المصارحة قبل المصالحة / سيدي علي بلعمش
الزمان انفو _
لن يستطيع ولد الغزواني أن يظل يجر الناس بالأماني الكاذبة .. لن يستطيع أن يظل يقنع الناس بانتظار زمن ليس ملكا له.. لن يستطيع أن يظل يغطي على اعتماده على المفسدين بتسويف يضن علينا حتى بالتصريح به .. لن يستطيع أن يخرج من جبل الفساد الذي يعيش في قاعه إلا بإرادة شجاعة تطحن كل العقبات و تتحدى كل المستحيلات و تتعالى على تفاهات المنطق الشعوبي و التفاصيل السخيفة.
ما وصله الفساد المنظم و المحمي و حتى المقنن في هذا البلد ، تجاوز الخيال السينمائي و المسرحي و انتشر طولا و عرضا من القمة إلى القاعدة حتى أصبح الحل الوحيد ثورة عمياء تمشي على جثث المفسدين. و هو ما سيحصل حتما في موريتانيا إذا لم يتخذ النظام خطوات جادة و صادقة و شاملة لا تستثني قريبا و لا بعيدا ؛ يجب أن يتوقف هذا الفساد .. يجب أن يتوقف هذا الفساد .. يجب أن يتوقف هذا الفساد.
الناس في موريتانيا اليوم تعاني الجوع و المرض و التهميش و كل الآفاق مسدودة بجبال الفساد و جيوش حمايته. و لن يستمر هذا الحال طويلا إذا لم تتخذ تدابير عاجلة و ناجعة و صادقة و دائمة.
تحتاج موريتانيا اليوم إلى إصلاح اقتصادي شامل و حقيقي و استقرار سياسي و اجتماعي و هي منظومة مرتبطة ببعضها لا تكفي أي منها دون الأخرى و لا تستقيم من دونها :
ـ الإصلاح الاقتصادي يتطلب أن يستدعي ولد الغزواني قادة الجيوش و الأمن و كبار الضباط و يقول لهم و لنفسه بالصريح انتهى عهد الفساد ، عودوا إلى ثكناتكم و عيشوا على رواتبكم و ما نهبتم في الماضي و يقيل و يعاقب كل ذراعهم المدني في الإدارة، المسهل لكل عمليات نهبهم و نفوذهم و المستفيد الوحيد من التغطية على فسادهم . و يفرض سلوكا مدنيا في الإدارة يعتمد الكفاءة و المكافأة و العقوبة حتى يشعر المسؤول الناصح و المتميز بالاستقرار و حماية القانون بعيدا عن المحاصصة البغيضة و التعيينات السياسية التي حولت الوظيفة إلى فرصة يتسابق من يحصل عليها مع الزمن لينهب ما استطاع قبل تعيين آخر في محله لأي سبب.
ـ الاستقرار السياسي يتطلب إخراج الحركة الإسلاموية من المعارضة و الأغلبية و منع مبادرات التأييد النفاقي القبلية و الجهوية و كل الأعمال ذات الطابع النفاقي التي أفسدت الحياة و جعلت كل المجتمع يعيش على السياسة و التملق و النفاق بتشجيع من دولة الفساد . و لأن السياسة فن الممكن و لأن التجارة مصالح تتغير بين الفينة و الأخرى لصالح من يدفع أكثر ، على الحركة الإسلاموية أن تقرر أن تكون حزبا سياسيا أو شركة مقاولات ؛ فـ80% اليوم من فساد الحياة السياسية و اضطرابها بسبب هذه الظاهرة السياسية / التجارية الغريبة. أمن الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض يصل إلى 150% و حين يتحرك، ينزل مستوى أمنه أحيانا إلى 10% . و هذا تماما هو حال تواصل : حين تأتي مقره تجده أكبر حزب و أكثر حزب ترتيبا و انضباطا و تنظيما و حين تأتي أي مناسبة سياسية و يتحرك حزب تواصل فيها، ينزل مستواه إلى نسبة تصل أحيانا إلى تحت الصفر : تجده بائعا متجولا يعرض بضاعته على قارعة الطريق ، بلا عمق و لا وجهة محددة و لا رؤية و لا ممنوعات . كل إخفاقات المعارضة في السنوات الماضية كانت بسبب خيانات تواصل و كل مغامرات عزيز كانت تعتمد على أدوار تواصل الخفية.
ـ الاستقرار الاجتماعي يحتاج إلى كف أيادي النظام عن تحريك الجماعات العنصرية الصاعدة و ترهيب المجتمع من خلالها و التوقف عن مكافأة كل من يحمل ملفا معاديا للمجتمع و معالجة القضايا الاجتماعية على مستوى الدولة لا على مستوى منظمات الارتزاق السياسي التي تعيش على ابتزازها للنظام و المجتمع.
ـ لن يكون في موريتانيا استقرار من أي نوع ما لم تتم غربلة الحقل الإعلامي و تنقيته بإرادة إصلاح صادقة ، من صحافة التزلف و النفاق و تحديد معايير تخدم النوعية و التنوع الصحي لممارسة المهنة و منع كل ما سواها و وضع قوانين رادعة للمنتحلين و المتطفلين .
ـ الهابا جهاز للدولة، أنشأته لتسيير الإعلام بأهداف نبيلة و ضرورية ، ككل شيء آخر ، لكنها أوكلت مهمة انحرافها (للدفاع عن جرائم النظام) لفريق عمل استمات في رضا النظام و التغطية على جرائمه و على من يترك هذا الفريق على رأس هابا أن لا يحاول إقناعنا بجدية مساعيه و دعاية إصلاحه الكاذبة.
أتمنى من كل قلبي أن يفهم ولد الغزواني و مجلسه العسكري الخفي أن الزمن تغير .. و أن أخطاءهم البسيطة اليوم ستكون بعمق و خطورة جرائم ضد الإنسانية بعد ثلاث أو خمس سنين ؛ هذا ما تؤكده حركة الزمن و توجهات البشرية بإجماع. فكونوا عقلاء ، إذا كنتم لا ترضون لأنفسكم بما يتخبط فيه ولد عبد العزيز اليوم و ما يتعرض له من بغض و احتقار من طرف الجميع. و إذا لم يعش بقية عمره في السجن (كما يستحق) سيعيشه في الخوف و المذلة في الدنيا و عذاب الجحيم في الآخرة وعدا من الله لما يحمل على ظهره من ظلم و قهر و حقوق الفقراء و الأيامى و المحرومين : تذكروا أن الله جل و علا لم يضع عقوبة للتطهير من أكل المال العام .
و حاولوا أن لا تتوهموا أنكم أعقل من الآخرين لتتفادوا الكثير من الأخطاء ..