غير الكراهية و “التنابذ” بالألقاب..
و في الأخير ، لا يمكن إلا أن نشكر السيد النائب المحترم على تحريك الساحة الثقافية بهذه القصة الرائعة مع الاعتذار لأي عر يعتذر لنا عن التمرغ في مياه شربنا و مأكلنا و الاحتفاظ بحقنا في عدم الاعتذار لـ”اعرورت” بيجل الفاسدة ، المفسدة.
مهما فكرتم في طمس الحقيقة سيقيض الله لها رجالا لا يثنيهم ترغيب و لا ترهيب عن قول الحق و الدفاع عنه و ستظل أرضنا المباركة ، المعطاء، حبلى بالرجال الأوفياء لدينهم و وطنهم و ثقافتهم و أخلاقهم و مجتمعهم.