اتِّحَادُ الطَّلَبَةِ المُورِيتَانِيِّينَ غَائِـبٌ أم مُغَيَّـبٌ ؟
يعتبر شعار القدرة على التَّغييرِ من أهمِّ الشِّعاراتِ التي ينبغيِ لِأَيِّ اتحاد طلابي أن يضعها نُصْبَ أعينه لأنَّ مدخل السَّكينةِ العامَّةِ ،قَـوَامُهَا ،واسْتفزازهَا، مَرَدُّهُ للاتحاداتِ الطلابيةِ، لذلك كان لا بُـدَّ من اتحادٍ يُنتخبُ من طرفِ الطلاب تُوكَلُ إليهِ تلك المهمَّةُ النَّبيلةُ التي تقتضي بناءَجذورٍ تربويةٍ رَاسخةٍ في نفسِ الطالبِ..
إيمانًا بما تُمليهِ الضَّرُورَةُ وتَقتضيهِ الحاجةُ التي لم تَعُدْ خافيَّةً على الجميعِ بأنَّ الوعيَ بمقتضياتِ العملِ النقابيِّ داخلَ الجامعةِ بَاتَ في خطرٍ، هذا العملُ الذي يستهدفُ بشكلٍ خاصٍّ ضَرُورَاتِ الطالبِ ومتطلَّباتهِ التَّعليميةِ والدِّفاعُ عنها بشتَّى السُّبُلِ المتاحةِ داخل الإطارِ التَّربوي الذي ينطلق صاحبه من مجموعِ المعايير والقيم الأخلاقية التي يمليها عليه دينهُ الإسلاميُّ الحنيفُ، وكذلك من خلال الالتزامِ بالنُّظمِ والقوانينِ المنظّمةِ للعملِ النقابيِّ داخل الجامعةِ، لذا ينبغي أن نَتَسَاءَلَ أين الطلبة الموريتانيون من أقرانِهِمْ حتىَّ في العالم الثَّالثِ؟ لماذا أصبحوا قَاطِرَةً تُجَرُّ ولا تَجُرُّ؟ هل ما يسمىَّ باتحاداتِ الطلبةِ الموريتانيةِ أكثرُ من منظماتٍ وهميَّةٍ هدفها احتواء الطلبةِ وفَرْمَلتُهُمْ وشَلُّ حركتهِم بَدلاً من تَنظيمهم؟ لماذا هذا التَّمييعُ الفاضِحُ للسَّاحَةِ الطلابيةِ؟ لماذا تَحوَّل الطلبة إلى طَابورٍ خَامسٍ في بعضِ كُلِّـيَّـاتِنَا؟ لا بَلْ إلى مُخْـبِـرِينَ وجَوَاسـيِـسٍ؟ لكن في المقابلِ هل يمكن فصل العملِ الطلابيِّ عن جَذْرِهِ الاجتماعي؟ ألا يعاني مجتمعنا ضعفاً مؤسَّسِيًّا شاملاً على صَعيدِ النقاباتِ والأحزابِ؟ فما معنى الحديثِ عن ضعفِ اتحاداتِ الطلبة ما دَامَتْ المؤسساتُ الأوسعُ تَغُـطُّ في سباتٍ عميقٍ؟ ماذا يستطيعُ الطلبة أن يَفعلوُا في وَجْهِ سِلاحِ التَّهميشِ والتَّجويعِ و التَّركيـعِ الذي تَرفعهُ الأنظمةُ المتعاقبة على حُكْمِ البلادِ فوقَ رؤوسِ الجميعِ؟ هل يبقى أمام الطلابِ بعد كل ذلك سوى التّفكير بالهجرةِ والتَّسَكُّعِ في الكافيتريات الجامعيةِ ؟
لماذا أصبح الطالبُ الموريتانيُّ طَالِباً – أَيْ مُتَسَوِّلاً- للُقْمَةِ العَيْشِ لا أكثرَ ولا أقلَّ حتىَّ إذا أصبحت الامتحانات على الأبوابِ إذا ببغضهم يُـيَـمِّـمُ وَجْهَهُ شَطْرَ المكتباتِ التي يجدُ ضالَّـتهُ المنشودةُ عندها من دروسٍ تَـمَّ تَصْغِيرُهَا لِتَفيَّ بالغرضِ المنشودِ ألا و هـو ” الـغِــشُّ” ؟!.
