لكل صبر حدود / سيدي علي بلعمش
الزمان أنفو _
الحياة في بلدنا الطيب أصبحت لا تطاق بل باتت لا تطاق ، لا تطاق ، لا تطاق(… )
و رغم أن إعادة السكينة إلى حياة المواطنين لا تتطلب أكثر من إرادة صادقة لاجتثاث آفة المخدرات و إغلاق أوكار الجريمة و مواجهة الانحراف بجهاز متخصص (لا يتجاوز 20 فردا) و وسائل بسيطة و إجراءات قانونية صارمة و أحكام قضائية رادعة و تحويل السجون من مراكز انحراف (بسبب فساد فرق الحرس التي تتولى إدارتها) إلى مراكز تأهيل و تثقيف و تكوين (و أتكلم هنا عن خبرة ميدانية لا عن تصور متطفل)، إلا أن هذه الإرادة معطلة بفعل فاعل بل محاربة من داخل النظام نفسه.
هنا يجب أن يقف الجميع ليفهم سر ما يحدث في بلدنا ..! ؟
من نقطة الضوء هذه (على بساطتها) ، تتراءى أبعاد كل الحقائق في بلدنا..!
من هذه الزاوية الضيقة ، يطل كل عاقل على خلفية حقيقة ما يجري بكل وضوح ..!
هنا تفهمون ببساطة لماذا ذهب عزيز
هنا تفهمون ببساطة لماذا جاء غزواني
هنا تفهمون لماذا عاد عزيز
هنا تفهمون لماذا يماطل غزواني
هنا تفهمون لماذا يصر رئيس الدولة على أن يظل القائد الأعلى للقوات المسلحة و الرئيس الأعلى للقضاء…
هنا تفهمون لماذا يدمر التعليم و يعبث بالصحة و يتحول الأمن إلى جهاز تبرير إجرام على مسرح ما بعد الجريمة…
هنا تفهمون أهمية برلمان شبيكو و عصابة “مغارة علي بابا” (UPR)
هنا تفهمون عملية الهندسة الوراثية التي تم تبنيها لإفراز اللجنة الوطنية لتزوير الانتخابات..
أسوأ نظام عرفته البشرية هو نظام “عصابات الديمقراطية” و لم يعد يوجد اليوم في أي بقعة من الأرض سوى في بلدين لا ثالث لهما؛ هما موريتانيا و تشاد ..
حتى جيوش هذين البلدين أصبحت مرتزقة مسلحة يستأجرها من يشاء تحت غطاء الديمقراطية و محاربة الإرهاب: نسبة الجريمة المنظمة في موريتانيا تفوق نسبتها في وسط إفريقيا و في كولومبيا و في الصومال فلماذا نرمي بأبنائنا في جحيم حرب أهلية لا ناقة لهم فيها و لا جمل في حين تعيش بلادنا في جحيم إرهاب منظم ترفض الدولة مواجهته و ترفض الاعتراف بوجوده؟
على ولد الغزواني و قادة الجيوش من ورائه و من أمامه أن يفهموا أننا لم نعد نتحمل ؛ لقد صبرنا عشر سنين على كل أشكال الإجرام لا خوفا من ولد عبد العزيز بل خوفا على موريتانيا من عصابة مجرم لا تربطه أي صلة ببلدنا .. صبرنا عشر سنين لأننا كنا نعرف كيف سنخرجه من الحكم كما تسل الشعرة من العسل و كما حدث بالضبط و من دون أن يفهم غزواني و من دون أن يفهم من هم أقرب منه إلى عزيز و من دون أن يفهم عزيز نفسه ..
لقد كان ولد عبد العزيز لصا ، اختطف موريتانيا بمساعدة خوَنةِ و ضعافِ نفوسِ أبنائها. و كان علينا أن نتجاوز كل ذلك من دون أن ننساه، في أمل أن يتدارك من كانوا يبررون ولاءهم له بأكاذيب قبلنا تجاوزها أيضا، ما بقي من البلد بعد عقد و نيف من العبث بكل شيء فيه.
ما تبدونه اليوم مع الأسف، أنتم قادة الجيوش و الأمن و على رأسكم ولد الغزواني، مخيب لكل الآمال و مدعاة حقيقية لندم أقرب الناس إليكم .
لماذا تراوغون لتظل موريتانيا ضعيفة ضائعة؟
لماذا تكذبون ليظل شعبكم محروما و تائها؟
لماذا تماطلون لمخادعة شعب تقولون إنه منحكم ثقته؟
أي بشر أنتم؟
ماذا تريدون من الحياة في بلد أعطاكم كل شيء بسخاء غير مستحق و بخلتم عليه بأقل قدر من رحمة؟
هل تدفعون هذا الشعب إلى مواجهتكم بما تستحقون من بغض و كراهية؟
هل تعتقدون أنكم ستظلون تهددون أناسا لم يعد لديهم ما يخسرونه ، بالفوضى و الحروب الأهلية؟
هل تعتقدون أن في كل مرة ستسلم الجرة؟
هل تعتقدون أن خوفنا على موريتانيا ـ من شرور أنفسكم ـ سيظل يمنع الناس من مواجهتكم؟
تذكروا جيدا أنكم تلعبون بالنار
تذكروا أننا تحملنا الحرمان و الطغيان من أجل أن لا نصطدم بكم
و تذكروا ، تذكروا، تذكروا، أن لكل صبر حدود.