عوائق بين الوزير والمواطن؟ / الولي سيدي هيبه
الزمان أنفو ـ
ومرة أخرى يطرق ذهني واقع الاستشارية الفوضوية بوجهيها الأكثر شيوعا وظهورا (المستشار، المكلف بمهمة) في بلاد التناقضات الكبرى.
وإذ الاستشارية من أهم دعائم الأحكام والسند القريب للحكام حيث يمدهم المستشارون بالنصح المتبصر في المسائل الشائكة ويقدموا لهم الحلول المنطقية والرؤى المتبصرة عن دراية مشهودة وتجربة عالية وبعد نظر معلوم ومزكى، إلا أنها اكتسبت خلال العشرية الفارطة طابع الفوضى ولبست ثوب “الجزاء” لدوائر التقرب على أشكالها السياسوية والقبلية والجهوية واللوبياتية حتى غصت الدوائر الحكومية والمؤسسات العمومية بجحافل من:
– المستشارين الذين قلما يتمتعون بمستويات علمية مناسبة أو تجارب وخبرات معلومة فلا يقدمون استشارات ترفع من مستوى سياسات وأداء قطاعهم،
– والمكلفين بمهام لا يعرفون مغزاها أو يدركون مقاصدها في غياب مطلق للنتائج الميدانية،
مستشارين ومكلفين بمهام وغيرهم من السلبيين جاؤوا بجرات قلم وأوامر لا تعصى، يعمرون المكاتب بأعداد كبيرة ويحتل بعضهم دهاليز قطاعات الدولة بدون مردودية.
ولما كانوا على هذه الكثرة وبهذه السلبية المقيدة، فإنهم قد شكلوا كذلك سدودا عالية منيعة وخنادق عميقة ممتدة تحول، مع كل صلف البيروقراطية الثقيلة التي روضوها، بين الوزراء والراغبين من أفراد الشعب في لقائهم والتبادل معهم؛ وظيفة ابتدعوها وسهروا عليها حتى بات لقاء الوزراء كالحلم البعيد لـ:
– المتظلمين،
– والحاملين أفكارا نيرة ومعلومات قيمة وبيانات مفيدة وإرشادات وتوضيحات كفيلة بتسليط الضوء الكاشف على الجوانب المختلفة من شؤون القطاع التي يصعب الحصول عليها إلا من الفاعلين في الميدان والملمين بشؤونه وقضاياه وخبايا وحيثيات وتفاصيل جوانبه،
وتدخل جميعها في صميم عمل ومهام القطاع لا يعلم حقيقتها سوى وحدهم المعنيون بها على أرضية الواقع لا غيرهم في ردهات ودهاليز ومكاتب المستشارين والمكلفين بمهام المكيفة لا يملكون لها حتى حسن التنظير وقوة التوجيه.
وإنما يحدث هذا الحصار على المواطنين أمام مكاتب الوزراء على الرغم من أن إحدى أهم توصيات رئيس الجمهورية لوزراء الحكومة الأولى في عهده أن يصغوا لصوت الناطقين باسم المجموعات السكان ية الذين يحملون هموم أفرادها ويدركون طلباتهم وشكاياتهم ومقترحاتهم فيما يراد لهم على أرض الميدان من بنى تحتية وخدمية.
وإذ الحقيقة أن نجاح القطاعات منوط بقربها من المواطن والاستماع إلى نبضه، لإنه بذلك هو المحدد الأول لسياسات القطاع الذي يصلح أن يكون:
– المستشار الصادق، صاحب الخبرة الميدانية الناطقة بحقيقة معترك التطبيق،
– والمكلف بمهمة الرقابة على الإنجازات وتقديم التقارير الميدانية عنها بأمانة وصدق وقوة دراية وتجرد، في النهاية المطاف.
ويبقى للمستشارين والمكلفين بمهام ألا تحيد مسؤولياتهم مطلقا عن مجمل سياسة القطاع وتوجيهاته، وأن يرافقوا المواطنين المتظلمين أو الحاملين لمقترح أو تقرير أو إيضاح فيسهلوا له لقاء الوزير حتى يعيروا له عن كثب عما يحملون من رسائل من الميدان وليبادلوا معه في شأنهم الذي يعني قطاعه.