على هامش إتهامات ناصر ولد ودادي
تم تسليط الضوء على بعض الممولين المشبوهين لكل من منظمتي (الكونكرس الأاسلامي الأمريكي والعرب الأحرار) بعد التقرير المزعج الذي نشره الصحفي الأمريكي (Max Blumenthal)، المعروف بتعاطفه مع القضية الفلطسينية على موقع “الاإنتفاضة الإلكترونية”، والذي حمل بعض التفاصيل التي تحتاج الي تبيان من طرف المتهمين والذين من ضمنهم الناشط والمدون الموريتاني السيد ناصر ولد ودادي.
لم أكن لأسكب أي حبر لو لم تتعلق التفاصيل وردود الأفعال المتلاحقة بعلاقة الموريتاني ولد ودادي، الناشط في الإعلام الإجتماعي و الذي يعتبر أحد أهم الكوادر البارزين في منظمة الكونكرس الأمريكي الإسلامي وكذلك موقع العرب الأحرار.
لايمكن التنكر ولا إنكار ان السيد ناصر ولد ودادي ناشط إجتماعي معروف وكاتب مرموق وله وزنه وصيته في مجال التدوين ويعتبر من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان والديمقراطية في العالم العربي. ناصر أيضا هو إبن السفير والوزير السابق محمد محمود ولد ودادي الذي يعتبر بدوره من السياسيين المحنكين في موريتانيا. بذلك، يكون ناصر ودادي وريث السياسية من أسرة عريقة.
لكن بعض الإتهامات والإدعاءات تلقي بظلال كثيفة على المنظمات التي ينشط في إطارها السيد ناصر ودادي، ربما هذه الإدعاءات والتقارير المزعجة تستدعي توضيحا من طرف الناشط ناصر ودادي وشرحها للقراء والمتابعين للشأن العام العربي والأمريكي بشكل عام والموريتانيين الأمريكيين بشكل خاص.
رغم قساوة الإتهامات الموجهة لناصر ودادي وإمكانية صدق هذه التقارير التي وردت في التحقيق الذي قام به الصحفي ماكس بليمانثال (Max Blumenthal) ودعم قوله بكل التفاصيل والدقائق والأدلة، بالإضافة الي تأكيد تلقي السيد ناصر ودادي وزملائه للتمويلات من طرف المنظمات الصهيونية والمناهضة للدولة العبرية. بعض هذه الشخصيات المرموقة والنافذة وردت في مذكرات Internal Revenue Services والتي يمكن ترجمتها الي اللغة العربية ب (دائرة الإيرادات الداخلية) المعروفة إختصارا ب (IRS). وقد أثبت التقرير تقديم التمويل والتبرع لكل من الكونغرس الأمريكي الإسلامي و العرب الأحرار.
طبعا، فناصر ودادي، ككل الأفراد، يعتبر بريئا في إطار المبدأ الذي نعتنقه في كل الديمقراطيات والحريات العامة: “المتهم بريئ حتى تثبت إدانته”. مع ذلك، فقد كان من واجبه الرد أو الإنكار ولو لفظيا، على الأقل، ولو كان التعبير اللفظي لايعتبر ردا شافيا ودحضا للقرائن والأدلة المستخدمة ضده في التقرير، فلو كان السيد ماكس بليمانثال قد قام بفبركة الأدلة فذلك يعطي الحق للطرف المتهم بمتابعته قانونيا بحجة القذف (defamation).
مهما كان رأيي الشخصي في ناصر ودادي، ومهما كان الفرق كبيرا أو ضئيلا، في هذه الحالة بين الشخص والمنظمات المذكورة أعلاه، يجب أن نذكر أنفسنا بأن السؤال المباشر ليس حول شخص ولد ودادي بقدر ماهو تساؤل حول حيثيات وطبيعة عمل ولد ودادي مع هذه المنظمات والمسؤولية الأخلاقية والنفع العام لهذه المؤسسات. قد لايكون الفرق جوهريا بدرجة كبيرة، لكن التوضيح والشرح من أجل الفهم وتحري الصدق والموضوعية مطلوب وملح.
لو تم تأكيد هذه الإتهامات، لكي لانقول إدعاءات، فذلك قد لايجعل من ناصر ودادي “خائنا” لكنها دون أي شك ستنقص من فاعلية المؤسستين: العرب الأحرار (Free Arabs) والكونغرك الأمريكي الإسلامي (AIC) والتشكيك في كونهما أصوات حرة تمثل العرب والمسلمين.
في الواقع، إن المنظمات التي ورد ذكرها في التقرير كممولين أو كمانحين ليست فقط مآزرة وداعمة لإسرائيل من طرف واحد بل هي أيضا معادية للإسلام بشكل معلن وعنصرية وهذه الفروق الضئيلة تضيف الكثير من الأشياء المهمة.
هؤلاء المانحين والممولين يسعون الي إضعاف المنظمات العربية والإسلامية في أمريكا مدفوعين بكرههم الهيستيري للعرب والإسلام أو من أجل تضخيم مؤسسات ضغطهم والإستقواء بالمنظمات المدنية لتفعيل مطالبهم الدستورية والديمقراطية سواءا كان ذلك لتحقيق مآربهم الذاتية في أو دعم قضاياهم الإقليمية. وكمثال على ذلك تضييق الخناق على المنظمات العربية المطالبة بالإعتراف بدولة فلسطين.
فالقاعدة العامة هنا في أمريكا هي أن أي عربي أو مسلم يعمل أو يتعاون بشكل وثيق مع أي منظمة أو جمعية تعلن بشكل صريح أو تلتزم الصمت في تأييدها للقضية الفلسطينية لايستحق القيادة، فمابالك بالتمويل والدعم. إن القضية الفلسطينية هي حجر الزاوية في التحديات التي تشهدها المنطقة والسؤال الفلسطيني يظل، في رأيي المتواضع، هو المحك الحقيقي والمعيار الأوحد لمفهوم الإنتماء والإلتزام الأخلاقي.
لكنني، ورغم تشبثي برأيي، أعتقد أنه من أجل التعايش السلمي، يجب على كل من يسعى لتسوية القضية الفلسطينية أن يأخذ بعين الإعتبار المطالب المشروعة للطرف الآخر.
فمن غير المعقول والمنطققي أن ننكر حق الفلسطينيين المشروع في بناء دولة مستقلة وذات سيادة على أرضهم التاريخية كما انه من غير المنطقي تجاهل واقع 5 ملايين يهودي يعيشون الآن على تلك الأرض، التي على الأقل تسمى أرضهم بالقانون الدولي.
يجب على العرب في سعيهم الحثيث وراء الشرعية الدولية أن يحترموا ويلتزموا بالقوانين والشرعية الدولية على الرغم من خروج بعضها عن المصلحة العامة للعرب والمسلمين.
في الختام، فإن العرب والمسلمين الأمريكيين هم وحدهم يملكون الحق في إختيار من يمثلهم سواءا كان فردا أو جماعة. ولكل منظمة ومؤسسة أجندتها وأهدافها الخاصة بها. ولكن مسؤولية المثقف تبقى، قبل كل شيء، ليس الدعاية لهذه الأفكار بل تكريس الجهد لتوجيه وإرشاد المواطنين أخلاقيا وثقافيا من أجل إتخاذ القرارات الأحسن والأمثل في حياتهم السياسية والإجتماعية.
بقلم: محمد المختار سيدي هيبة، محلل سياسي وإجتماعي بجامعة فرجينيا تك
ترجمة، د. اعل الشيخ احمد الطلبة
الرابط الأصلي للمقال: