خذوا العلم ولو من تاتشر
كانت المثل الاعلي لامي رحمها الله، كلما تكاسلت او عزفت عن الذهاب للمدرسة أو شعرت باليأس، كانت تروي لي القصة، وتشرح لي كيف اصبحت ابنة البقال رئيسة وزراء لأكبر دولة في العالم، كانت تتابع مواقفها وقراراتها بدقة، فقد كانت مارجريت تاتشر أهم من كل السيدات علي مر التاريخ الذي عاشته أمي، رغم أن تاريخ مصر شاركت في صنعه سيدات يفقن بعبقريتهن تاتشر عشرات المرات، مثل حتشبسوت وكيلوباترا وشجرة الدر، فتاتشر كانت في نظر أمي المرأة الحديدية التي انتصرت علي كل الرجال، والتي كانت بكلمة منها تحرك جيوش العالم، رفضت تماما ان تتخلي انجلترا عن الاسترليني وتتحول الي اليورو، وكان لها ما ارادت، كانت شجاعة وصريحة بدرجة غير طبيعية وصادقة
ورحلت عنا هذا الاسبوع المرأة الحديدية، في عصر اصبح فيه من العار ان تخرج المرأة من بيتها، تترصدها الاعين وتتعرض لكل انواع المضايقات وسط دعوات غريبة بعودتها لمنزلها، وترك عملها للرجال والشباب في محاولة لتعطيل نصف المجتمع، رغم ان مصر شهدت حكم سيدات قبل تاتشر بألوف الأعوام ورغم حب أمي للمرأة الحديدية، الا أن إعجابها بطريقة اعتزالها لم ينقطع، فقد قدمت النموذج للحاكم الذي يضع مصلحة بلده فوق مصلحته الشخصية والضعف تجاه التمسك بالكرسي، ففي سنة 1990م ازدادت المعارضة لزعامة تاتشر، وبدلا من التلاعب والكذب فاجأت العالم كله بتقديم استقالتها، بعد أن تأكدت من عدم مقدرتها علي كسب انتخابات زعامة المحافظين، وتم انتخاب جون ميجور خلفًا لها. وفي العام نفسه منحت لقب البارونة، وأصبحت عضواً بمجلس اللوردات، وياليت كل حاكم يواجه عدم اجماع شعبي عليه يتعلم منها كيف ينسحب في الوقت المناسب، ألم تحافظ باستقالتها علي استمرار وحدة حزبها كما حافظت من قبل علي كرامة وطنها واستحقت إعجاب أمي يرحمهما الله. صفا نوار ـ الأخبار المصرلاية