فَلَكَمْ هو جميلٌ أن تُحِسَّ بأنَّـك طالبٌ، ولكم هو أجمل أن يُحِسَّ الآخرونَ من حولك بدءً بالجامعةِ، و انتهاءً بوزارةِ التعليمِ أنَّـك طالبٌ تُناضِلُ و تُدافِعُ عن حقّـِك في حدودِ القانونِ، وهنا أشيد بالمستوى الرَّاقي والمكانة التي يحظىَ بها الطالبُ في الجمهوريةِ الجزائريةِ الشَّقيقةِ بوصفي أحد الطلبة الأكاديميين في هذا البلدِ الشِّقيقِ فالطالبُ في هذه الدَّولةِ هو كُلُّ شيء، فمثلاً شاءتِ الأقدارُ أنَّ الجامعة التي ادرس فيها تقعُ من مركزِ شرطةِ الولايةِ موقعَ” المعهدِ التّربويِّ الوطنيِّ” من جامعةِ نواكشوط ، بالرَّغمِ من ذلك لم تقع عينِي على طالبٍ مُهَـرْوِلٍ عن شرطيٍّ يلاحِقُهُ، ولم استنشقْ يومًا رائِحةَ الغازِ المسيلِ للدُّموع، بالرَّغم من تعدُّدِ الوقفاتِ و الاحتجاجاتِ الطلابيةِ المشروعةِ، والتي يكفلها القانونُ فما السَّبب في ذلك يا ترَى؟!. أهُـوَّ الطالبُ المحِقُّ في مطالبه المسالِمُ في تصَرُّفه أثـناء الاحتجاجِ؟ أم هي الشُّرطةُ المسؤولةُ التي تتصرَّفُ وفق ضوابطٍ يقـيِّدها القانونُ، ويُحرِّم عليها انتهاك حَرَمِ الحَرَمِ الجامعيِّ ؟.
و لَئِـنْكان هنالِك تعبيرٌ يمكن أن يفيَّ بالغرضِ لِوَصْفِ الحالةِ النِّقابيةِ المتَرهِّلةِ هو ما ذَكَرَهُ الدُّكتور محمد الأمين ولد سيدي باب في كتابه ” مَظَاهِـرُ المُشاركةِ السِّياسيةِ في موريتانيا ” حيث قال:”…إنَّ المطالبَ النِّقابيةَ بالنِّسبةِ إلى إتحادِ الطلابِ تركَّزتْ في الغالبِ على مسألةِ توجيهِ الطالبِ عن طريقِ الوساطةِ والطُّرقِ الملتويةِ … لقد حاول الطلابُ أن ينتظموا داخل اتحاداتٍ للدِّفاعِ عن مصالحهم ولكنَّ النَّزعة السياسية المتجددة في نفسِ الطالبِ الموريتانيِّ دفعتهُ إلى أن يحوِّل التَّنظيمَ النِّقابيَّ إلى حِزبٍ سياسيِّ يَختبرُ من خلاله مهاراتِهِ السِّياسية. ” ، ثـمَّ مَنْ مِنَّا لم يسمعْ كل سنةٍ وبعد اجتماعِ اللَّجنة الوطنيةِ للمنحِ عن انسحابِ ممثلي الاتحاداتِ الطلابيةِ دونَ أن تلقيَّ الدَّولة لذلك بَالاً لأنَّها تَعلمُ عِلْـمَ اليَقينِ أنَّ الجِسْـمَ الطلابيَّ تَنْخَرُهُ آفَـةُ السِّياسةِ التي لا تُبقيِ ولا تـذرُ، من هنا أطالبُ الأحزابَ السَّياسية برفعِ يدها ولو مؤقَّـتًا أو شكليًّا عنِ الاتحاداتِ والنِّقاباتِ الطلابيةِ ليتسنَّى لها مُمَارَسَةُ مهامِّها التي ينبغي أن تُرَكِّـزَ على خِدمةِ الطالبِ دونَ محاباةٍ أو تمييزٍ ممَّا سَيُـسَاعِـدُ على تقويَّةِ اللُّحمةِ الوطنيةِ التي لا يمكنُ لنا الاستغناءُ عنها كما هو حالُ ” بَيَاضِ العَيْنِ مَعَ سَوَادِهَا “، – لأنَّنا نُـريد للطَّالبِ الموريتانيِّ أن يظلَّ فاعِلاً مَرْفُوعًا بالقَلَمِ وَالكِتَابِ، لاَ مَفْعُولًا به مِنْ طَرَفِ السِّياسيين وَالأَصْحَابِ – ، بعد أن هـانَ و سَهُـلَ الهَـوَانُ عَليهِ، فَـلَـمْ يَعُـدْ لِجُـرْحٍ بِمَيْتَـتِـهِ إيِـلاَمُ…، لكن رغم ذلك سيبقى الطالبُ الموريتانيُّ سَامـِقَ الهَامَةِ، شَامِخَ الـرَّأسِ، مَطْمَحُ طَرْفِـهِ الفَرْقـداَنِ، وَمَـرْتَعُ سَوَائِـمِ عِـزِّهِ سِـدْرَةُ المُنْتَهَى ، كيفَ وَلاَ وهو الحائِـزِ على أعلىَ المَراتبِ ، والفائقِ أقرانَهُ بشهادةِ مدرِّسيهِ ، لذا كان لزامًا أن يكافـأ من لَـدُنِ القائمينَ على الشَّأنِ العامِّ، ” بالتَّـكريمِ “، لا “بالطَّردِ”، بزيادةِ وتعميمِ ” المِنْحَةِ “، لاَ ” المِحْنَةِ “، من هنَا ارجوا باسم الإنسانيَّةِ والضَّميرِ الوطنيِّ من السيِّـد رئيس الجمهورية التَّـدَخُّلُ ” بشكل خَاصٍّ” للصَّفحِ عن الطَّلبةِ المطرودينَ من الجامعةِ وإعادتِهم لكراسي الدِّراسةِ دُونَ الخوضِ أو السُّؤالِ عن أسباب الطَّردِ امتـثـالاً لقولهِ تعالى(( وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ))سورة البقرة ،الآية 237 .
