حقوقي وصحفي يستحضر سجن روصو
الزمان أنفو _ ينتابني في خضم أحاديثكم عن حروب كبار اللصوص والساسة حنين لجلسة من جلسات سجن روصو الفين وخمسة، حيث كنا نجلس جميعنا للشاي، ولافرق فينا بين القاتل والنشال وسارق المعزاة..عدونا المشترك هو البعوض والوقت البطيئ ..هناك تعرف سجانك العريف “سي” وطباعه ومايحب ومايكره..جلسات ذاك السجن أكاديمية بطريقة أخرى..أما الشخوص فغاية في العمق، طلحة العملاق الذي يلوي الحديد يذهب كل يوم ومنذ سنوات الى السوق لشراء الخضروات والسمك الرديئ والأرز نصف المقشر لمطبخ السجن، ثم يعود كأنه يقيم بارادته ولايُخشى فراره..”صباح” فتى جامح ومتخصص في نشل الهواتف وحقائب السيدات وحكاياه عن سلمية عملياته لاتعد ولاتحصى ..”بوب” خرج عبر نفق حفره رفقة صديقه على طريقة “أل شابو”..خرجا ليلا ليقبض عليهما صباحا في “تكند” وقد تناولا حبات فاليوم أرخت مفاصلهما..في هدأة الليل ومابين وقع أحذية الحرس على السقف المتهالك وصرير لايٌعرف مصدره يأتيك صوت قراءة امام السجن “التقي” الشاب الذي قتل سنغاليا لأنه منعه حقه في شرب شايه اليومي بالمزرعة..التقي لكز في ثورة غضبه المشرف على المزرعة فأرداه، ولأنه يحفظ القرآن كان الامام الراتب للجمع الكريم..كان التقي حين تركته واثقا من أن الوجيه الشيخ محمد الأمين رحمه الله سيخرجه من السجن لأنه لم يتعمد القتل..لاحقا وحين علمت بوفاة الشيخ الأديب حزنت للأدب لكنني خمنت حزن ذلك الجسد الهزيل الذي خرجت من السجن ووجه صاحبه قد ذبل حتى أوشك على التلاشي والاضمحلال..في كل واحد من نزلاء السجن ذاك مايشدك اليه ويجعلك تتذكره ولو بعد حين..ترى أين الجميع الآن؟
محمدالأمين محمودي