تعليق على مقال أمبارك ولد بيروك
قرأت مؤخرا المقال الرائع للكاتب والصحفي المتميز أمبارك ولد بيروك عن الاقتصاد والاستقلالية والمواطنة على مدونته وهي محاور مرتبطة ارتباطا عضويا فيما بينها ، حيث تميز المقال بتحليل مبسط لبعض الإشكالات الاقتصادية المطروحة بعيدا عن التنظير العلمي والسياسي .
ونظرا لأهمية الكاتب و أهمية الموضوع كذلك ، فسأحاول أن أسطر بعض الملاحظات التي تعزز من هذا الطرح الممتاز والتبسيطي للاقتصاد.
إن ما يفقد التنظير الاقتصادي الموضوعية هو اختزال الظواهر الاقتصادية في معادلات ونماذج رياضية شبه ثابتة وذلك بافتراض ثبات متغيرات يصعب -بل يستحيل- أن تكون ثابتة ، لكونها ظواهر اجتماعية وإنسانية. وهو ما يعنى أن موضوع علم الاقتصاد هو الإنسان الاجتماعي بمكان نشأته ووجوده والمتغير في حاجاته وسلوكه مع تطور الأحداث المحلية والدولية .
تتجاهل كل النظريات الاقتصادية المتبعة من طرف المؤسسات المالية الدولية ، الخصوصية الثقافية والاجتماعية للدول المتخلفة اقتصاديا وذلك من خلال فرضها لتبنى نموذج إصلاح اقتصادي موحد من حيث الشكل والمضمون للدول المتخلفة دون أن تفرق بين خصوصية الدول والأخطر من ذلك أن الإطار الإستراتيجي لمكافحة الفقر هو نفس الإطار المطبق في العديد من دول المنطقة مع بعض التعديلات الخفيفة .وهو ما تجسد في إخفاقات تطبيق النموذج الليبرالي في الدول المتخلفة ، وتحديدا في المجالات الاجتماعية (الفقر ، البطالة ، تراجع نوعية التعليم ، تراجع مستوى الخدمات الصحية…) .
لقد تابعت طيلة السنوات الماضية ، إشكالية الفقر ، بل حاولت في إطار بحوث علمية تستخدم المنهج العلمي ، إيجاد تفسير لهذه الظاهرة ومعرفة مساهمة كل عنصر في تفاقمها، هل هو ضعف النمو الاقتصادي ، هل هو الجفاف ؟ أم غياب الاستقرار السياسي ؟، أم هي البطالة ، أم يتعلق الأمر بالتضخم .وكانت النتيجة أن كل هذه العوامل السابقة متضافرة ومؤثرة في الفقر .
لقد تجاوزت بحوث البنك الدولي والعديد من المنظمات ، وتوصيات العديد من القمم العالمية المهتمة بالتنمية البشرية وذلك لإيجاد تعريف دقيق لهذه الظاهرة ، لأقدم ما يلي :
“لا تسألنا عن معنى الفقر لأنك التقيت به خارج المنزل، أنظر إلى المنازل واحصر عدد الشقوق بها. أنظر إلى الملابس التي نرتديها. أنظر إلى كل شيء واكتب ما تراه. ما تراه هو الفقر”.
“من المؤكد أن ما نزرعه قليل، وكل المنتجات والأشياء التي نشتريها غالية الثمن، الحياة صعبة، فنحن نعمل ولا نكسب إلا القليل من المال، ولا نشترى إلا قلة من المنتجات والمنتجات شحيحة، ولا يوجد مال، إذا فنحن نشعر أننا فقراء”.
لهذه التعاريف البسيطة التي يرددها الفقراء ، عدة دلالات معرفية وابستومولوجية ورمزية. لعل أبرزها يكمن في تجليات ما يعرف بالحاجة الاقتصادية والتي هي في الحقيقة تعبير إنساني صادق يترجم إحساس كل إنسان محروم.
وعليه يكون طرح عميد الصحافة في غاية الأهمية ، نظرا لما يمر به العالم من ازمات غذائية حادة ، ولعل كل ذلك يساهم في تحقيق بلادنا الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الأساسية وهو ما نمتلك مؤهلات حقيقية لتحقيقه .
أحمد والد ولد اعبيد الله
اقتصادي