ملخص لأطروحة دكتوراه حول سياسات الحد من الفقر ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في موريتانيا
شهدت جامعة محمد الخامس بالمملكة المغربية يوم الأربعاء الموافق ل 3 ابريل 2013 ، مناقشة أطروحة دكتوراه في علم الاجتماع للباحث الموريتاني الحسين ولد بديدي تحت عنوان (سياسات الحد من الفقر ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في موريتانيا ” مدينة نواكشوط نموذجا “)، وقد أشادت اللجنة المناقشة بالدراسة التي أنجزها الباحث وأبدت إعجابها بها شكلا ومضمونا ومنهجا، مقررة منحه درجة الدكتوراه في علم الاجتماع تخصص ” التغير الاجتماعي والتنمية المحلية ” بتقدير مشرف جدا مع التوصية بالنشر.
وقد تتبعت الأطروحة التي أشرف على إعدادها الدكتور عبد الغني منديب، أبرز البرامج والسياسات التي نفذتها الدولة الموريتانية في مجال مكافحة الفقر ، مقدمة مقاربة علمية بحثت في مدى فعالية تلك البرامج والسياسات في الحد من انتشار ظاهرة الفقر. بحث تعدى مجرد القيام بتقييم إيجابي أو سلبي لهذه السياسات بقدر ما كان بحثا عن مختلف أسباب النجاح للتأكيد عليها و تعزيزها وتحديد الصعوبات التي تحول دونها وذلك في أفق تجاوزها. إنه نوع من التشخيص الذي يعتمد على الانطلاق من البرامج والسياسات المسطرة ليقسها على الواقع.
وهذا ملخص الأطروحة :
أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في علم الاجتمــــــاع في موضوع :
العنوان : سياسات الحد من الفقر ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في موريتانيا ” مدينة نواكشوط نموذجا “
الأهداف :
مناقشة سياسات الحد من ظاهرة الفقر ومنجزاتها، من خلال النتائج واستكشاف الآثار السلبية التي نتجت عنها، سواء تلك التي كانت لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة، ومنها الظروف المجالية والطبيعية والديموغرافية التي أثرت في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ـ القيام بدراسة نقدية لسياسات محاربة الفقر، التي اعتمدت رسميا على المستوى المحلي خاصة في مدينة نواكشوط (مجال الاشتغال)، مع ما يعنيه ذلك من تشخيص واقعي لأداء هذه الإستراتيجيات وتقديم لنتائجها المتحققة ، وتحديد لمكامن القوة والضعف فيها دون أن يعني ذلك أن نحكم عليها بالإيجاب أو بالسلب بقدر ما نقدمها كما هي .
ـ التعرف على الانعكاسات السلبية التي خلفها تبني بعض البرامج والسياسات التي استهدفت مكافحة الفقر ليس فقط على الساكنة والمستهدفين وإنما أيضا على البرامج والسياسات التي جاءت بعدها كحلول بديلة.
ـ تقديم بعض الاقتراحات البديلة، والأكثر ملائمة للمتطلبات العلمية والعملية. فالحديث الرسمي عن البرامج الإستعجالية للسكان الأكثر فقرا ، هو اعتراف ضمني وصريح ، بأن التقدم في تحقيق أهداف إستراتيجيات محاربة الفقر بطيء إن لم يكن غير موجود ، الأمر الذي جعل الوضع استثنائي ويستدعي حلولا عاجلة .
الإشكالية :
إلى أي حد استطاعت مختلف البرامج والسياسات الحكومية المتعاقبة الرامية إلى محاربة الفقر أن توفق في تحقيق ذلك ؟
أو بعبارة أخرى هل أدت البرامج والسياسات التي وضعتها الدولة الموريتانية في مجال محاربة الفقر الغرض المطلوب منها في تنمية البلد اقتصاديا واجتماعيا ؟
وهل استطاعت هذه السياسات أن تحدث تغييرات هادفة أثرت على واقع المنطقة المدروسة اقتصاديا واجتماعيا ؟
إن منطلق هذه الإشكالية يتعدى مجرد القيام بتقييم إيجابي أو سلبي بقدر ما هو بحث عن مختلف أسباب النجاح للتأكيد عليها و تعزيزها وتحديد الصعوبات التي تحول دونها وذلك في أفق تجاوزها.
إنه نوع من التشخيص الذي يعتمد على الانطلاق من البرامج والسياسات المسطرة ليقسها على الواقع.
