صحيفة Le Monde: تتحدث من جديد عن الرئيس وعلاقته بعزيز
الزمان انفو ـ
منذ توليه منصبه في أغسطس يعمل الرئيس الجديد على التحرر من نفوذ سلفه خطوة بخطوة وبطريقة هادئة.
لقد غاب الرئيس السابق عن الاحتفال الرسمي، الخميس 28 نوفمبر، في مدينة أكجوجت بالذكرى 59 لاستقلال موريتانيا، حيث شعر على ما يبدو بضيق بدلة الرئيس السابق التي ارتداها منذ حفل تنصيب خلفه يوم 1 أغسطس الماضي. لاحظ جميع الموريتانيين غيابه متسائلين عما إذا كان ذلك تعبيرا عن غضبه أو أن أحدا نصحه بعدم المجيء.
وفقًا لمقربين من الرئيس الجديد فإن هذه الحلقة تمثل “نهاية وهم”، وتوضح الموقف فالقائد الحقيقي هو ولد الغزواني وهو ليس ديمتري ميدفيديف الموريتاني”! وفق ما يتم تداوله من الإعلان تنصيب المرشح الغزواني للرئاسة في أوائل عام 2019. وكان الدافع وراء ذلك الحديث هو الصداقة القوية بين الجنراليْن اللذيْن نفّذا بنجاح اثنين من الانقلابات العسكرية كما عملا جنبًا إلى جنب خلال الخمس عشرة سنة الماضية.
لا هجمات عامة
كان الغزواني الصامت يعيش حتى وقت ترشيحه في ظل عزيز الدموي. وعمل رئيسا للأركان ثم وزيرا للدفاع وهي الوظائف الاستراتيجية للغاية في هذا البلد الساحلي (يقع على الحدود مع مالي) وقد هزته هجمات “إرهابية” في أواخر العقد الماضي. في المعارضة لم يكن هناك شك في أنه سوف يكون دمية يتلاعب بها زعيمه السابق. الإشارات التي بعث بها الرئيس الجديد منذ تنصيبه أبقت الشك. فهو منحدر من عائلة مرموقة، ويفضل الحوار والتسوية، وكان حريصا على عدم الإساءة إلى سلفه، وخاصة في تعيينات فريقه حيث لم يقم بعملية تطهير بل طعّم الفريق القديم بعناصر جديدة.
يخبرنا مصدر من الرئاسة أن الرئيس الجديد للدولة أصدر توجيها بعدم مهاجمة سلفه علانية. في مقابلة مع صحيفة Lemonde قال إنه لن ينحرف عن خطه لكنه قلّل من “حجم الفجوة” بين الرجلين، مع الاعتراف “بالتباين بين رؤاهم وتقديراتهم”. ويضيف محاورنا الذي فضّل عدم ذكر اسمه: “إن تجاهل عزيز أكثر فعالية من الاستمرار في جعله يعيش من خلال الحديث عنه”. فيما يقول الوزير الأول إسماعيل ولد بده إن “حصيلة ولايتيْ ولد عبد العزيز لا تهمنا فلسنا في موقف دفاعي”، في شكل من السخرية وهو المعروف بكونه ناقداً لمحمد ولد عبد العزيز.
وفي السياق نفسه، فقد كان واضحا أن الرئيس في كل أحاديثه العلنية يتجنب بعناية الإشادة بفترة حكم “صديقه” و “أخيه”، التي توصف ب”العشرية المجيدة” من قبل أنصار عزيز الذين يبدو أن أعدادهم بدأت تقل. كما يتضح من المحاولة الفاشلة للرئيس السابق، عاد لتوه إلى موريتانيا في منتصف شهر نوفمبر، لوضع اليد على الحزب الحاكم الاتحاد من أجل الجمهورية. لا شك أنه كان مقتنعًا بأن 102 نائبا تابعين للحزب – الذين يدينون له في معظمهم بانتخابهم – سيتبعونه كرجل واحد. لكن 88 منهم أصدروا بيانًا لإعلان ولائهم لــ”خط” خلفه الذي يؤكد أسلوبه ووعوده الاجتماعية الأولى على أوجه القصور في حكم الانقلابي السابق.
جيش داخل الجيش
يبدو أن المعارضة مصممة على إفساد تقاعد الرئيس السابق. فقد أعلن العديد من البرلمانيين عن نيتهم المطالبة بإنشاء تحقيق برلماني في مصادر ثروة عزيز وعائلته. لكنه في الوقت الحالي يظل تهديدا فقط.
كما أقيل عشية العيد الوطني رئيس تجمع الأمن الرئاسي الذي نفّذ من خلاله الرئيس السابق انقلابيه السابقين. هذه الوحدة المجهزة بأدوات التدخلات العسكرية التقليدية لديها أيضًا وسائل متطورة للتصنت فهي جيش حقيقي داخل الجيش. يقول محمد ولد الغزواني “كان يجب عليّ أن أقوم بهذا التغيير من قبل”.
شائعات كثيرة في نواكشوط عن تحضير انقلاب عسكري وهي شائعة تم نفيها. ومن المعروف في موريتانيا أن هذا النوع من الضجيج يأخذ على الفور مصداقية معينة. وزير الدفاع السابق يعرف ذلك أفضل من أي شخص آخر. تمامًا كما يعلم أن التهديد يمكن أن يأتي أيضًا من قوات الدرك (التي يرأسها حتى الآن مقرب من الرئيس السابق) ، أو القوات الجوية (المجهزة جيدًا) أو الشرطة (المعروفة بالفساد).
يراقب الرئيس الجديد الوضع ويثبت سلطته خطوة خطوة. لكن الهزات الناجمة عن عودة “صديقه” يمكن أن تشجعه على أن يكون أقل حذراً وأن يسرع التغييرات في قمة الدولة.
ترجمة “الصحراء”
لمتابعة الأصل اضغط هنا