رسالة غير سياسية، إلى ضحايا الزيارات الرئاسية
كتب سيدعلي بلعمش:
الزمان أنفو _
زيارات الولايات في موريتانيا إعلان رسمي لفتح مواسم النفاق.. إعلان رسمي لبداية تدشين صناعة الفساد..
ما حاجة الرئيس للذهاب إلى ولايات ينقصها كل شيء و لا يأتيها بأي شيء؟
ما حاجة الولايات إلى مجيء رئيس للالتقاء بأطرها القادمين معه من نواكشوط؟
حين تتجاوز ولاياتنا البائسة محنة الصيف و ما يرافقها من صعاب تستدعي تدخل رئيس الجمهورية و جميع قطاعات دولته..
حين تتجاوز ولاياتنا البائسة كل مآسي الخريف: قرى محاصرة .. قرى منكوبة.. قرى معزولة، من دون أي تدخل من أجهزة دولته.
حين يعتدل الجو و تزهر الأشجار و تنتشر المواشي السمان على امتداد الرؤية و تمتد أعناق السنابل مؤذنة بقرب الحصاد، تباغت ولاياتنا البائسة مواكب فخامة رئيس الجمهورية و أسراب الجراد المرافقة لها، لتمحق ما أصلحه الدهر..
و حين تعود إلى مكان استقبالها الذي كان قبل ساعات “ساحة خمس نجوم” ، تتأكد أنك أمام بقايا كارثة طبيعية تتجاوز بشاعتها منظومة مقاييس رختر..
و في حين يدشن رؤساء العالم مراكز الطاقة النووية و مصانع الطائرات و مختبرات الأدوية المبتكرة، يدشن رؤساؤنا مدرسة ابتدائية بدائية من قسمين بلا سبورات و أحيانا بلا سقوف و “مركز طبي” من حجرة و حمام بلا طبيب و لا ممرض و يستلم سيارة إسعاف هدية بالغة الامتنان من سفارة أجنبية (أقل ثمن سيارة في الوفد المرافق له يكفي لشراء عشرة من نوعها) ..!؟
علاج المواشي من الوباء الأخير، تم قبل مجيئك يا فخامة الرئيس و امتلأت جيوب التجار من بيع عقاقير أكثرها موزر، على حساب منمين ليس لهم من يدافع عنهم و لا من يرشدهم.
الحملة الزراعية يا فخامة الرئيس، انطلقت قبل مجيئك الميمون بجهود منهكة و آلات بدائية و أسمدة مغشوشة، لم تستطع أجهزة دولتك المحترمة حماية المزارعين من جشع مورديها ..
فبماذا ستخاطب سكان غورغول إذا تجاوزنا مقدمات الثناء على الحفاوة و حسن الاستقبال؟
كل ما تفكر في الحديث عنه اليوم قاله قبلك ولد هيدالة و ولد الطايع ، حتى العلج ولد عبد العزيز ، لم تخنه الخطابة في حبك الوعود العرقوبية ..
فخامة الرئيس المبجل، حين تستقبل شمامة “عر” بالزغاريد و القصائد و النحائر ، ألا نتساءل ماذا تغير في الدنيا؟
لو كنتُ محلك.. لو استشرتني.. لو فكرتَ قليلا بعقل المواطن.. بمنطق الحساب .. بإحساس المغلوبين على أمرهم في غورغول، لوضعتَ المخصص لهذه الزيارة في ظرف محكم و بحثت عن شيخ ورع من المنطقة، لم يتوظف في حكومات الفساد و لم يتلطخ بذنوب السياسة و لم “يقاتل” قط في صفوف أي حركة إسلامية و لم يفت قط بإباحة دم مسلم و كتبت عليه “تصل بـ”راحة” محتاجي سكان غورغول” مع تحيات فخامة رئيس الجمهورية . و سلمته له مع أجرة النقل.