الذكرى الـ25 لاغتيال الشقاقي بمالطا: إسرائيل تؤكّد أنّ تصفيته وقتل عماد مغنيّة “غيّرتا مجرى التاريخ ووجه المنطقة”
“رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
الزمان أنفو _
قال مُحلّل الشؤون العسكريّة في القناة الـ13 بالتلفزيون الإسرائيليّ، ألون بن دافيد، إنّ قيام جهاز الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) بتنفيذ اغتيال الأمين العّام الأسبق لحركة (الجهاد الإسلاميّ) في فلسطين، د. فتحي الشقاقي، والمسؤول العسكريّ الكبير في حزب الله اللبنانيّ، عماد مغنيّة، أدّتا لتغيير وجه التاريخ، لافِتًا في الوقت عينه إلى أنّه بعد اغتيال الشقاقي، الذي تمُرّ اليوم، الـ26 من شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) الجاري، الذكرى السنويّة الـ25 في جزيرة مالطا عام 1995، أدخل حركة (الجهاد الإسلاميّ) إلى فترةٍ طويلةٍ من الجمود العميق، في حين أنّ اغتيال مغنيّة بالعاصمة السوريّة دمشق، في العام 2008، أوجد فراغًا لم يتمكّن حزب الله حتى اليوم من ملئه، زاعِمًا أنّ التنظيم قام بتغيير ثلاثة أشخاصٍ ليكونوا ورثة مغنية، إلّا أنّه فشل في ذلك، على حدّ قوله.
بالمُقابِل أوضح بن دافيد، المُقرّب جدًا من دوائر صنع القرار الأمنيّ-العسكريّ في تل أبيب، أوضح أنّه تمّ اتخاذ قراراتٍ خاطئةٍ من قبل إسرائيل، ومنها على سبيل الذكر لا الحصر، القرار باغتيال الأمين العّام السابِق لحزب الله، عبّاس موسوي، مُوضِحًا أنّ هناك اغتيالات غيّرت الوضع في الشرق الأوسط، وهناك اغتيالاتٍ كانت خاطئةً، والصنف الثالث، هو الاغتيالات التي قامت بها إسرائيل من مُنطلقٍ ثأريٍّ، وأكبر مثال على ذلك، أضاف، عملية الاغتيال الفاشلة لخالد مشعل، الرئيس السابِق للدائرة السياسيّة في حركة حماس، مُشدّدًا على أنّ العملية، التي تمّ تنفيذها في العاصمة الأردنيّة عمّان في العام 1997، كانت مُتسرّعة جدًا، وناتِجةً عن فشلٍ أخلاقيٍّ كبيرٍ لجميع مُستويات صنع القرار في إسرائيل، بحسب تعبيره.
وفي معرِض ردّه على سؤالٍ لصحيفة (ماكور ريشون) الإسرائيليّة اليمينيّة-المُتطرّفة، قال بن دافيد إنّه عقب اغتيال الرياضيين الإسرائيليين في أولمبياد ميونيخ أمرت رئيسة الوزراء آنذاك، غولدا مائير، رئيس الموساد في حينه، تسفي زامير، بتصفية جميع القادة الفلسطينيين والمُشارِكين في العملية، وفعلاً قام الموساد بتصفيّةٍ ممنهجةٍ، لإيمانه بأنّ الاغتيالات ستدفع الفلسطينيين للانشغال في الدفاع عن أنفسهم، عوضًا عن تنفيذ عمليات ضدّ إسرائيل، مُضيفًا أنّ المجتمع الدوليّ نظر بصورةٍ سلبيّةٍ جدًا لعمليات الاغتيال، واستمرّ هذا الوضع حتى تفجير التوأمين في نيويورك عام 2001، بحسب أقواله.
واعتبر بن دافيد في سياق حديثه أنّ الاغتيالات هي الطريقة الأكثر أخلاقيّة لمُحاربة ما أسماه بالإرهاب والإرهابيين، وكشف النقاب عن أنّ عملية اغتيال القائد الفلسطينيّ، على حسن سلامة، في العاصمة اللبنانيّة بيروت عام 1979، كانت مُركّبةً ومُعقدّةً جدًا، وأنّ ملاحقته استمرّت سبع سنواتٍ بالتمام والكمال، وأنّ العديد من الجواسيس والعملاء، الذين كانوا يعيشون في الدول العربيّة شاركوا فيها. يُشار إلى أنّ بن دافيد عرض العام الفائت سلسلة حلقاتٍ وثائقيّةٍ في القناة الـ13 استعاد فيها عمليات الاغتيال الكبيرة والمُهّمة التي نفذّها الموساد من وجهة النظر الإسرائيليّة، وأجرى لقاءً مع المرأة التي ضغطت على زرّ تفجير العبوة الناسِفة التي أدّت لمقتل سلامة.
يُشار إلى أنّه في العام 2010 نشرت صحيفة (يسرائيل هايوم)، المُقربّة جدًا من رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، نشرت تقريرًا عن عملية اغتيال الشقاقي، جاء في مقدّمته: تصفية الشقاقي، طبيب الأطفال، الذي اختار الإرهاب، مسّت بشكلٍ أساسيٍّ بحركة (الجهاد الإسلاميّ)، وهي الحركة الدمويّة جدًا، التي أسسها الشقاقي بنفسه. وبحسب، المصادر التي اعتمدت عليها الصحيفة، فإنّ حركة (الجهاد الإسلاميّ)، كانت السبّاقة، قبل حماس، في تحويل الصراع الإسرائيليّ-الفلسطينيّ إلى حربٍ دينيّةٍ، على حدّ تعبيرها.
جديرٌ بالذكر أنّ فتحي الشقاقي، طبيب ومناضل فلسطينيّ، بدأ ناصريًا قبل أنْ يُصبح إسلاميًا، وُلد بتاريخ 4 يناير 1951، في مخيم رفح للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، لأسرة فقيرة هُجّرت إبان النكبة من قرية زرنوقة (قرب يافا)، ونشأ في بيت محافظ، وكان والده عاملًا وإمام مسجد.
وبعد عودته إلى فلسطين من مصر في العام 1981، تعرّض للاعتقال من قبل الاحتلال الإسرائيليّ أكثر من مرّةٍ في الفترة بين 1983 وـ 1986، ثم أُبعِد في آب (أغسطس) 1988 إلى لبنان، وذلك بعد اندلاع الانتفاضة في فلسطين واتهامه بدورٍ رئيسيٍّ فيها، وبقي يتنقّل من عاصمةٍ عربيّةٍ إلى أخرى حتى تمّ اغتياله في مالطا لدى عودته من ليبيا، وكان في الـ44 من عمره.