انتكاسة خطاب 28
كتب سيدي علي بلعمش:
الزمان أنفو _
سيكون هذا المقال طويلا لأنني لا أريد أن يقرأه المتطفلون على السياسة.
سيكون هذا المقال طويلا لأنني لا أريد أن يقرأه أصحاب ثقافة “الفاست فود” الذين أصبحوا يتحدثون في كل شيء.
سيكون هذا المقال طويلا، لأن تراجيديا شعبنا أطول.
سيكون هذا المقال طويلا لأن الحديث عن فساد نظامنا قصة بلا نهاية.
تابعت باهتمام و تمعن خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة عيد استقلالها الستين (60). و كنت ـ بعد نفاد صبرنا الملجوم منذ قدومه ـ قد توعدت فخامته في رسالة مفتوحة (قبل شهر بالضبط) بتأجيل اتخاذ موقف من نظامه إلى ما سيأتي في خطاب هذه المناسبة ذات الرمزية العالية في نفوسنا و الموعد الدائم في وجداننا لحدوث تغيير طالما اشرأبت له أعناقنا.
كان هذا الخطاب الجنائزي إعلان وفاة.. كان إعلان إفلاس.. كان إعلان احتقار لشعبنا المحاصر بالدعاية السخيفة و الأماني الكاذبة، منذ عام و نيف.
لو كان هذا الخطاب تسجيلا لخطاب المناسبة سنة 1972، لما صدق أحد أن تكون هذه إنجازاته و وعوده و التزاماته و سخافة دعايته: من يفتخر باستقلال القضاء (الأفسد من قدرنا)، الذي يتندر الجميع بأحاجي يومياته الأقرب إلى قصص جحا .. من يفتخر بجريمة نذيرو المؤيدة لمشروع بيل غيت للحد من تكاثر البشر “غير الضروريين”.. من يفتخر بمدونة الصفقات العمومية المفتوحة على الفساد المستمر بعبارة “أسباب استعجالية” .. من يفتخر بتفعيل أجهزة الرقابة الملزمة بتأدية التحية الصباحية لولد أجاي و وزير ماما تكيبر و عبد العزيز ولد داهي و جا ملل (…) من يفتخر بدعم الحريات العامة “من خلال ما يجري عليه العمل ، حاليا، من وضع استراتيجية شاملة لإصلاح و ترقية قطاع الإعلام” (بلا تعليق) .. من يفتخر بـ”الانفتاح و التشاور مع الفاعلين السياسيين” ، يفهم بوضوح أن الرجل غير جاد و أن لديه باعا في تسويق أكاذيب الدعاية على مستوى الظواهر : مع من تشاورت يا غزواني من الفاعلين السياسيين؟ و في ماذا ؟ و بماذا أخذت من رأيه؟ ما لا يختلف عليه اثنان في موريتانيا هو أن الفساد يشكل نسبة 98% من مشاكلها ، فعن ماذا تتكلم حين يخلو خطابك من كلمة “فساد” بتعمد و وعي ، نكرانا لوجوده؟ لكن كيف لمن يعين ولد أجاي على “سنيم” أن يتكلم عن الفساد؟ فمعذرة ، ربما كنا نحن من نظلمك في هذه.
ما هكذا تورد الإبل يا غزواني.. ما هكذا مواقف الرجال : لقد اتضحت الآن حقيقة كل ما يحاك في الظلام و لسنا نادمين على صمتنا كل هذه الفترة و لا على “تصديق” أكاذيبك المعلبة ؛ لقد كان ذلك ما يمليه علينا ديننا و أخلاقنا و مسؤولياتنا أمام شعبنا . و ما أستنتجه الآن بوضوح من خلال كل المعطيات على الأرض هو أن غزواني أدخلنا اليوم في ممر إجباري لنهاية حكم العسكر: و “عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم”.
لقد فهمنا الآن بما لا يدع مجالا للشك أننا لو أعطينا ميدالية واحدة لولد الغزواني و طلبنا منه أن يعطيها لمن يستحقها في تقديراته، منذ عيسى بن مريم (عليه السلام) حتى اليوم ، لوشح بها ولد أجاي أو شيخنا ولد النني.
تلك هي حقيقة غزواني التي نتحمل اليوم بعد كل هذا الانتظار، مسؤوليتنا أمام الله و أمام شعبنا في التعامل معه من خلالها :
بعد حوالي 500 يوم من حكمه، و إعادة تشكيل صفوف العصابة القديمة و تدوير رموزها (حصريا) بين وظائف الدولة السامية ، تماما كما لو كانت ملكا خاصا لولد الغزواني ، يتكرم به على كل من له فضل عليه أو كل من لهن مكانة في قلبه، ها نحن بعد انتظار طويل، نستمع إلى أتفه و أكذب خطاب بمناسبة عيد الاستقلال، على امتداد ستين سنة ، هي عمر حصار شعبنا بين أجندات هيمنة اللوبيات المحلية ذات الأسرار المشفرة : “و اليوم ، على عواتقنا جميعا، تقع مسؤولية صون المنجز و مواصلة البناء و تطويره و ذلك بالعمل الدؤوب على تقوية اللحمة الاجتماعية و إرساء دولة القانون و تحقيق العدالة الاجتماعية و التنمية المستدامة الشاملة”. أي هذيان هذا ؟ ألسنا هنا أمام فقرة مبدعة من نص مسرحي ماغوطي، موغل في الكوميديا السوداء؟
ما تحدث عنه فخامة رئيس الجمهورية بتبجح و اعتبره إنجازات لا تطال ، تخجل أي منظمة خيرية صغيرة من الحديث عن مثله..
