شتاء الخجل الدبلوماسي/ سيدي علي بلعمش
الزمان أنفو _
حين تسير بلادنا خاوية على عروشها، على حقل الغام بلا خارطة ، بعد عقد من النهب و التخريب و الفوضى،
حين تتفجر فيها القنابل الأثنية، بعد عشر سنين من تأطير و تكوين و إعداد إيرا و افلام و لا تلمس جنسيتي
حين تصبح أكبر حاضنة للتطرف باتفاقية “المتاركة” مع القاعد و حماية كارتلات المخدرات و عصابات التهريب و الإرهاب و الجريمة المنظمة ،
بعد عشرية مشؤومة من المآسي و الانحراف و تزوير الانتخابات و تزوير الاتفاقيات و تزوير
الشهادات و تزوير العملات ،
و بعد ما أصبحت وحدة موريتانيا على كف عفريت و فضائحها على كل لسان بسبب بطش و استهتار و إجرام ولد عبد العزيز و محاولاته المتتالية للبقاء في الحكم و سياسة “أنا و من بعدي الطوفان”،
يطل علينا أستاذ الرياضيات الكبير (الذي يبدو واضحا أن الكليات التي علمته الحساب لم تعلمه العقاب) ، وزير الخارجية السابق و السفير السابق و السفير المرفوض لاحقا، إسلكو ولد إزيد بيه، بأغرب موقف، ما كنّا لنتسامح فيه مع أبسط مواطن معذور حتى في ترتيب أمور وضوئه:
لا يرى ولد إزيد بيه و لا يؤسفه مما يحدث في هذا البلد الخاوي على عروشه، المنتهك في حرماته، المشوه في سمعته ، الملطخ بآثام العصابات المنظمة، غير توتر العلاقة بين محمد ولد عبد العزيز و ولد الغزواني !!؟
الدولة في قاموس ولد إزيد بيه، مجرد بقرة حلوب، لا يُشينُ أهلَها اللؤمُ و لا يُعيبُ منطقَهم الارتزاق: “سيكون أهم إنجاز في حياتي رأب الجفاء بين غزواني و عزيز”.
فماذا لو حسبها أستاذ الرياضيات بالمعكوس؛ حين يصبح أهم إنجاز في حياته يساوي أسوأ إنجاز في حياة أي مواطن موريتاني لم يجلس يوما على كرسي الدراسة !؟
هنا – و هذا مال لم ينتبه له البعض – يقدم أستاذ الرياضيات درسا مسهلا (مستوى ثاني إعدادي)، لتصبح وساطته لعبة تغطي كل احتمالات التكسب من ورائها:
١ – أن تنجح الوساطة و يكسب الاثنين
٢ – أن يستدعيه غزواني للالتحاق بصفوفه، من دون أن يخسر عزيز
٣ – أن يعتبره عزيز خلا وفيا، من دون أن يغضب غزواني
٤ – أن يترك كل الأبواب مفتوحة على كل الاتجاهات لعل و عسى ..
كل الاحتمالات الممكنة حَرِصَ إسلكو على أن تظل مفتوحةلصالح توقعات مرصده المختل .
لكن واحدا زائد واحد لا تساوي اثنين بالضرورة في السياسة كما في الرياضيات . و هنا أصبح أستاذ الرياضيات المميز أغبى حتى من عزيز :
-لن يستدعيك غزواني لأنك أعلنت إفلاسك قبل بدء المزايدة و أصبحت ورقة محروقة..
– لن يقربك عزيز لأنك بكشف أوراقك، أصبحت دليل إدانة محرج؛ لقد أصبح من الواضح أنك تملك بعض أسراره في السوق البريطانية ؛ أمثالك من الطيعين تحولوا جميعا إلى صناديق سوداء في عهده،
– لن توفق في “رأب الجفاء بين غزواني و عزيز” لأن علاقتهما – لعلمك الخاص – لم تكن في يوم من الأيام علاقة ود و لا احترام و ليس لديك ما تضيفه إليها غير النفاق
– أما الأبواب التي تركتها مشرعة بكل الاتجاهات فلن يصلك منها غير زوابع الانتقادات اللاذعة و حمم جحيم عشرية الشؤم التي ستظل تلاحقك فضائحها و آثامها حتى آخر لحظة من عمرك.
لقد كنت صغيرا حين حصرت كل مشاكل بلد يتفجر في مجرد خلاف بين شخصين لا تهمنا خصوصية أي منهما ..
و كنت صغيرا أكثر حين نسيت أنه كان من الأخلاق أن تبدي – و لو كذبا – بعض التأسي على ما تعيشه بلادك من ويلات بسبب بطش هذا الأرعن المبلد الإحساس.
و ستظل صغيرا بكل تأكيد ، حين رهنت حياتك ل”رأب تصدع علاقة مع لئيم ، لن تلتئم ما تبقى من الدهر بأي معجزة