قوى التقدم: بيان حول مسلسل الفضائح التي تلاحق النظام
يبدو أنه ليست هناك حدود لحجم الفضائح التي تلاحق السلطة الحاكمة وتضرب في الصميم مصداقية أهم مؤسساتها. فما إن يهدأ دوي فضيحة حتى تندلع أخرى كاشفة في كل مرة عن أبعاد جديدة لتورط أركان النظام في مستنقعات تفضح الطبيعة الحقيقية للطغمة التي فرضت نفسها على البلاد منذ 6 من أغشت 2008.
وللأسف فإن الأمر لا يتعلق فقط بتدمير صورة –مهزوزة أصلا- لنظام تجرد من قيم الشعب الموريتاني، بل إنه يطال أيضا سمعة البلاد ومصداقيتها بعد أن باتت مرتبطة في أذهان الرأي العام الدولي بالصفقات المشبوهة وتبذير ثروات الشعب والارتباط بالشبكات الإجرامية الدولية، أي بعد أن تحولت خلال فترة وجيزة من نموذج للانتقال الناجح إلى الديمقراطية في شبه المنطقة، إلى جمهورية فضائح بامتياز.
فخلال شهر واحد كان على الموريتانيين أن يصدموا بفضائح بالجملة تكشف حقيقة ما آل إليه وضع بلادهم: فمن فضيحة التلاعب الزبوني وغير المسؤول بأموال الجيش إلى تكشف خبايا الجريمة الاقتصادية المتعلقة بالأسمدة الزراعية التي كادت أن تقضي على الحملة الزراعية لسنة 2012، إلى تحطم خامس طائرة عسكرية خلال أقل من سنتين في ظروف غامضة، مخلفة مزيدا من الضحايا ومن دون أن تثير أي مساءلة للمستهترين بأرواح جنودنا.
ولم يكن الجهاز القضائي ليترك هو الآخر بمنأى عن التدمير الممنهج لبنى الدولة، فتم الالتفاف على القانون لفتح المجال أمام اكتتاب قضاة ماليين واقتصاديين من خارج الجسم القضائي بطريقة انتقائية مفصلة على مقاسات حفنة من محيط الرئيس، وذلك في تحد سافر لرجال القضاء وبهدف زرع أجسام غريبة داخله للهيمنة على الملفات الحساسة وتصفية الخصوم.
كل ذلك يجري على وقع فتح تحقيق قضائي في فرنسا حول اتهامات خطيرة موجهة لرئيس الجمهورية برعاية تهريب المخدرات ووسط الانتشار الواسع لتسجيلات غريبة عن عادات الشعب الموريتاني وعن تقاليد قياداته، تكشف تورط الرئيس محمد ولد عبد العزيز بشكل مهين في صفقات مشبوهة مع عصابات الإجرام والشعوذة والدجل وتبييض الأموال وتزوير العملات.
وأخيرا وبالتأكيد ليس آخرا، تكشف الصحف فضيحة استيلاء الرئيس ولد عبد العزيز على مساحات هائلة من أراضي العاصمة نواكشوط سبق وكلف استصلاحها الدولة أثمانا باهظة، وهو أمر لم يكن مفاجئا بالنظر إلى أن كل المساحات العقارية ذات القيمة في العاصمة قد تم منحها للوسط المقرب من الرئيس في صفقات جد مشبوهة (بلوكات، صفقة المطار، شارع المقاومة…).
وفي نفس الوقت تطرد بلادنا من مبادرةالشفافيةفيمجالالصناعاتالاستخراجيةالدولية وتكشف التقارير أنها أضحت أفقر البلدان العربية، بينما تثبت الوقائع يوميا أنها تعيش تصاعدا مخيفا للجريمة لم يعد في ظله أي مواطن قادرا على الشعور بالأمان لا على نفسه ولا على ممتلكاته، وهو تصاعد ناجم عن تفشي تجارة المخدرات وتأثيراتها المدمرة على الشباب والمجتمع.
وتكشف الجريمة المروعة التي راحت ضحيتها الأسبوع الماضي المواطنة “بيندا سوغي”، عمق الأزمة الأمنية التي تواجهها بلادنا والحاجة الملحة لمواجهتها بجدية وفعالية.
لقد تساقطت إذا اقنعة النظام واحدا تلو الآخر ولم يعد لديه ما يقدمه للشعب الموريتاني سوى حلقات إضافية من مسلسل فضائحي لم تكن حادثة 13 أكتوبر 2012 سوى توطئة له. وأمام هذه التطورات المسيئة للشعب الموريتاني ولقيمه وتاريخه، فإن اتحاد قوى التقدم يعتبر:
– أن نظاما أفقر البلاد واستأثر بخيراتها لا يعول عليه في انتشالها من أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة؛
– أن رئيسا متورطا في علاقات مشبوهة مع شبكات الجريمة والتزوير، لا يمكنه توفير الأمن للمواطنين ولا الاشراف على تنظيم انتخابات حرة، نزيهة وشفافة؛
– وبالتالي فإذا كانت هناك من خدمة أخيرة يمكن لهذا الرئيس إسداؤها لشعبه ولدولته، فهي تقديم استقالته بشكل فوري حتى يتسنى للموريتانيين اختيار من يحكمهم وانتشال سمعة ومصداقية بلدهم.
نواكشوط
9/04/2013
أمانة الاعلام