الصحافة الورقية و الأفق المرتقب/ بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن
الزمان انفو _
تتجه الصحافة الورقية في موريتانيا إلى عهد جديد، نظرا للجهد الاستثنائي، الذي تبذله لجنة الدعم العمومي للصحافة المستقلة، بالتنسيق مع المطبعة الوطنية، حيث شهدت ساحة الإصدار يوميا، في نواكشوط، ظهور العديد من جرائدنا المعروفة وحتى المطمورة، حتى أن البعض بدأ يتحدث عن احتمال عودة صحف شغلت الناس في عهود سابقة، مثل “اشطارى” وغيرها، بإذن الله.
أزمة الصحافة الورقية، مبررة محليا وعربيا وعالميا، بحكم عوامل التطور البشري والتقني، فإن كان طائر الحمام، ظل منذ فترات سحيقة، موغلة في القدم، وسيلة ورمزا بديعا لحمل الرسائل، وحتى الهدهد المخلد في القرآن: “فقال ما لي لا أرى الهدهد”، فقد جاء بخبر أمة بلقيس، التي أسلمت بعد نقلها هي وعرشها في لمح البصر، كل ذلك بسبب إعلام الهدهد، لسيده سليمان،عليه السلام.
أما اليوم فقد جاءت “الشبكة العنكبوتية”، فكنست الطاولة تقريبا، من جملة وسائل الإعلام التقليدي، والسباحة عكس التيار صعبة، ومخاطرة مثيرة للسخرية أحيانا، على غرار “سباق الجمل والطائرة النفاثة”، لكن هذا النمط من السباحة، مازال موجودا، لدواعي التسلية والرياضة والإنقاذ، والتدريب العسكري!.
ولهذه الأسباب وغيرها، نحرص على “أوراقنا”، ربما أكثر، مما يحرص أصحاب “الويب” الإلكتروني، على صحافتهم السريعة السباقة، عمليا وإعلاميا!.
ففى أمريكا، توارت “الواشطن بوست” وغيرها، وفي لبنان اختفت السفير، وفي نواكشوط ظهرت السفير الورقية، بعد اختفاء طويل، وفي الكويت اختفت مؤسسات إعلامية ورقية عملاقة، لأسباب مقنعة ومتنوعة.
فمسابقة الإعلام الإلكتروني مستحيلة، لكن ما نسعى إليه استراتيجيا، في المرحلة الأولى، هو البقاء في الحلبة، على الأقل.
ورغم ما نعيش، من تشجيع معنوي، باحتمال وصول الصحف المنتظمة الصدور، لمرحلة السحب المجاني في الدورة الثانية، للجنة الدعم الحالية، تحت رئاسة الزميل، ماء العينين ولد امبيريك وصحبه الكرام، إلا أن هذا قد لا يكفى لمعالجة أزمة الصحافة عموما، والصحافة الورقية، بوجه خاص!.
لأنها تحت الحصار، منذ مطلع سنة 2011، بأمر من الرئيس السابق، محمد ولد عبد العزيز، وبتوجيه من الوزير الأول الأسبق، يحيى ولد حدمين، وبتنفيذ من المفتشية العامة للدولة، عبر قرار مكتوب موزع على نطاق واسع، وقد طبق بنسبة عالية، مانعا الصحف الورقية والإلكترونية، على السواء، من الاشتراكات والإعلانات والتكوين!.
سياسة تجفيف المنابع هذه، التي مورست “بوحشية عزيزية”، ضد الجميع ، وضد الإعلام بوجه خاص، تتطلب من قبل الحكم الحالي، التوقيف ورفع هذا الحصار الظالم، فهي أشد فتكا من وباء الكورونا، قطعا!.
لأنه في هذا الزمن المعلوم والإعلامي، لا معنى لأمة بلا إعلام مهني حر، مسنود معنويا وماديا، بما في ذلك صحافتنا الورقية المستقلة، المهددة بالانقراض!.