ـ كنا ننتظر ثورة زراعية ، كاملة الأسباب و الوسائل على أرضنا..
ـ كنا ننتظر تأمين شركات الذهب التي نهبت خيراتنا دون أي مقابل ..
ـ كنا ننتظر قرار تصفية المعادن على أرضنا في أفران محلية ، بعد 47 سنة من تأميم ميفيرما..
ـ كنا ننتظر بناء مصانع وطنية لتعليب السمك تنافس الأوروبية للاستفادة من القيمة المضافة ..
ـ كنا ننتظر خطة مكثفة للاستفادة من الثروة الحيوانية : لحوم، ألبان، عظام، جلود (…) ..
ـ كنا ننتظر خطة توسيع مراعي ، تجعل كل الأراضي الموريتانية الشاسعة في متناول المنمين : الطرق و نقاط المياه و الأمن..
ـ كنا ننتظر أفكار ثورية ، تعبر عن طموح دولة ، تقودها نخبة ذات رؤية ، تبحث عن نهضة حقيقية ، تتوفر كل أسبابها و وسائلها ، لا الحديث عن تدشين مدرسة من قسمين و عيادة أقرب إلى مطبخ و علاوة طبشور معلم لا يفرق بين النعت و الحال..
ـ كنا ننتظر رفع الضرائب 20 عاما عن المصانع و حماية رجال الأعمال: كيف تستطيع اليوم أن تستثمر نصف ثروتك في بناء مصنع ، ستحف بك من كل الجهات خمسين شبيها له في مساحة ثلاث كيلومترات؟
يبدو جليا من خلال هذا الخطاب السقيم، أن من كتبوه أرادوا أن يفهمونا أن ولد الغزواني ما زال يعتقد أن من بيننا من يمكن أن يصدق أكاذيبه و افتراءاته ليؤكدوا لنا أن حالته المرضية (إيمانه بعبقرية الكذب) ، أخطر و أرسخ من حالة عزيز المرضية (ولعه بجمع المال). و هنا يكون الشعب الموريتاني و طبقته الواعية ، المدركة لكل الحقائق ، مسؤولين أمام الله و أمام التاريخ ، عن العمل من اليوم و بكل الطرق و الأساليب، على إنهاء حكم هذه العصابة المريضة ، المتخلفة ، الغارقة في وحل آثام ماضيها الإجرامي.
لم تعد بلادنا تتحمل المزيد من عبث هذه العصابات في وقت تتسابق فيه جيراننا (المعادية لنا من كل الجهات) لإحداث نهضة في التصنيع و الزراعة و التعليم و الصحة و التكامل الاقتصادي في إطار منظومات إقليمية خرجناها كلها بهواجس تتعلق بأمن أنظمتنا، الضاربة عرض الحائط بمصالح البلد و أمنه و استقراره.
و ما يجب أن نتأمله هنا بتعقل و موضوعية ، هو أن ولد الغزواني (عكس المجرم عزيز) ليس له قطعا أي سبب موضوعي ليكون سيئا ، فلماذا كانها؟
الرد على هذا السؤال قريب جدا و يمكن للجميع فهمه بسهولة: الرجل مِطواعٌ ليِّن الشكيمة بطبعه و قد تم توريطه في ملفات كثيرة، أصبح رهينة للخوف من تفجيرها ، فلم يجد من الحلول سوى الهروب إلى الأمام عن طريق اللامبالاة و الوعود الكاذبة و الاحتفاظ بكل من يشاركونه نفس التهم لبناء جدار عازل دون ظهور حقيقة، ينسى أن كل جبال الأرض لا يمكن أن تخفيها.
كان هذا الخطاب واضحا رغم ما بُذل فيه من جهود ليكون عاصفة دعاية، من خلال استباحة الأكاذيب، شحنًا لعقول المناصرين و استخفافا بعقول الدهماء و إرباكا لردود العقلاء : ليس لدى ولد الغزواني ما يقوله .. ليس لديه ما يقدمه لهذا الشعب.. ليس لديه طريقة للخروج بنفسه من مأزقها .. ليست لديه لا نوايا مؤجلة و لا حتى إحساس مكبوت بالذنب و لا استعداد لمضيعة الوقت في البحث عن حلول ؛ إن مهمته أن يضيع وقتنا بالأماني الكاذبة و هذا ما أتقنه منذ قدومه و ما يواصل العمل على توسيعه و ترسيخه و زخرفته بالأباطيل المعدة بإتقان ..
كان خطابا باهتا .. فارغا .. متعبا .. مريضا .. يتذاكى بغباء و يكذب بجبن في مبررات واهية لفشل حتمي هو قدرنا الثابت المحنط في ثلاجة العسكر و وعود هلامية بصرامة مصطنعة تفضحها ارتدادات التطبع المرتبكة ..
كنا بحاجة إلى خطاب يهز التاريخ ، لا إلى خطبة وعظ بوذية تكتم أنفاس التأمل التجاوزي.. كنا بحاجة إلى رسم ملامح نهج آمال جديدة، لا إلى تدوير آلام “تعهدات” تُنفَّذُ بتدوير أبطال مأساة عشرية الشؤم المتجهة إلى عشرينيته : لقد قررتَ يا سيدي أن تمسك التاريخ بذيله و عليك أن تستعد للدغته..