خطة الدراسة:
من حيث طبيعة المقاربة:
لقد ركزنا في الدراسة على الجانب التحليلي لظاهرة الفقر في موريتانيا معتمدين بصورة أساسية على المعطيات الرسمية بما فيها من أرقام وإحصاءات ودراسات وتقارير تتصل بموضوع الفقر، صدرت عن المكتب الوطني للإحصاء وغيره من المؤسسات العمومية، بالإضافة إلى ما كتبه خبراء واقتصاديون في موضوع الفقر وكذا على التقارير الدولية والمحلية التي تناولت الشأن الموريتاني في بعض جوانبه الاقتصادية والاجتماعية ، ناهيك عن الجانب الميداني للدراسة الذي مكننا من قياس مدى فعالية السياسات والبرامج التي نفذتها الدولة في مجال محاربة الفقر ومدى مصداقية الأرقام والإحصاءات المعلنة رسميا في التقارير والدراسات الحكومية ، حيث أنه والاستكمال جوانب الدراسة كان من الضروري القيام بعمل ميداني واستجواب مجموعة من معيلي الأسر المستهدفة من سياسات مكافحة الفقر وكذا عدد من الفاعلين الحكوميين والخبراء. وهو ما قمنا به على المستوى الميداني ، وبطبيعة الحال فقبل النزول إلى الميدان ثم إعداد استمارة ودليل مقابلة ثم اختيار عينة متنوعة شملت معيلي الأسر والخبراء والفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين.
أما بخصوص الأدوات السوسيولوجية التي اشتغلنا بها في هذه الدراسة فقد تعددت هي الأخرى وتنوعت، حيث شملت إلى جانب تقنتي المقابلة والاستمارة تقنيتا الملاحظة وتحليل المضمون وذلك حرصا منا على معرفة أدق لمضامين ومرتكزات سياسات محاربة الفقر المنفذة ومدى نجاحها في تحقيق أهدافها المرسومة .
من حيث المضمون :
فتتألف الأطروحة من أربعة أبواب وثلاثة عشر فصلا بالإضافة إلى مدخل عام للموضوع تليه مباشرة إشكالية البحث وفرضياته وأهدافه، وتقديم لمجتمع الدراسة، والعينة وخصائصها، ومنهجية البحث وتقنياته….. فبخصوص مضمون الباب الأول والذي يحمل عنوان الإطار النظري والمرجعي للبحث، فقد تضمن ثلاثة فصول ، تناولنا في الفصل الأول منها المفاهيم الرئيسية للبحث ، وقد ركزنا فيه على مفهومي الفقر والتنمية سواء تعلق الأمر بالتحديد الإجرائي للمفهومين أو تعلق الأمر في العلاقة بين جهود التنمية ومكافحة الفقر أو بعبارة أخرى كيف يمكن أن تؤسس محاربة الفقر لعملية التنمية الشاملة بشكل عام . كما توقفنا فيه عند مفهوم ثقافة الفقر عند اوسكار الويس وكذا مقاربة جورج سيمل للفقر
وفي ما يتعلق بالفصل الثاني من هذا الباب فقد تناول المؤشرات المعتمدة لقياس الفقر في موريتانيا ، حيث تعرضنا فيه وبشكل مفصل إلى أبرز المقاييس المعتمدة دوليا ومحليا في قياس الفقر، و يجد هذا الأمر مبرره في أن التحدي الأكبر والأكثر إلحاحا في الوقت الراهن أمام الحد من انتشار ظاهرة الفقر هو وضع مؤشرات قابلة للتطبيق على أرض الواقع تحدد الفقير من غير الفقير ، وبالتالي تكون أساسا لتحديد الفئات والشرائح المستهدفة من سياسات وبرامج محاربة الفقر ، وهو ما سينعكس إيجابا على نتائج تلك البرامج والسياسات.
أما الفصل الثالث والأخير من الباب الأول فقد تناولنا فيه الفقر وتجلياته السوسيومجالية أو بمعنى آخر التوزيع الجغرافي للفقر في موريتانيا وكيف أثر ذلك على فعالية استراتيجيات مواجهته ، خاصة وأن البلد يعاني من اختلالات في التوزيع الجغرافي للفقر ، حيث يتركز الجانب الأكبر منه في المناطق الريفية.
وبخصوص الباب الثاني من الأطروحة فقد خصصناه لمنطقة البحث أو بعبارة أخرى مجتمع الدراسة : المميزات الطبيعية والديموغرافية ، حيث أننا في الفصل الأول من هذا الباب تعرضنا إلى مرحلة تأسيس مدينة نواكشوط كيف تطورت بفعل عوامل متعددة من بينها الجفاف الذي ضرب البلاد في بداية السبعينات كما تحدثنا فيه عن طبيعة الموقع الجغرافي للمدينة وكيف لاقت بداية تأسيسها صعوبات كبيرة.
