كلمة في حق الراحل عبدالرحمن ولد دهاه
الزمان انفو _ كتب الشيخ محمدحرمه:
يوم الثلاثاء الماضي، عند حوالي الساعة الثانية ظهراً، توفي عبد الرحمن ولد دهاه، أثناء عملية توسعة لشرايين القلب كان يخضع لها في مستشفى أمراض القلب بنواكشوط.
تغمده الله برحمته الواسعة وألهمنا وأسرته الصبر والسلوان.. وإنا لله وإنا إليه راجعون
لقد غادرنا عبد الرحمن.. الهادئ جداً، الصامت دوماً، الوديع كنسمة هواء، المثقف دون خيلاء.. غادرنا ليترك فراغاً كبيراً لدى كل من عرفوه ومن عاشروه !
رحمه الله.. كان من أولئك الذين أتوا لهذه الدنيا وكأنهم في مهمة واضحة ومحددة، لا ينشغلون بغيرها، إنهم غرباء غير مرتاحين في هذا العالم، هكذا كان عبد الرحمن، وعندما أكمل مهمته.. غادر بهدوء وهو نائم !
أكمل عبد الرحمن مهمته بعد أن ربى أطفاله على القناعة وحب الخير للناس، وهو الذي التحق بالشركة الوطنية للصناعة والمناجم (سنيم) نهاية سبعينيات القرن الماضي، ليعطيها أكثر من ثلثي عمره، وتوفي وهو يخدمها رغم استفادته من حقه في التقاعد.!
إنه مثال لذلك «الجندي المجهول»، على غرار الآلاف من العملاء البسطاء الذين يشكلون العمود الفقري للشركة، يعملون في صمت ولا أحد يتحدث عنهم، وعندما ينال منهم التعب والإعياء، تتجاوزهم الشركة العملاقة لتطحن غيرهم في رحلتها الطويلة نحو (الأرقام القياسية) !
عاصر عبد الرحمن مختلف مراحل تطور شركة (سنيم)، من صعوبات ما بعد التأميم وتداعيات حرب الصحراء، مروراً بسنوات الاستقرار والطفرة والازدهار، وصولاً إلى سنوات التردي والهوان، وها هو يودعها اليوم وهي تعيش سنوات الأمل الموعود الذي يلوح في آخر النفق.. واكب كل هذه المراحل من موقعه كعامل مخلص لا يرى في (سنيم) شركته، وإنما بيته وعائلته وكل حياته.
تقاعد عبد الرحمن قبل أعوام، ولكن الشركة التي تعاني من تراجع في مستويات عمالها الجدد، حاولت أن تبرم معه عقداً ليواصل العمل، فقد كان من بين عمال يمتلكون خبرة لا يمكن الاستغناء عنها بسهولة، ولكن الظروف منعت ذلك.
رغم تقدمه في السن ظل يعمل بإخلاص وحيوية الشباب، حتى دفع ثمن ذلك من صحته.
الآن.. انتهي العقد من طرف واحد !
فهل تحفظ الشركة ذكرى الراحل وتمدد العقد مع أحد أبنائه المؤهلين والعاطلين، وهي عادة دارجة في تقاليد الشركة..؟! إن فعلت فذلك هو الوفاء وتلك هي القيم الإنسانية والمسحة الأخلاقية التي نحتاجها للتخفيف من وطأة وحشية الرأسمالية.
رحم الله الفقيد وبارك في ذريته