أماَّ بالنِّسبة للسَّـيِّد الوزير فأقولُ إنَّمَا نريده نحن الطُّلابُهو الإسراعُ بدفعِ العمليَّةِ الأكاديميةِ والتَّربويَّةِ نَحْـوَ الأمامِ وذلك بِـتَـحْسيِنِ المناهجِ، والنُّظـمِ، وتَطويرُ المُختبراتِ، ورِعاية البحثِ العِلميِّلِـيُـسايرَ العَصْرَ، ويُـسهمَ في بناءِ الدَّولةِ عَبْرَ جامعاتٍ معاصرةٍ تساعدُ على التَّنميةِ يَـجِدُ فيـها الطالبُ ما يساعده على البحثِ، من مكتباتٍ تَزخرُ بِمختلفِ أنواع الكتبِ، و نِظامُ مَعلوماتيةٍ ” انترنت” يزيد انفتاحهُ على العالمِ الخارجيِّ من اجلِ تطويرِ قدراتهِ ، وتوفير النَّقلِ بشكلٍ يضمنُ له كرامتهُ،َ و وَجَبَاتٌ في مطاعمَ جامعيةٍ تخضعُ للرِّقابةِ من طرفِ مختصِّينَ ، وسَكَنٌ ملائِمٌ ونَظيفٌ ورَحْبٌ يَسعُ كافَّةَ الرَّاغِبين في السَّكنِ، وتَعميمُ المِنْحَةِ لِتشملَ كافَّةَ التَّخصُّصَاتِ ” لاَ تَمْييِزَ فِيهَا لِعِلْمِيٍّ عَلىَ أَدَبِيٍّ إِلاَّ بِالتَّحْصِيلِ ” لأنَّ ذلك وللأسفِ لا يزالُ قائمًا حتَّى كتابةِ هذا المقالِ، كما نحيطكَ عِلْماً يا سـيَّادة الوزيرِ بِأنَّ الصُّندوقَ المُخَصَّصَ لدعمِ الطلبةِ غَيرُ الممنوحينَ لم يتمَّ صَرفهُ لمستحقِّيهِ حَتَّى اليومِ.
إنَّ الغرضَ الذي جعلني أسلِّـط الضّوءَ على هذا الموضوعِ الحسَّاسِ هو كَوني أحدُ الطلبةِ المتضرِّرينَ ” فَـلاَ بُـدَّ لِلْمَصْدُورِ أَنْ يَـنْـفُـثَ “، فلقد تضرَّرنا ممَّن يتولَّون الشَّـأن الطُّلاَّبِيَّ سواء مستقلِّيـن، أو محسوبيـنَ على جهةٍ معيَّنةٍ، تضرُّرَ الرَّعيةِ من حكم السُّلطانِ الجائرِ بِوصفِ المُشبَّهِ كالموصوفِ وذلك من اجل أن نضعَ الأمُورَ مواضِعهَا ” كَمَا يُوضَعُ الهِنَاءُ مَوَاضِعَ نَقْبِهِ “… وهو أمرٌ لا يُعيره القائمون على الشَّـأنِ الطُّلَّابِيِّ بَــالاً.
هذا هو رَأيي، ولا اقصدُ منه حيفًا ولا تجنِّيًّا على أحَدٍ، وإنَّمَا أعتقد أنَّـه من حقيِّ كطالبٍ أن أبديَّ وجهةَ نظرِي في تَسييرِ الشَّـأنِ الطُّلَّابِيِّ دُونَ مُـوَّارَبَةٍ أو مُجاملة، ثـُمَّ إنَّـنيِ لستُ مكابرًا في نقدي لأداءِ الاتحادات، فَرُبَّـمَا أجانبُ الصَّوابَ وهو احتمال أطرحهُ بقوة، غير أنَّـنِي لا أُجَامِلُ على حسابِ مَصْلَحَةِ الطَّالبِ و كرامته، فَإلى مَتىَ سَيظلُّ الطَّالبُ “يَسْتَحْـلِبُ الجَـهَـامَ “؟ بَيْنَ اتِّحاداتٍ لَهَا سَوَابِقٌ، وأخرَى لَمْ تُــتَـحْ لَهَا الفُرْصَةُ بَـعْــدُ.
بقلم المهندس الحضرمي ولد محمد ولد انداه
الـجــزائـر بــــــتاريخ 24 مـارس 2013
Email: [email protected]