الحِمل الدامي
كل لقمة طعِمتها ، كل ثوب ارتديته ، كل ذرة اسمنت في السقف الذي يظلك ، كل لعبة في يد طفلك ، حملتها ظهورهم المحدودبة و اختلطت بعرقهم و دمعهم و دمائهم . ثيابهم مِزق لا تقي من حرٍو لا قر ، بيوتهم عِشش بالية تأنف الكلاب من الإقامة فيها ، أبنائهم هياكل عظمية تقتات في مزابل المدينة الآثمة ومشاريع نزلاء دائمين بين اسوار سجن دار الشقاء .
الصحة ،التعليم ، الحياة الكريمة ، مفردات غريبة على قاموس حياتهم ، نصيبهم فتات، و حظهم ألم و معاناة. 1600 أوقية للأسبوع نصيب الفرد منهم أو 228 أوقية لليوم ، رغم العمل القاتل في زمهرير الشتاء و قيظ الصيف ، بدون أدنى حق في التعويض الصحي و لا التقاعد بعد ان يحدودب الظهر وتذوب المفاصل تحت وطأة الأحمال الثقيلة . يتساقطون يوما وراء يوم بالسكتات القلبية ، و حوادث العمل ، حتى ثمن الكفن و أجرة النقل إلى المقبرة تستكثره عليهم السلطات . يحصلون على 0.8 أوقية عن الكلغ بينما تحصل الرافعة على 15 أوقية ، و عندما يطالبون بثلث ما تحصل عليه الآلة ، تنقض عليهم قواتنا الباسلة مدججة بالسلاح مخافة ان تزعج أصواتهم القادة المنشغلين بمطاردة البغايا و التفاخر بجمع السيارات و بناء القصور. في صفقة سونيمكس وحدها نهبت 26 مليار لصالح جيب واحد من دون حكم بالتجريم للمشرفين على العملية، رغم أن العشرات يقضون زهرة شاببهم في السجون لسرقة هاتف نوكيا “الظواية” أو أخذية من أمام مسجد و في جريمة السكر مُكنت الغدة السرطانية من الحصول على 68 مليار أوقية من حقوق الجمركة. في هاتين العمليتين فقط استحوذت عصابة ولد عبد العزيز على 94 مليار أوقية من دون قطرة عرق واحدة. لو وزعنا هذا المبلغ على عدد الحمالين الذي يبلغ الخمسة آلاف لحصل كل واحد منهم على مبلغ 13 مليون أوقية و 400 ألف . أو ما يوازي 225 سنة من العمل المتواصل لخمسة آلاف رجل ، او 412.280.701 يوما من العمل لحمال واحد. هذه نتائج عمليتين فقط لا غير … لن اتحدث عن بقية الفساد ، صفقة المولدات ، و لا العمولات في اقتناء الطائرات و لا الهبة السعودية في لشراء السلاح و لا ما تم الاستحواذ عليه من الأراضي ولا الرشاوي في صفقات المعادن و الصيد البحري. لو قسمت كل اموال الفساد التي استحوذ عليها الجنرال و عصابته بين هؤلاء لأمتلك كل واحد منهم سيارة جديدة و فيلا من طابقين و شقة صيفية على شواطئ مدينة نيس الفرنسية أو الريفيرا الإسبانية و تمكن من توفير الدراسة لأبنائه في جامعات كامبردج و هارفرد. مع كل هذا تستمر جوقة المطبلين في طقوسها الأثيرة من هز للأوراك و الكروش و التصفيق بالأقدام و اليدين على نغمات الاسطوانة المشروخة من تمجيد لقائد الحرب على الفساد و رئيس الفقراء. الا لعنة الله على الظالمين و من والاهم الى يوم الدين . رجع الصدى ـ عبد الرحمن ودادي