هذه مشكلة عزيز المزمنة التي لا يحلها سواه../محفوظ الحنفي
نعم؛ إنها مشكلة رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز التي صنعها لنفسه بنفسه؛ والتي لا حل لها إلا في يده هو وحده، ولا أحد سواه..
“مشكلة” الرئيس عزيز لم يعد بإمكان أحد التستر عليها مواليا كان أو معارضا؛ ولم يعد يصلح للتعمية عليها أي خطاب إعلامي أو سياسي مهما كان حبكه ومصدره..!!
مشكلة الرئيس عزيز المزمنة أنه خارج ومتمرد على كل قيم الدولة الموريتانية ومثلها وتقاليدها القارة في الحكم، والإدارة، والسياسة، والقضاء.. وفي كل أمر ذي صلة بالهم العام والمصالح العامة..
منذ نشأتها (تقريبا) لم تعرف هذه الدولة إلا رئيسا حاكما بالوكالة؛ عن قبيلة، أو فئة، أو جماعة سياسية أو مالية، أو عصابة مافوية..
هكذا كان رؤساؤنا دائما؛ كل رئيس يحيط نفسه بجماعة متنفذة تضمن له السلطة مقابل أن يضمن لها امتيازات تلك السلطة، فيكون هو “الحاكم” و”الرئيس”، ويكونون هم أصحاب الامتيازات المادية والمعنوية، فيسخرون الشعب لخدمتهم، والمصالح العامة لتنمية مصالحهم الخاصة.. إنهم “الحكماء العقلاء” الذين أدركوا أن عامة الناس ودهماءهم إنما خلقهم الخالق سبحانه لخدمتهم وكمال متعتهم، أما “الرئيس البئيس” فيكفيه أن تكون تلك المافيا الجهنمية أبواق دعاية له: تلمعه وتنوره وتؤلهه وتسبح بحمده الليل والنهار..
هكذا كنا “منطقيين وعقلانيين وواقعيين”..
إلى أن جاء هذا الرجل “المارق” على نهج “نخبنا الحكيمة”؛ فصدق أن ما يسمى “الشعب” هو حقيقة وشيء يستحق أن يضحى من أجله؛ ويحكم لصالحه، وينحاز إلى حقوقه ومطالبه؛ فانشغل بتوزيع القطع الأرضية على فقراء هذا الشعب بعد أن كانت حراما عليهم، و”استولى” على الأموال العامة ليشيد لهم بها ما يصلح حالهم من بنى تحتية ضرورية؛ دون أن يستأذن مافيا السلط التقليدية؛ فرد “أعلى” المواطنين أسفلهم، وحول “أسفلهم” أعلاهم؛ فانفض جمع شياطين الإنس من حوله يشيطنونه ويحاولون هدم ما بناه لهذا الشعب وهذا البلد بمعاول خائرة بقدر خورهم، وفاشلة بحجم فشلهم؛ ومتجاوزة كما تم تجاوزهم.
فيا سيادة الرئيس؛ أنت صنعت مشكلتك بنفسك وبملإ إرادتك.. فأنت هو من اخترت الانحياز للأغلبية الشعبية غير المترفة؛ الأغلبية التي لا وقت لديها تضيعه في التلهي بكتابة المقالات والسجالات اللفظية دفاعا عنك أو ردا على من لا يستحقون في نظرها الرد إلا بالصفعات القاتلة المنفلتة من داخل صناديق الاقتراع المحشوة بالبطاقات الصارخة بتأييدك والتعلق ببرنامجك السياسي ونهجك الوطني العصامي، وبإرادتك الحرة التي لا تنثني وخيارك الوطني الذي لا ينكسر..
سيدي الرئيس؛ لا داعي للمكابرة وإنكار الحقائق التي صارت محل إجماع..
اعذرني سيدي الرئيس، أحترمك، وأقدر مكانتك؛ ولكنني لا أستطيع أن أنكر أنك “مفسد”؛ بل أنك أفسدت كل شيء.. وجدت هذا الشعب طبقتين متعايشتين: أغلبية تحت القانون، وأقلية فوق القانون.. عامة منهكة بدفع الضرائب والتزام القانون وزيادة؛ وأقلية مترفة متخمة فاسدة مفسدة ضالة مضلة؛ فقلت “إن الناس سواسية أمام القانون، وكلهم مواطنون”…
وجدت مافيا المال والسياسية وقد كادت تحكم سيطرتها على الدولة وما فيها ومن فيها، وتجهز على آخر أمل للحياة والبقاء فيها؛ فضربت على أيديهم، وقطعت الطريق على مطامحهم، وأفسدت عليهم جميع خططهم… فأي فساد فوق هذا يا سيادة الرئيس..!!
سيدي الرئيس؛ إن أزعجك سيل الكتابات المنتقدة لك؛ فما أسهل أن تصمت أصحابها، وتخرس كتابها؛ أعد الفساد إلى سكته، وملكية الدولة وزمام أمرها إلى مافيا الفساد والمفسدين؛ واكتف أنت بكونك رئيسا صوريا بالوكالة عنهم؛ عندها سيؤلهونك ويجعلون منك آلهة وصنما يعبدان؛ فإن تكلم معارض فسيحولون حرية الصحافة والتعبير التي فرضتها إلى سجين رهيب، وسيفبركون لك التهم ضد معارضيك، ويعدون في حقهم التقارير، وينصبون لهم المحاكم الصورية، ويعلقونهم في المشانق، ولسوف يحولون “السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية” إلى “محكمة تفتيش” تفتش داخل الضمائر والقلوب والأفكار والحركات والسكنات.. وحينها لن يجرؤ أي كان في التفكير (مجرد التفكير) في أن يخالفك الرأي أحرى أن ينتقدك..
هذه طريق أنت مازلت تصر على رفض أن تكون من سالكيها.. فإن واصلتم ذلك الإصرار فاعلموا أن ليس لكم إلا الله؛ أو هذه الأغلبية الشعبية الغالبة التي لا تجد وسيلة للتعبير عن صادق رأيها وموقفها أفضل من دعواتها الصادقة لكم بالسلامة والتوفيق آناء الليل وأطراف النهار؛ كما لا تجد وسيلة للرد على خصومك أفضل عندها من البصاق على وجوههم يوم تقول صناديق الاقتراع رأيها الذي لا يقبل الطعن ولا النقض.
قال تعالى:
“قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون؛ فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون”
صدق الله العظيم
محفوظ الحنفي