ليس “في النار للظمآن ماء” / سيدي علي بلعمش
الزمان انفو _
لو تقدم اليوم كل من يرددون أن شعبنا جبان، لامتلأت الساحة الوطنية بـ”البواسل الأفذاذ”. ألا يفترض في من يصف الشعب بالجبان أن يكون شجاعا ؟
لكن الحقيقة أنهم هم الجبناء .. الحقيقة أن شعبنا هو الشجاع، المقدام ، هو الخائف من مواجهة لا يدري أين سترمي به إذا دخلها.. هو الخائف من مواجهة ما كان ينبغي أن تكون قضيته ، أن تكون مأساته وهو الخاسر في كل الحالات إذا أصبحت هي خياره..
شكرا لشعبنا على شجاعته.. على صبره على خونته و جبنائه.. على سكوته على الضيم رغم قدرته على الرد و المواجهة ..
لكن (…)،
ليس من عادة الشجاع أن يهدد .. ليس من عادة الشجاع أن يتوعد.. ليس من عادة الشجاع أن يكون سباقا إلى البحث عن أي مواجهة ..
كل المؤشرات و الاستنتاجات العلقلية، تؤكد اليوم أننا نساق إلى أجندة اكتوينا بكل شرورها، بتعديلات شكلية تنتهج الضحك على العقول..
نتألم كل يوم من أعماق قلوبنا .. من وجع خجلنا .. من بشاعة احتقارنا .. من وضاعة حكوماتنا:
حوادث مرورية تحصد العشرات كل يوم..
سطو مسلح في كل شارع و حي ..
اغتصابات تقتل قهرا ، بعدد الأحكام القضائية المستهترة..
ظلم و قهر و سلب و نهب في طاحونة دوارة لا تمل اجترار نعوش مأساتنا ..
و هنا يجتمع مجلس الوزراء..
هناك يلتقي فخامته بقادة الرأي الأوفياء..
هنا وفد وساطة أخرى بين النكرة المكلوم و المعرَّف بترك العلامة..
هنا يلقي رئيس اللجنة الوطنية لتزوير الانتخابات محاضرة عن الشفافية و المصداقية من على منبر الجامعة العربية..
هنا يلقي ولد محم خيرة دروسا ـ من وحي تجربته الملهمة ـ عن الانفتاح السياسي، من على منبر المركز الموريتاني للدراسات و البحوث الإنسانية (…)
ما هذ الاستهتار يا عالم؟
ما هذه التمثيل الركيك، المستهتر بكل الجد و القيم؟
أبعد هذا كله ، يتوزر فينا حتى ولد أجاي؟ .. يتكلم فينا حتى ولد محم؟
إذا كان ولد عبد عزيز احتقرنا و نهب خيرات بلدنا
علينا أن لا ننسى أن ولد الغزواني خذل آمال كل من راهنوا عليه من أبناء شعبنا:
“قلت عطشان يا دمشق ، قالت اشرب دموعك”
ـ لتضرب رأسك على الجدار إن كنت غير راض عن صفقاتي التراضي..
ـ لتشرب البحر إن كنت تحلم بإصلاح على غير أيادي نخبة الفساد..
عاش جيشنا البطل ؛ أليس ها هنا مكانها؟
منك وحدك تعلمنا الصدق و الصبر و الكبرياء..
منك وحدك تعلمنا الرجولة و الفحولة و الوفاء..
رجولة أهانها عزيز حين حمَّلها أمورا لا يملك عقلها
رجولة أهانها غزواني حين حملها أخرى لا يملك شجاعتها.
و بين “رئيس” لا تخجله أي كذبة و”آخر” لا تخجله أي حقيقة، ها نحن نركب رجولة مهزومة تدوسها أقدام ذباب المدونين و تركلها أرجل الهَوَّارة.
لقد تراءت الآن بوضوح كل ملامح نظام غزواني (المعاش على كذبة المستقبل).
و ستكون الأسابيع و الأشهر القادمة ساحة معارك بقاء لا محل فيها لثقة و لا هدنة :
و كأنما كانوا يحتاجون هذه الأنواط و النياشين غير المستحقة ليدفنوا عُقَدَ صغرهم في رمل خجلنا، ها نحن نتابع فصولا معادة من “فارس الحي الساكن” و تراجيديا “رئيس الفقراء” على معزوفة “وعد” وفاء أكذب من برق خُلَّب ..
سنحمِّل المعارضة بعد ترتيب أوراقها و تنقية أجوائها ، كامل مسؤولية هدنتها التي نحترم تبريراتها و نختلف مع كل قراءاتها المبتورة من حقيقتها أو حقيقتهم:
(…) فمع كل فجر جديد يتأكد لنا بالتواتر الملزم، أن “ليس في النار للظمآن ماء”