قبل وصوله للرئاسة ، لم يسمع أحد صوت خروتشوف . و في مقابلة، بعدما أصبح مشهورا بغضبه و صراخه و ضربه للطاولة بأحذيته، سألته صحفية مستغربة، أين كان هذا الغضب و الصراخ قبل وصولك الكرسي؟ فرد عليها باعتزاز و شموخ : “كنت أمارس الصمت السياسي”: و هذا ما نقوله اليوم لمن يسألوننا لماذا سكتم كل هذا الوقت عن غزواني رغم استمراره الواضح في نهج الفساد؟
نعم، هناك أوقات يكون فيها الصمت أبلغ من كل كلام و أشمل من كل كلام و أشد على المخطئ من كل تهديد: ثمة حسابات معقدة و خطيرة، يحتاج الحديث عنها إلى عدة مجلدات هي ما جعلت الكثيرين يسكتون كل هذا الوقت. و لا أعتقد أن أيا من أطراف المعارضة الواعية لخفايا كل ما يحدث في البلد، سيعتذر عنها يوما أو يتكلم عنها قريبا. لقد كانوا يعرفون جيدا ما يقومون به في حسابات دقيقة و رؤية واضحة ، اكتشفوا الآن أن ولد الغزواني لم يكن يملك ذكاء التعاطي معها و لا استغلالها لصالحه و حين تبدأ ردة فعلهم سيدرك بوضوح أنهم لم يعطوه شيئا و إنما منحوه فرصة أن يظهر على حقيقته تماما كما حصل.
قد يحكم علينا من يعتبرون التاريخ ما كان فقط، بما تعكسه لحظة خذلاننا اليوم، لكن من يعتبرون التاريخ ما كان يمكن أن يحدث أيضا، قد يلتمسون العذر لمن ركبوا موجة الأمل بقراءات تفاؤلية أولها مصلحة الرجل التي هاب اقتحام الطريقة الوحيدة لحمايتها رغم إعلان استعداد الجميع لتجاوز هفوات ماضيه مقابل البدء الجاد في ترميم تصدعات البلد و انطلاق الإصلاحات في كل قطاعاته المنهكة.
من يغذون اليوم زوابع التهم المستمرة ضد المعارضة في المواقع الصفراء و فضاء التواصل اللا اجتماعي، لا يفيد ولاؤهم و لا يضر عداؤهم ؛ و سواء كانت تلك مهمتهم السرية أو ديدنهم في الترنح على حلبة الارتزاق السياسي : يكفينا أن نتحدى أيا منهم أن يجمع عشرين شخصا للصلاة على جنازة، ليفهم من يستمع إلى ما يقولونه، مدى تضحيات المعارضة حين تنزل عشرات الآلاف إلى الشارع على امتداد سنوات الجمر، في أصعب الظروف : وحدهم من يدركون ما قدمته المعارضة من تضحيات بالتفاصيل الفنية و المادية هم من يحق لهم أن ينتقدوها و لن يفعلوها في غير التفاصيل.
يقول المتكلمون إن من أصعب الأمور “شرح البديهيات” و هذا بالضبط ما نحتاج الوقوف عنده لفهم بعض أسباب حيرة “الجميع” من صمت “الجميع”. ما تعانيه الناس اليوم، هو العجز عن إيجاد معنى لما يحدث أو كلمات للتعبير عنه.
و كأن “الجميع” عندنا تعني من قدرهم أن يكونوا دعامة مركبة بلا فرامل، في سباق مغامرات بلا قوانين و لا ممنوعات، المهم فيه أن تكون الأول. على من يتهجمون على المعارضة اليوم و يتهمونها بالانبطاح و التقصير و الذوبان، أن يكونوا معارضة. و إذا كانت المعارضة كرسيا يحتجزه ولد داداه أو ولد مولود فليتقدم إليه من يتهمهم بالنزول عنه.
أعتقد الآن ـ إنصافا للجميع ـ أننا كنا بجاجة إلى وقفة تأمل بطول هذه السنة و النصف (تقريبا)، لالتقاط أنفاسنا المنهكة و تأمل محاولات نهوض آناكوندا هذه التراجيديا الجديدة التي تحاول فسخ جلدها بصعوبة بعد فسخ بدلتها العسكرية ، للتنصل من “تعهدات” أدت مهمتها بنجاح و أصبحت عبئا على مشروع الهيمنة المتعثر بأكاذيب دولة كاملة من المعتوهين.. دولة كاملة يبرر كل شخص فيها خيانته بخيانة الآخرين.. دولة كاملة تعتبر الوطن عدوا مشتركا تتعاور مقاتله بالنبال و السكاكين.
نعم، لقد كان رجال المعارضة و شبابها أبطالا و على أعلى درجات المسؤولية و الصدق و الأمانة، لذلك سيظلون الهدف الأول لكل المتزلفين و الطعم الأفضل لإغراء صنارة كل مصطاد في المياه العكرة، بحثا عن عربون ود لعصابات النهب و التخريب.
