صرخة في فنجان / سيدي علي بلعمش
الوضع لم يعد يحتمل مزيدا من الأخطاء..
الزمان أنفو _
تعيش موريتانيا اليوم وضعا مأساويا، يزداد سوءً مع مرور كل لحظة في غياب أي حل، مع جاهزية أمنية عالية الغلظة كما لو كان النظام يتوقع اندلاع ثورة أو تمردا عسكريا . و لا حل غير الحل الأمني، يلوح في الأفق لأي من مشاكل البلد مكتملة أسباب الانفجار..
ما هكذا تورد الإبل يا فخامة الرئيس .. ما هكذا تؤكل الكتف: القيادة لحظتان؛ لحظة استماع بالغة النباهة و لحظة قرار بلا شراكة.
الوضع لم يعد يتحمل مزيدا من الأخطاء و التخبط و التردد و الارتباك :
ـ غرف العناية المركزة التي تحولت إلى محطات وداع أخير، تجاوزت طاقتها الاستيعابية أمام تزايد حالات الخطر..
ـ الكادر الطبي أصبح الجبهة الأمامية للعدوى في غياب كل ما يحتاجه لحماية نفسه قبل ما يحتاجه لمواجهة الوباء..
ـ الإفراط في الدعاية الكاذبة بالطرق الخاطئة، أفرز نتائج عكسية لم تعد تساهم في غير انتشار الرعب..
ـ غياب الإحساس بالدولة و الثقة في صدقها و قدرتها على مواجهة الأوضاع، ألقى برداء أسود على الأفق المسدود..
ـ ليس لموريتانيا أي وسائل لمواجهة هذا الوضع متشعب التحديات غير التضرع إلى الله ؛ فتم إغلاق المساجد و طي أفرشتها و سجن الأئمة كأن النظام يعمل جاهدا لسد حتى أبواب رحمة ربنا ..
و مع غياب كل وسائل المواجهة المادية و الروحية لهذا الوباء المرعب، يتم التضييق على هذا الشعب المنهك في أرزاقه بصعود الأسعار و حظر التجول القهري: ما سر إصرار هذا النظام على السير في كل اتجاه خاطئ؟
لقد صرخنا حتى بحت حناجرنا محذرين من العرض العسكري و الزيارات الكرنفالية. و ساذج من يعتقد أنه يفوتنا أن من أصروا عليها ، لم يكونوا يفكرون في غير ما سيجنون من ورائها ..
تأكدوا يا غزواني أنكم اليوم تلعبون بأوراق مكشوفة؛ لم يعد يمكن أن تقوموا بأي نقلة لا نفهم ما تفكرون فيه من ورائها. حتى استدعاءات عزيز المسرحية، كلما بدأت الناس تتحدث عن عدم إمكانية محاكمته، لإيهامنا أن محاكمته قبل انتهاء التحقيق خطأ إجرائي لا تريدون الوقوع فيه، أصبح مكشوفا حتى للعامة.
و مخطئ جدا من يقول إن هذه الحكومة أو التي قبلها فاشلة أو خائنة بل هي حكومات بارعة في تنفيذ ما يطلب منها بأعلى درجات الكفاءة، لكن غزواني لا يطلب منها و لا يريد منها غير ما ترونه و تسمعونه؛ تلك هي الحقيقة.
لم يعد يمكن يا فخامة الرئيس، أن تظل تنطلي علينا كذبة “بطانة السوء” التي يمسح فيها كل رئيس خجل فشله : أنتم من يختارون بطانة السوء و أنتم المسؤولون عن سوئها و فشلها : لا يستطيع وزير و لا مدير و لا سفير في موريتانيا أن يسرق أو ينحرف أو يقصر في واجبه إلا بأمر و حماية من فخامة الرئيس؛ فخامة الرئيس هو اللص الوحيد في موريتانيا لكنه من البديهي أن الرئيس لا يمكن أن يسرق من دون أن يرتب مناخا كاملا للسرقة، يستفيد منه كل مسؤول في الجهاز التنفيذي المسير للمال العام.
كل فساد في موريتانيا يسأل عنه رئيس الجمهورية وحده، حتى فساد الشعب و النخب و الصحافة ما كان له أن يكون لو لم يكن مدفوع الثمن من قبل النظام بأمر من الرئيس.
ليس لدينا اليوم ما نستطيع أن نساعدك به غير الحقيقة إذا لم تكن ممن لديهم حساسية من سماعها.