عن الوكالة و “كندره” والاكتتاب
الزمان أنفو _ كتب الزميل سيد النمين:
—————————————
لست هنا بصدد الدفاع عن الإداري المدير العام للوكالة الوطنية لسجل السكان والوثائق المؤمنة ولا تبرير قراراته الإدارية، فلست أهلًا لذالك وهو في اعتقادي الشخصي لا يريد مني لعب دور كهذا ولا يحتاجه.
سأكون غير صريح بل “فيّ لِخْلِط” إذا لم أعترف لكم هنا أني تأثرت كثيرا بحجم الهجمة على شخص الرجل ووقاحة حملة التشهير الممنهج ضده وضد محيطه الأسري الضيق وحاضنته الإجتماعية بصفة أكثر شمولية وإيلامًا لي شخصيًا، لأني أتقاسم وإياه ذات المحيط وذات الحاضنة.
حديثي هنا سيتمحور حول نقطتين؛ تتعلق الأولى بشخص أحمد ولد المختار ولد بوسيف، الذي عشت معه سنين حياتي كاملة وتقاسمت معه حتى لبن ثديي أمي عليها رحمة الله، أما النقطة الثانية فلها صلة بحيثيات الاكتتاب والمكتتبين.
1. أحمد ولد المختار أيها الإخوة الكرام إطار كفؤ حامل لشهادة دكتوراه من الجامعات الفرنسية وسليل أسرة جذورها راسخة في هذه الأرض وسالت دماء أجداده الزكية دفاعًا عن هذا الوطن وعن حوزته الترابية، بدأ مشواره المهني دبلوماسيا ناجحاً ورجلا مستقيما تجول بكل إحترام ومحبة داخل العديد من سفارات موريتانيا في الخارج واكتسب تجربة كبيرة في التعاطي مع الملفات الحساسة قبل أن يستقر به المقام في وظيفته الحالية والتي وجدها على ما كانت عليه ( لست من الذين يشيرون لما قد يفهم منه تحاملًا على الآخرين)، فبّسّط إجراءاتها وأعاد ترميم مراكزها وفتح الباب على مصراعيه للمواطنين ورواد خدمة عمومية لها صلة وثيقة ومستمرة بالحياة اليومية لكل واحد منا، فتمت في هذا الصدد لامركزية القرار، وصار جواز السفر يستصدر في أقل من ثمان وأربعين ساعة بعد أن كان المحظوظ منكم يتحصل عليه بعد شهرين من الانتظار، كوّن لجان جهوية في المقاطعات الداخلية للتثبت من هويات المواطنين الذين فاتهم الإحصاء المكثف في السنوات الأولى لتمكينهم من حقوق حرموا منها على مر السنين، كشف التعتيم على مجريات الأمور داخل الوكالة وصارت أبوابها مشرعة حتى لأصحاب النوايا السيئة والمندسين والقلوب التي سودها الحقد وسوء النية والطالع. تُدارُ الوكالة اليوم بكل شفافية ونظافة يد وترفعٍ تام عن سفاسف الأمور من قبل إطار ما زال في أوج عطاءه المهني وريعان مسيرته السياسية المتأصلة في جذور التاريخ ومجريات الحياة.
2. أما فيما يتعلق بحيثيات الاكتتاب الذي أثار الجدل وأخرج الثعابين من جحورها وأعطى الفرصة سانحة للغوغاء وعامة العامة والتطاول على شرف جهة بأكملها والتشكيك في حقها في الحياة والنيل منها بشكل قبيح وفج؛ هنا أعترف لكم أن طيبة المدير العام وصفاء سريرته وابتعاده التام عن أوكار السوء والرذيلة ولوبيات المكر والتحايل كلها أمور أوقعته في الخطأ، فأعطى الأسبقية في اكتتاب براتب زهيد لا يتجاوز أعلاه 56 ألف أوقية قديمة لمجموعة من محيطه الاجتماعي، ولن تشفع له عندي مراعاته لهاجس التمييز الإيجابي لصالح الطبقات الضعيفة والهشة في مجتمعه.
لكن -وحديثي هنا لزملائي الصحفيين وصناع الرأي الإعلامي الذين أكنُّ لهم الإحترام وأعتقد جازمًا أن سعيهم ليس بالضرورة بهدف الأذية ولا الاستهداف بقدر ما هو حفاظا على الشفافية والوضوح في تناول حيثيات الشأن العام- لماذا لا نواصل البحث والاستقصاء داخل أروقة هذه الإدارة المريضة بمسؤوليها ،الزبونية بممارساتها، الإقصائية بتدني مستويات أهلها، هنا ستجدون العجب العجاب، لا تكتفوا بتسريب وثيقة واحدة عن مسؤول لا يؤمن بالرشوة وتكوين العصابات واللوبيات داخل مؤسسته وعمقوا البحث فستجدون أن البلوى أعمق وأخطر، تساءلوا عن الطريقة التي أكتتب بها المئات في هذه الوكالة، تساءلوا عن المسابقات التي أعلن عنها وأشرفت عليها لجان مستقلة من أجل إكتتاب عمال جميع المؤسسات العمومية! أعرف أنكم لن تفعلوا، ولا أريد لكم أن تفعلوا، أنا في الحقيقة أشفق عليكم، لأنكم لن تتحملوا حجم الصدمة وهول المفاجأة، وستنسون “كندره” والرويتبات الزهيدة لوكالة سجل السكان.
فلتكن حادثة الوكالة هذه بداية حقيقية لعمل صحافة استقصائية مهنية تبحث بكل موضوعية في القضايا الجوهرية ولا تتوقف عند التفاصيل ولا تستخدم في تصفية الحسابات الضيقة وإشباع الرغبات الكيدية اللعينة.