(…) و ما زال هناك اليوم من يطلبون منا أن ننتظر غزواني أكثر و أن نطمئن بأنه سيعمل كل شيء. و جوابنا عليهم بسيط : لم يعد قرار الانتظار بأيدينا بسبب مسؤولياتنا أمام شعب أصبحت تضحكه وعودكم، لكننا بالمقابل لا نريد ولد الغزواني أن يعمل كل شيء؛ ما نطلبه منه هو فقط أن يحدد لهذا الشعب المعسكر في الشمس في انتظار “تعهداته”، توَجُّهَه الحقيقي من خلال وعود تترجم بوضوح في أفعال ملموسة. لكن حين يتمسك بولد أجاي على رأس اسنيم و يقول لنا سأحارب الفساد.. و يتمسك بـ”جا ملل” و ولد عبد الفتاح و عبد العزيز ولد داهي و شيخنا ولد النني (الغائب عن السفارة في داكار منذ أكثر من عام)، سيكون علينا نحن، أن نطلب منهم أن يخيموا في أحياء الانتظار لـ”أربعين سنة أخرى” في انتظار “تعهدات” يَتوَلَّى الفسادُ مهمة رسم أجندتها الشيطانية.
لقد سكتنا طويلا في هدنة غير معلنة من طرف واحد (بحسن نوايا مبنية على تقديرات نعي درجة هشاشتها)، عن تجاوزات هذا النظام المتمثلة في استمرار نهج ولد عبد العزيز بكل تفاصيله و وقاحة أسبابه، و اليوم علينا أن نتكلم بقدر ما سكتنا لنعتذر لشعبنا عن قراءتنا الخاطئة و أسباب تشبثنا بسلمية الانتقال من الاستباحة و الاحتقار إلى مستوى أفضل من الاحترام المتبادل، يحتاجه النظام لاستمراره و يحتاجه بلدنا لاستقراره.
يحاول المُتناعِمُ غزواني هنا أن يمارس الفساد الناعم بابتسامات دكتاتورية ناعمة ، معتقدا بهدوء متنعِّم ، أن دلال النواعِم هو أهم برنامج اقتصادي و اجتماعي، مخضعا تعييناته لمعايير نُعومة قد نختلف في الذوق فيها لكننا لا يمكن أن نختلف في أجناسها : صَتِيتٌ من الغواني النواعم و طابور من القوادين و المتزلفين المتنعمين. و تماما كالنعامة، يحاول ولد الغزواني أن يعودنا بنعيم محسود، على دفن رأسه في الرمال كلما ارتفعت أصواتنا الخشنة أو تحركت الساحة في غير زفة نعيم ممجدة للفساد، متقمصا دور الضحية تارة و مخترعا أخرى، ألف شماعة من خطر ولد عد العزيز و فاتورة كورونا.
هل يمكن أن تمر علينا مأمورية كاملة ـ في أصعب ظروف يعيشها بلدنا منذ نشأته ـ في متابعة مَقالب توم و جيري في كواليس صراع عزيز ـ غزواني، المدار في الغرف المظلمة ؟؟
أحد السياسيين المعارضين الكبار ، حين سألته كيف لا تتحركون ، أجابني : “صدقني، أشعر كأنني مسحور”
كان هذا الجواب مؤلما و مسكتا لو كان في السكوت حل، لكن الأجمل فيه أنه يحيلنا إلى حزمة الأسئلة الضائعة: لماذا نسكت.. إلى متى نسكت.. ماذا يحصل؟؟؟
أريد من أي عاقل أن يعطيني سببا واحدا ـ و لو نصف أو ربع مقنع ـ لسكوتنا اليوم !!
نعم، لا أعتقد أن من بيننا اليوم صادق لا تدندن هذه العبارة في أعماق نفسه “صدقني، أشعر كأنني مسحور”
لقد أعطينا كل شيء لغزواني (شيك على بياض)، في بيعة أشراف، لم نساوم فيها و لم نطرح فيها شروط العرائس، لنكتشف اليوم بوضوح أن الرجل لا يخجل و أننا فعلا أعطينا ما لا نملك لمن لا يستحق. و هنا وجب الاعتذار لشعبنا عن سوء حظنا لا عن سوء تقديراتنا لأنه ما كان يحق للمعارضة أن تحاكم النوايا حتى رغم عدم اعترافها بنتيجة الانتخابات المغتصبة.
لن نسكت بعد اليوم و سيكون كلامنا على حجم استغراب سكوتنا كل هذه الفترة الضائعة من عمرنا.. سيكون على قدر وقاحة تعاطي هذه المافيات المتوالدة مع شعبنا المخذول و في حدود ما نمنح أنفسنا من حرية لا ما تحدده لنا عصابات القضاء الحامية لمنطق القهر.
ماذا كان يطلب من المعارضة و الشعب للمساعدة في نهوض مشروع غزواني لو لم يكن زبد أكاذيب يستحيل أن يقوى على القيام ؟
ربما كان ازدراؤك بردة فعل هذا الشعب المكلوم هو ما جعلك تنام قرير العين بعد كل عشاء فاخر ..
ربما كان اعتمادك على القوة القهرية كما ظهر في أحداث الجامعة (25 سنة) هو ما سيعجل نهاية حكمك أقرب مما نتخيل..
