عن غزواني
الزمان أنفو _ كتب الأستاذ عباس ابراهام:
عن غزواني
نعودُ سريعاً على غزواني. يبدو أنّه أحبَطَ كثيراً من الآمال فيه. أولاً: إنّه لا يمتلِك خطاباً. وبالتالي فإنّ ما يفعلُه لا يدخُل في استراتيجيّة مُعلَنة. إنّه يسير بالبركات. ثانياً: إنّه يُثابِر في الكوارث التي معيرَها النظام السابِق: 1-الاستدانة من المؤسّسات الدولية، و2-إعادة تدوير المُفسِدين دون التفتيش حتّى في خلفياتِهم وتلفظاتِهم (مثَلاً عُيِّن بعض العنصريين وبعض التكفيريين، ناهيك عن تعيين ناسٍ بلا كفاءة على مؤسّسات الدولة الكُبرى)؛ 3-البهرجة والكرنفالية، على حساب النفع والقيمة.؛ و4-إطلاق يد الشرطة في البطش في الطلبة والمهاجرين والمثليين والانتقائية في تطبيق قوانين الكراهية و5-التغاضي عن الفساد، رغم توفّر وثائق كافية بمتابعة المعنيين. وإلى حدِّ الآن لا توجد استراتيجية للتفكير في معضلات الدولة. فالعواصِم بلا خدمات عامة، غير معنونة وبلا صرف صحِّي أو حتّى نظام للنفايات، وما هو أسوأ أنّها بلا قانون. ما يوجد فيها هو تلاحمات من العلاقات العامة والوساطة. مشكلة التفاوت، وهي بيت القصيد، تجعلنا في عهد أنطوانيتي. قريباً سنكون في كيان غير قابِل للحُكم.
يستفيد غزواني من هُدنة سياسيّة. ولكنّه إلى حدِّ الآن لم يُقدِّم نتائج خارِج حسن النية. الاستراتيجيات التي قُدِّمت إلى حدِّ الأن في إصلاح الصحافة، وإعادة تركيب عقل للمجتمع بدت عبثية. لم تُقدّم حتّى الآن استراتيجية في حلّ التعليم وإصلاح نظام الطُرُق. الإصلاحات الطبية تبدو واعِدة وجِديّة،؛ ولكنها إلى حدِّ الآن لم تُؤتِ أكلَها. إذا استمرّ الحال على ما عليه فإن الفوارق ستتوسّع إلى حد الفتنة الأهلية بنهاية الفترة الغزوانية وستتحوّل الدولة إلى كانتونات للجرائم الأحيائية في الأسفل والمافيا الفاسِدة في الأعلى. وستتحوّل البلاد إلى قمامة للصناديق الدولية وكارِثة بيئية.
المُعارضة تنازلت عن أدوارِها التاريخية والتزمت بالصمت بناءً على وعودٍ غزوانية. الإسلاميون عقدوا تحالفاً مع غزواني التزمت فيه قناتُهم بعدم تغطية انشقاق الجنرال عزيز، وذلك مقابل ما يبدو أنّه إعادة ترخيص مؤسّساتِهم المُصادرة، التي هي أيضاً مؤسّساتٌ ديبلوماسية لهم، وليست فقط جمعياتٍ خيرية. المعارضة الأخرى، بعكس الإسلاميين، تُريد إعادة الاعتبار أكثَر من إعادة تنمية نفسِها. تريدُ تقاعُداً؛ إضافة إلى أنّ بعضَها تستنزِفه الانشقاقات أو الفِتَن الداخلية. في ظلّ موتٍ المعارضة هذا تسود الشعبوية. ويبدو من تأمّل الفضاءات التي يروج فيها التفكير العمومي أنّ المجتمع إما فقد ملكَة الحُكم أو فقد عقلَه.