نواكشوط بين رئيسين…..
الزمان انفو –
تستعد العاصمة الموريتانية نواكشوط لحدث بارز ويحمل في طياته الكثير من المعاني والرموز.
اننا امام حالة تكاد تكون فريدة في عالمنا العربي.
رئيس عربي إفريقي يسلم السلطة لرئيس آخر منتخب وسط حالة من الهدوء والاستقرار ومناخ سياسي يكاد الطيف المعارض أن يعترف خلالها ضمنيا وفي السر بالنتائج التي أسفرت عنها الانتخابات وأعلنت عنها اللجنة المستقلة وصادق عليها المجلس الدستوري.
والحقيقة ان ذلك يشكل محطة ذات دلالة عميقة لمن ينظر الي الأحداث المتلاحقة في الجوار والمحيط الإقليمي الذي بات فيه مجرد الحفاظ علي استقرار البلدان وأمنها الإجتماعي مكسبا يستحق الإشادة والتنويه بفعل أمواج ما يعرف “بالربيع العربي” التي جلبت الدمار والسقوط في هوة عميقة من التشرذم لمجتمعات ودول لاتزال جراحها مفتوحة بسبب موجة الصدان التي طبعت العشرية الاثنية من القرن الواحد والعشرين.
في اجواء كهذه فان تنظيم انتخابات بمشاركة واسعة من مختلف الأطياف السياسية في البلد ووفق معايير تم الاتفاق عليها من قبل أغلب الفاعلين السياسيين تعتبر مكسبا مدنيا وسياسيا فائق الاهمية.
ويبدو أنه – وبغض النظر عن سياقات سير العملية الانتخابية والطعون في شفافبتها من قبل بعض المترشحين ومواقفهم المتغير حول الحوار وما بعد الانتخابات – فإن الثابت أن رئيسا منتخبا إسمه محمد ول الشيخ الغزواني سيستلم الحكم بقوة صناديق الاقتراع في عملية تبادل سلمي لسلطة في نواكشوط
وان رئيسا اخر هو محمد ولد عبد العزيز سيغادر.
وهنا تقف موريتانيا علي مفترق طرق بين مشكك في قدرة الرئيس المنتخب علي ضبط دفة أمور الحكم. وبين مستبشرة بعهد جديد من النماء والاستقرار لموريتانيا.
انه عهد جديد أساسه الإجماع علي القضايا الوطنية الكبري والبحث عن خلق أجواء من الهدنة السياسية بين الفرقاء بعد عشرية من المواجهة والصدام مع رجل موريتانبا القوي الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
شخصيا وبعد حوار جمعني في السابق مع الرئيس المنتخب محمد ول الشيخ الغزواني اجد بعد تحليل عميق أن الرجل يحمل تصورا مختلفا وآلية جديدة للتعاطي مع المشهد السياسي الوطني دون أن يعني ذلك القطيعة التامة مع ميكانزمات عمل وبرامج وطنية كان فاعلا مهما في صناعتها مع صديقه ورفيق دربه الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز .
طبعا لن تكون المراحل الأولي من حكم الرئيس المنتخب سهلة. فثمة تحديات كبيرة وملفات معقدة تحتاج الي الكثير من الجرأة والصبر والحزم في ادراتها. وسيكون هذا الرجل المعروف بلباقته واخلاقه امام تحدي المواجهة مع لوبيات الدولة العميقة التي تحتاج الي ماهو أكثر من مجرد الأخلاق للتعامل معها. يعني ذلك ان التوجه الجديد يجب يطبعه الحزم في كثير مواقف والمرونة باحتراف في مواقف اخرى.
تشير القراءة الاولى لتوجهات النظام ان البعض سيسعي لدق اسفين التنافر مع رفيقه ولد عبد العزيز بينما سيحاول آخرون إظهاره باعتباره الرئيس الضعيف المحكوم وليس الحاكم وستثار قضايا وتحرك ملفات متشابكة وهذا سيمهد لتحديات ظرفية ستضع الرئيس الجديد على المحك.
رهاني الشخصي أمام كل هذه التحديات كان ولايزال صبر وهدوء وكياسة الرئيس محمد ول الشيخ الغزواني وقدرته علي امتصاص الأزمات والعراقيل التي وضعت ولاتزال توضع في طريقه. و في ذالك اشترك بعض الموالين والمعارضين. لكن الرجل ظل يمسك العصي من الوسط في إنتظار انتهاء عمليات الإحماء والتمرين للوصول الي “التطبيق ” مع بداية فجر فاتح أغسطس.
فاتح اغسطس في الحقيقة هو موعد نأمل ان يكون فجر الرخاء والاستقرار وعبور الجسر نحن موريتانيا آمنة ومتصالحة مع نفسه وفق إجماع وطني تعهد به رئيس منتخب للعهد عنده معني.
الأمين خطاري – مدريد