أول علامات خلخلة نظام طيب الذكر ، الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله ، رحمه الله و أسكنه فسيح جناته، كان على مستوى وسائل الإعلام:
من يستطيع اليوم من بين المائتي موقع و صحيفة و قناة في البلد، أن يتحدث و لو بخجل، عن فساد ولد عبد العزيز ؟
ألم تلاحظ ـ حين يوزع وزيرك 200 مليون عليها ـ أنك تغذي أعداء موريتانيا من قوت شعبها البائس؟
ألم تلاحظ حين يتكلمون بخجل عن فساد العشرية، أنهم يشيرون بذكاء إلى فسادك؟
ألم تلاحظ ـ حين تفتح مواقع “الريادة” ـ أنك لم تزل قابعا، بالنسبة لهم، في مكتبك الخاوي على عروشه بالقيادة العامة للجيوش، الأكثر وهمية من تربعك اليوم على عرش الوهم؟
و ليسمح لي من لم يتعلموا من تراث حضارتنا المجيدة غير آداب الأكل ( الصمت و “مما يليك”) ..
لم يُخفِ هذا الخطاب البائس أي شيء من عجز ولد الغزواني و تخبطه و محاولات التفافه على الحقيقة بما يثير الشفقة عليه أكثر من أي شيء آخر..
و رغم سنين الجمر و الخجل و النهب، ليست لدى موريتانيا اليوم مشكلة مال و لا ديون و لا نقص في الكوادر و لا انسداد آفاق و لا حرب و لا حصار و لا صراع سياسي؛ إن مشكلتها الوحيدة.. مشكلتها المخجلة.. مشكلتها التي يتفق عليها الكل اليوم بإجماع، هي ولد الغزواني. و حين يتم تشخيص المرض بشكل صحيح يكون من النادر أن لا يتم التغلب عليه، لا سيما إذا كان من أقدم أمراض المنطقة المعروفة .
على هذا الرجل أن يرحل اليوم، اليوم و ليس غدا.. أن يترك موريتانيا لأهلها ؛ بلدنا لم يعد يتحمل عبثكم و استهتاركم و غباءكم و عدم إحساسكم بأي قدر من المسؤولية .. بأي قدر من آلام شعبنا .. بأي قدر من مرارة واقعنا..
على هذا النظام المحاصر من داخله بالفضائح المالية و الأخلاقية أن ينتكس ؛ لستم على مستوى المسؤولية .. لستم أهلا لهذا المقام.. لستم سوى من أنتم في أعلى تجليات بشاعتكم.
لو كانت المعارضة الموريتانية وقفت في وجه هذا النظام، لكان الجميع اليوم يحملها مسؤولية عرقلة مشروعه السياسي الفريد من نوعه: شكرا للمعارضة الموريتانية الباسلة على العمل بكل هذه المهارة على كشف حقيقة ورم ما كان كثيرون سيحسبونه شحم غزواني المحسود.. شكرا لها على نضالها الباسل و المسؤول .. على صبرها على أذى الجميع .. على تشبثها الثابت بأمل في قبضة المستحيل..
لا أحد يستطيع اليوم ، مهما بلغ من ميول و وفاء لغزواني أن يدافع عنه بغير “حسبنا الله ونعم الوكيل” ..
لا أحد اليوم يستطيع مواجهة الشعب الموريتاني بأي ثناء على ولد الغزواني..
لا أحد يستطيع اليوم مؤاخذتنا على أي موقف نتخذه من غزواني ..
لا أحد يستطيع اليوم أن يطلب منا أن نتمهل أو نتفهم أو أن نراجع أي موقف أو حساب في حقه..
هذا هو كان العمل الراقي جدا و الواعي جدا و النوعي جدا للمعارضة .
و على من يقول لنا اليوم “ليس إلى هذا الحد من الانتقاد”، أن يتذكروا مأساة 9000 أسرة يبيت أكثرها اليوم في العراء.. أن يتذكروا تحطيم آمال شعب كامل بعد عشر سنين من تمزيقه و تجويعه و احتقاره.. أن يتذكروا لائحة تعيينات ولد الغزواني المتشفية في الشعب الموريتاني و المتحدية لإرادته.. أن يتذكروا ما حصل من صفقات التراضي بأعلى درجات الزبونية في عهد غزواني.. أن يتذكروا جريمة الإبادة الجماعية التي يقودها وزير الصحة : نعرف أنكم لن تصرفوا أموالا تحتكرونها لنهبكم، لحماية الشعب ، لكن على الأقل لا تكذبوا عليه بأرقام لا تأتي بنسبة 1/10.000 من حقيقة ما يحصل : إما أن تخبروه أنكم عاجزون عن نقل الحقيقة و عن مواجهة الوباء و إما أن تتركوه و شأنه من دون أن توهموه بأن الوباء انحصر في هذا الحد الكاذب لتدفعوه إلى الموت كما يحصل اليوم بالضبط. الوزير نذيرو يجب أن يقدم للعدالة.. و بالمناسبة ، يجب أن لا ينسى شعبنا أبدا، أبدا، أن العدالة في بلدنا يجب أن تكون أول من يقدم للعدالة..
إن شعبنا أحق بالإنصاف من مدمريه و مجوعيه و محتقريه (ما لكم كيف تحكمون)..!؟
لقد احتقرنا هذا الرئيس بتعهداته العبثية .. احتقرنا بصمته اللامبالي .. احتقرنا ببرودته المخملية.. احتقرنا بتعييناته المتشفية :
ليس لهذا الإنسان أي قدر من الإحساس بالمسؤولية .. ليس له أي قدر من التورع عن حقوق يتامى و أيامى و أرامل و مرضى و جوعى هذا الشعب المعذب في الأرض..