أما الفصل الثاني من هذا الباب فتحدثنا فيه عن التوسع المجالي والديموغرافي للمدينة “مجال الاشتغال ” التي شهدت تطورا سكانيا مذهلا خلال العقود الأخيرة ، لكونها العاصمة السياسية ومركز نفوذ البلد، ناهيك عن ما تحويه من أنشطة تجارية وخدمية متعددة.
أما الباب الثالث من هذه الأطروحة فيحمل عنوان استراتيجيات مكافحة الفقر ، وقد تتبعنا فيه أبرز الاستراتيجيات والبرامج التي نفذتها الدولة الموريتانية في مجال محاربة الفقر والنتائج التي حققتها على أرض الواقع ، وذلك من خلال تناولها في أربعة فصول تضمنهم هذا الباب من الأطروحة ، بدء ببرامج الإصلاح الهيكلي ودورها في مكافحة الفقر، مرورا بالبرنامج الإطاري لمكافحة 1993ـ1996 وصولا لإستراتيجية مكافحة الفقر التي تبنتها الدولة في الفترة الممتدة ما بين 1998 ـ2001 وانتهاء بالإطار الاستراتجي لمحاربة الفقر 2001ـ 2015 مع التركير بالأساس على تحليل نتائج مرحلتيه الأولى والثانية.
أما الباب الأخير من الأطروحة فيحمل عنوان الملامح العامة للفقر في نواكشوط، وقد تضمن هذا الباب أربعة فصول، تعرضنا في أولها للمناطق العشوائية كمجال كاشف للفقر بمدينة نواكشوط. ويندرج تحليل وضعية السكن في هذا الدراسة ـ خاصة العشوائي منه ـ في إطار تقييم أبعاد الفقر الذي يمثل أحد المكونات الهامة للتنمية البشرية المستديمة، كما أنه يبحث في مدى فاعلية استراتيجيات مكافحة الفقر في جانبها المتعلق بالسكن
أما في الفصل الثاني من هذا الباب فقد تناولنا فيه النساء في استراتيجيات محاربة الفقر المعتمدة رسميا، مركزين بالأساس على البرامج والسياسات التي استهدفت النساء في المدينة مجال الاشتغال ، ويجد هذا الأمر مبرره في أن تأنيث الفقر يعد من أبرز المشكلات المجتمعية التي تواجه بلدان العالم المتقدم والنامي على حد سواء.
أما الفصل الثالث من هذا الباب فقد تعرضنا فيه إلى ” إشكالية التشغيل والبطالة في سياسات وبرامج محاربة الفقر التي تبنتها الدولة ، حيث أنه أصبح اليوم من الثابت وبصورة متزايدة أن إيجاد وطائف مدرة لمداخيل مجزية هو أفضل طريقة لمكافحة الفقر ، وذلك من خلال خلق أنماط أجور تندرج ضمن منظور التنمية البشرية المستديمة، وقد توقفنا في هذا الفصل تحديدا عند أبرز السياسات الوطنية في مجال التشغيل، محددين مكامن القوة والضعف فيها ومبرزين للنتائج التي حققتها على أرض الواقع .
أما الفصل الرابع والأخير من هذا الباب بل ومن الأطروحة بشكل عام فقد تناولنا مكافحة الفقر في نواكشوط بين المعطيات الرسمية والواقع الميداني ، حيث حاولنا فيه وبشكل أكثر إيجازا وتركيزا إبراز حجم الهوة بين المعطيات المعلن عنها رسميا في الوثائق الحكومية كمؤشرات على مستوى التقدم في جوانب من الأهداف العامة لمكافحة الفقر والواقع الميداني، مستندين في ذلك على مقارنة بين النتائج المعلن عنها رسميا في بعض التدخلات والبرامج الخاصة التي استهدفت أساسا قطاعات : السكن والمياه والتعليم والتغطية الصحية ، وكذا على بعض النسب المعلنة حول معدلات انتشار الفقر خاصة في مدينة نواكشوط وكذا نسب البطالة والنشاط وبين معطيات الواقع الميداني للفئات المستهدفة من تلك البرامج انطلاقا من نتائج بحثنا الميداني.
وأخيرا خرجت الدراسة بجملة من الملاحظات والاستنتاجات كما قدمت بعض التوصيات.