بالمشراط : اعتذار للجميع / سيدي علي بلعمش
الزمان أنفو _
في منطق أبناء هذا البلد الغريب ، لكي تكون مثقفا متحضرا و كاتبا محترما ، عليك – حين يحتقر ولد عبد العزيز شعبك و ينهب بلدك و يزرع الألغام الموقوتة في كل شبر منه – عليك عند تناول موضوعه أمام شعبك المغلوب على أمره (لأنك لا تستطيع القيام بذلك أمام الشرطة و لا أمام القضاء)، أن تفتح بلاغا ضد مجهول في مقالك ، لأن الحديث عن فخامة رئيس الجمهورية السابق ينبغي أن تكون له ضوابط ، ينسون أنه هو نفسه لم يحترمها قط و لم يكن يوما على مستوى المسؤولية في تصرفاته الخرقاء.
و حين يقوم مسؤول في الدولة بقول أو فعل لا ينتظر ممن في مكانته، ألا نسيء إلى الجميع (مثل الصحافة الموريتانية) ، حين نتحدث “عن تصرفات البعض” في إشارة خجولة إليه؟ ألم نغط هنا على الفاعل و نسئ إلى جميع الآخرين ؟ ألم نساهم هنا أكثر من الجميع في صناعة مناخ التستر على الفساد و الإفساد ؟
يخطئ من يعتقد أننا نتلذذ بفضح أي كان أو التعريض به ..
كم من وزير و ومسؤول فاسد في هذه الأنظمة الأكثر فسادا و احتقارا لشعبنا ، لم نعرف اسمه و لم نتكلم عنه في أي يوم من الأيام، رغم أنه لم يكن يختلف عن أي آخر في سوى أنه لم يجند نفسه لجلد الشعب و تأليه الطاغية المجرم؟
و حين لا يستطيع أي إنسان عادي (أعني، معذور في جهل القانون) على وجه الأرض أن يطالب بانتهاك دستور بلده لصالح حاكم، مهما كانت عدالته و يفعلها نواب و وزراء في موريتانيا لصالح أسوأ قاطع طريق في تاريخ البشرية ، ماذا ينتظرون منا غير التعريض و التلعين و تجاوز كل الحدود في حقهم .؟
حين يتذكر هؤلاء أن موريتانيا أرضنا.. أن موريتانيا مجدنا .. أن موريتانيا جرحنا المفتوح ، قد يتفهموا يوما أن ما يعتبرونه تجريحا شخصيا ، كنا نراه تشريحا تشخيصيا تحتاجه ساحة تحتلها الأكاذيب و المغالطات ، بين نخب مريضة ، تتبادل الاتهامات أمام جمهور لم يعد يصدق غير أن الكذب هو الحل، كان علينا أن نقدم له ما يحتاجه لا ما يريده؛ فلم ترض عنا النخبة و لم يرض عنا الجمهور (في المعارضة و الموالاة) .
نعم، لقد فشلنا فعلا في إرضاء الجميع و فشلنا في إرضاء أي طرف . و قد أدركنا الآن أنه سيكون علينا أن نعتذر للجميع حين يفهموا أننا آلمناهم جميعا لأنهم كانوا يحتاجون العلاج بالكي فكان علينا أن نقسوا عليهم إلى ذلك الحد..