لكن، تذكر يا غزواني قبل فوات الأوان :
سيظل عزيز مثل رأس أورفيوس الذي ظل يصرخ باسم يوريديس بعد قطعه (الميثولوجيا اليونانية). مشكلة عزيز أنه لم يفهم أن الزمن تغير و ظل يعبث بكل شيء، معتقدا بأن العبور إلى مأمورية ثالثة و خامسة لا يستحق التفكير في موضوعه قبل مجيئه . و من الواضح الآن أن مشكلتك يا ولد الغزواني هي أنك لم تفهم أن الزمن تغير، معتقدا أن تزوير الانتخابات لا يستحق التفكير فيه قبل مجيئها. لم يفهم الكثيرون بعد أن الانتخابات الأمريكية الأخيرة تم تعمد عرضها مسرحيا بكل تفاصيلها ليفهم العالم أن تزوير الانتخابات لم يعد مقبولا في أي مكان و لا لأي سبب و لا بأي طريقة. لقد كان تهديد ترامب برفض النتائج درسا مهما لم تفهموا أنه رسالة إلى العالم أجمع.
“أعرف و أعترف بأنني مجرم و أعترف بأنني نهبت كل ما في موريتانيا، لكنك مخطئ و غبي إذا كنت تعتقد أنني سأذهب وحدي إلى السجن : هناك الآن محامون أوروبيون ، لا ينتظرون إلا إشارة مني ليفتحوا عليكم كل أبواب الجحيم، في قضايا لا يمكن للأمريكيين و الأوروبيين التسامح فيها : تزوير الدولار ، تزوير الأورو ، تبييض الأموال، المخدرات، تهريب السلاح، التعامل مع الجماعات الإرهابية و إبرام الاتفاقيات السرية معها (…).”
هذه هي رسالة تهديد ولد عبد العزيز لولد الغزواني ، التي كان من الواضح أن الأخير، استوعبها جيدا و عمل بمقتضاها.
و يملك ولد عبد العزيز دفتر عناوين كامل لممتلكات العصابة الحاكمة اليوم، في الخارج و الداخل و سيلا من المعلومات عن مصادرها بالتفاصيل و يملك ترسانة من الأفلام و التسجيلات المزعجة و المكالمات الهاتفية المسيئة للكثيرين.
لقد خطط المجرم ولد عبد العزيز بذكاء خارق للاحتماء بإجرام الآخرين و قام بتوريط كل من يمكن (من بينهم) أن يصل إلى دفة الحكم بعده. و ها هو اليوم يتمنع خلف هذا الجبل الشامخ من الفضائح: إما أن تتركوني و شأني و إما أن نذهب جميعا إلى السجن.
حين قلت لولد الغزواني ، في رسالة مفتوحة قبل شهر ، إنه رهينة لدى المافيا، كنت أعتقد أنه سيفهم إلامَ أشير له . و ها أنا أحمله اليوم مسؤولية التطرق إلى هذه التفاصيل المؤسفة قبل الخطيرة ، بتجاهله لما حذرته منه، مع التحفظ على أضعاف ما ذُكِرَ و تجاوز النبش في التفاصيل القذرة و المحرجة .
هذا الوضع المؤسف يضع شعبنا اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما : إما أن نعتبر ولد الغزواني أهم من موريتانيا و نعتبر مصيرها صراعا بين بارونات فساد لا يعنينا في شيء و إما أن نقرر إنقاذ بلدنا من احتلال عصابات الجريمة المنظمة بما نملك من وسائل من دون استثناء. أما الحديث عن الإصلاح و الديمقراطية و الانتخابات و القوانين و الشرعية، فلم يعد له مكان و لا معنى. و أملي اليوم كبير في أن يفهم الجميع في الموالاة و المعارضة مدى خطورة ما تتخبط فيه بلادنا و مدى ضرورة أن نُحكِّم العقل اليوم بكامل مسؤولياتنا أمام الله و أمام شعبنا المعذب، المهان، المحتقر.
لست أدري ما هو الوضع داخل الجيش للمساهمة في هذه المهمة الوطنية التي نتساوى جميعا في تحمل مسؤوليتها (مع إدراكي بنقاء الكثير من قادته)، لكن المؤكد أن الجيش إذا كان قريبا من نبض الشعب و الشارع و المنطق و “الموالاة” قبل المعارضة، لن يكون عقبة في وجه أي تغيير جديد ، لما نلمسه مؤخرا من وعي و استياء داخل كل منظومة الموالاة التقليدية، على مستوى البرلمان و الحزب و العامية.
و على البرلمان الموريتاني بمعارضيه و ما أظهرت بعض عناصر أغلبيته من حسن نوايا و من رفض لاستمرار هذا الواقع المرير، أن يتحرك بسرعة لحجب الثقة عن هذه الحكومة الفاسدة، الخائنة، العاجزة ، المنتقاة على معايير الولاء للحاكم لا للوطن.
لا يمكن لأي مواطن مسؤول اليوم أن يرضى عن ما يحدث في هذا البلد و لا أن يسكت على استمراره. و لم يعد يخفى على آخر أن ولد الغزواني لا يملك الإرادة و لا القدرة و لا الشجاعة و لا المهارة و لا الطموح، على تخطي هاجس خوفه لاقتحام تمنع الفساد المعشش في مفاصل الدولة.
على الجميع أن يدرك ـ حين أصبح لا خيار أمامنا غير العصيان المدني ـ أن إرادة لشعوب لا تقهر و أن كل حالات الهدوء و الغلبة عند الشعوب هي حالات كاذبة و مخادعة.
و حتى لا نكرر أخطاء الماضي، علينا أن لا ننتظر الثورة من المعارضة و لا من أي أحزاب أخرى؛ الثورات تصنعها النقابات العمالية و الطلبة و الحركات الشبابية. و ما لم يثر المزارع في شمامة و المنمي في النعمة و العامل في الزويرات و أكجوجت و الصياد في نواذيبو و المنقب عن الذهب في فيافي تيرس، لن تكون هناك ثورة شعبية عارمة قادرة على نسف أركان النظام.
إن مهمة الأحزاب هي التحكم في مسار الثورة و توجيهها عن بعد (تفاديا للانفلات) و الدفاع عن شرعيتها في وسائل الإعلام المحلية و الدولية بعرض أسبابها و تحميل النظام مسؤوليات اندلاعها.
و يبقى من واجب الأحزاب توجيه النقابات و الحركات الشبابية و الطلابية التابعة لها، بما تملك من خبرات تنظيمية، للتأطير و ضبط المسار و انتقاء الشعارات و الحفاظ على نبل الأهداف.
لم نعد نطلب من ولد الغزواني لا أن يتحدث لنا عن حقيقة نواياه و لا أن يعدنا بمحاربة فساد لا يعترف به و يحرم على نفسه التلفظ باسمه (راجعوا خطابه الخالي من أي إشارة إلى مشكلة موريتانيا الأولى و الأخيرة المتمثلة في الفساد الذي دأب على تدوير رموزه بشكل حصري بين كل قطاعات الدولة) .
لقد اكتملت اليوم في موريتانيا و لأول مرة، كل أسباب الثورة و ما تراجع الأحزاب المعارضة الجادة (القليلة)، إلا مؤشرا (بوعي أو بغير وعي)، على انتهاء العمل السياسي في البلد و فتح المجال أمام الحلول البديلة. لم يبق للأحزاب المعارضة اليوم ما تقدمه للناس : أبواب الحوار موصدة ، الانتخابات مزورة حد الاغتصاب، النظام مستمر في فساده بوتيرة متصاعدة و كل شرايين الدولة تنزف ظلما و فسادا و إفلاسا ؛ إذا كان ما زال في البلد من يجهل مثل هذه الأمور فتلك مسؤولية المعارضة و دليل على تقصيرها و فشلها و إذا كان الجميع أصبح يدركها فذلك يعني أنها قامت بواجبها على أكمل وجه.
لم يبق اليوم من الحلول الحكيمة لتفادي الأسوأ، سوى حل واحد رغم شبه استحالة حدوثه، هو أن تجتمع المعارضة و من يقبل من الموالاة و الرموز الوطنية المستقلة و العلماء و المثقفين و توفد لجنة منها للقاء قادة الجيش و الأمن للبحث عن حل يحقن دماء الموريتانيين و يحفظ مصالحهم و كرامتهم، مع قابلية أن تتبلور هذه الفكرة في أي شكل آخر.
لقد أصبحت موريتانيا اليوم كرة تتقاذفها الأمواج في تجاذبات خارجية خطيرة ، بما يعبر عن خفتها في توازنات المنطقة و اعتبارها مجرد بالون استفزاز بيد هذه الجهة أو تلك : الإمارات، السعودية، قطر، تركيا، فرنسا ، إسبانيا، الجزائر، المغرب ، البوليساريو، السنغال، مالي، Agmi ، ولد بشراي (…) ؛ فمن أين لبلد ضعيف ، بلا قيادة، باحتواء كل هذه التجاذبات المتعادية و المعادية في نفس الوقت (بمنطق المصالح الضيقة على الأقل)؟
قد يقول لنا قائل (و هو فيها محق) أننا منحنا غزواني فرصة أطول من اللازم ، تجاوزت حدود عدم الاعتراف بشرعية نظامه حد التناقض الفاضح ، لكنني شخصيا أتفهم موقف المعارضة من شخص مثل الغزواني ، قابل في أي لحظة للتحول إلى صورة معاكسة لأي حقيقة يمثلها: لقد كان هذا الأمل حاضرا في أذهان الكثيرين ، لكن الجميع تأكد اليوم من أن الرجل يخضع لتهديدات قهرية لا يملك شجاعة مواجهتها ، رغم أن الشعب و النخب كانت كلها مستعدة لتجاوز ماضيه بما فيه من جرائم نعرفها بالتفاصيل، مقابل العمل على إصلاح ما تبقى من هذا البلد المنكوب.
لم يستطع غزواني منذ وصوله السلطة بانتخابات مغتصبة، أن يحسم أي قضية في البلد :
ـ حاول ولد عبد العزيز قتله في أكجوجت و لم يستطع توقيفه.
ـ حاول أن ينتزع منه الحزب و البرلمان و بقيا على مواقفهما الغامضة التي لا أحد يعرف اليوم لصالح أيهما (في السر) و لا لصالح أيهما (في العلن) . كل ما نعرفه عن الحزب و البرلمان بدقة متناهية هو أنهم رجال عصابات عزيز و أن أقوالهم لا يحكم بها.
ـ نظم ذباب عزيز ضده حملة إعلامية مركزة و فاضحة و لم يستطع توقيفها و لا الرد عليها و هي مستمرة بتصاعد ضده حتى اليوم..
ـ تبنى حماية مجرمي بيع الأدوية المزورة و المغشوشة و بعد مصادرة جبال منها ، لم تتم مساءلة أي منهم و لا سجن أي منهم و لا حتى تحديد أي منهم ..
ـ خصص عشرات المليارات لمكافحة وباء كورونا ، ذهبت مع الريح في جريمة فساد لا سابقة لها . و لحماية أكاذيب وزير الصحة ، مُنعتْ العيادات الخاصة من القيام بفحص كورونا حتى لا تظهر أكاذيب أرقام وزارة الصحة الكاذبة ، المكذوبة، المفبركة ، الإجرامية..
ـ جل الصفقات التجارية منذ قدومه حتى اليوم ، تمت بالتراضي و بزبونية مكشوفة ، تتحدى و تتعدى كل أساليب الماضي في الإصرار على الفساد و التمادي في الوقاحة..
ـ كل التعيينات التي حصلت في زمن غزواني ، كانت إساءات بالغة للشعب الموريتاني و تحديا صارخا لآماله و طموحاته
ـ تبنى ولد الغزواني حماية جريمة الشيخ الرضا و استقبله في القصر استقبال الأبطال.
ـ القضية الوحيدة التي واجهها ولد الغزواني بجد (و لم ينجح فيها أيضا) ، هي كانت قمع طلاب الجامعة (25 سنة) بشكل لم يحدث مثله في زمن المجرم عزيز..
كل الخصال التي يتمتع بها ولد الغزواني حسب ما يروي عنه العارفون به (الذكاء و حسن الخلق) ، تفسدها رذيلتان ، استعاذ منهما الصادق المصدوق : الكذب و الجبن ( صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم.) و لن تنفعه دعوات الشيخ الرضا لأن مأكلهما حرام و مشربهما حرام و ملبسهما حرام .. حرام ملطخ بحقوق اليتامى و الأيامى و الأرامل .. حرام محفوف بأنين المرضى و آلام الجياع .. حرام بغيًا، باستخفافهما بارتكاب الحرام لا بحاجتهما إليه..
على الجميع اليوم ، موالاة و معارضة و غير مهتمين ، أن يستعدوا لآخر منازلة مع عصابات المؤسسة العسكرية (الجيش الموريتاني مهان أكثر من المدنيين و بريء من هذه المافيات و قد استبدل غزواني قيادات بازيب الموالية لعزيز بأخرى موالية له محتفظا بتفوق هذه الكتائب المارقة ، على الجيش : فأين الفرق؟)
على النقابات و الحركات الشبابية و المجتمع المدني و متقاعدي الجيش و الأمن ، أن يستعدوا لإنقاذ بلدهم من هذا الخراب المتواصل.. من هذا الدمار المنظم.. من هذا الاستنزاف المستمر ..
ـ دعوات الانفصال في الجنوب و الشمال يحركها ولد عبد العزيز و لا يستطيع غزواني التعرض له !!
ـ دخول حرب الصحراء ـ لا ندري بأي اتجاه ـ أصبح مسألة وقت ، بترتيب واضح من ولد عبد العزيز و ولد بشراي : رئيس ماذا أنت يا ولد الغزواني؟
ـ اتفاقيات الميناء و بولي هون دونغ و المطار(…) تحولت من جرائم اقتصادية إلى مواضيع دعاية لإقلاع الاقتصاد الموريتاني الواعد!!
ـ سقوط ملف مدرسة الشرطة من ملفات الفساد (بالتقادم) فضيحة أخرى تشيب لها الولدان (29 ـ 17 ـ 4 )، على من تكذبون ؟
ـ عملية نصب اللص الشيخ الرضا (بحماية عزيز) تم تكييفها في قضائنا المجرم، إلى إفلاس مؤسسة تجارية عتيقة لإبطال حقوق ضحاياه من الأرامل و اليتامى ، أأسد أنت يا غزواني على أرامل و ضعفاء موريتانيا و أرنب مكسور الجناح أمام عزيز و تكيبر و احميده ولد أباه؟
لم يعد للحديث عن حقيقة ولد الغزواني أي مكان بعد اليوم . و هذه خطوة مهمة لا شك، لأنها المرة الأولى التي يجمع فيها الشعب الموريتاني، ليس على فساد نظام و إنما على خيانته المؤكدة للوطن و الشعب و تلاعب أصحابه في جلسة قمار بمصير بلد كامل.
لم يعد في موريتانيا اليوم موالي و لا معارض و إنما هناك شعب يحاصره الجوع و المخاطر، يبحث عن مخرج كل البوابات المفضية إليه تستلزم الكسر بعنف و تمرد.
لقد فرض علينا ولد الغزواني مواجهته كما فُرضَ عليه الخضوعُ لتهديدات ولد عبد العزيز و علينا هنا أن لا نقع في أخطاء عمى الألوان : ولد عبد العزيز مجرم حتى لو عادى ولد الغزواني و ولد الغزواني مجرم حتى لو عادى ولد عبد العزيز و الشعب الموريتاني بريء حتى لو سكت عن جرائم عزيز و حتى لو صدق أكاذيب غزواني..
و في الأخير ننبه الشعب الموريتاني اليوم إلى أن ما يتربص به من مخاطر داخلية و خارجية حقل ألغام متصل و مترابط ، لا قبل لشعبنا بمواجهته إذا تفجر و على الجميع و على رأسهم جيشنا و أمننا و أحزابنا السياسية ، أن يبادروا هذا الخطر المحدق قبل أن يخرج عن السيطرة.
عاش الشعب الموريتاني.
و الخزي و العار للخونة الجبناء.
28 / 11 / 2020