الدراج أرمسترونغ “المضلل” يخسر 10 ملايين يورو
يعيش الدراج الأميركي لانس أرمسترونغ “زمن الانهيار”، ومن “ضلل” وفريق عمله الرأي العام وعالم الدراجات الهوائية أعواماً طويلة، أضحى هدفاً لصفعات متتالية يتلقاها، وتحولت نظرات التقدير والإعجاب بشخصه وإنجازاته إلى بيانات منددة بأفعاله البعيدة عن “الأخلاق الرياضية”.
وإتفق الجميع على إن أرمسترونغ (41 سنة)، بطل دورة فرنسا 7 مرات (1999 – 2005)، إعتمد “برنامج التنشّط الأكثر تعقيداً في تاريخ الرياضة” في ضوء التقرير الضخم الذي أصدرته الوكالة الاميركية لمكافحة المنشطات “يوسادا” (1000 صفحة)، فصلت فيه أدلة وضمّنته شهادات ووثائق وإثباتات جمعتها من 26 شخصاً من أقرب المقربين إلى “المتهم”، بينهم 11 دراجاً من زملائه السابقين، وزوجته السابقة كريستين التي تعتبر العنصر الأبرز في الحملة ضده، علماً أن الفحوص التي أجريت له خلال مسيرته منذ شفائه من سرطان في المحلب لم تثبت قط تناوله منشطات.
وكانت الوكالة أصدرت تقريراً رسمياً، في آب (أغسطس) الماضي، حظّرت فيه على أرمسترونغ المشاركة في السباقات مدى الحياة، وجرّدته من ألقابه في دورة فرنسا بعد إختياره عدم الرد على الإتهامات التي وُجهت إليه بتعاطي المنشطات.
وفي “ساعة التخلّي” إتضح أن أرمسترونغ المتوقع أن تُحذف نتائجه كلها بين العامين 1998 و2010، سيخسر نحو 10 ملايين يورو كان يتلقاها من داعمين ومعلنين ورعاة “آمنوا” برسالته، وآزروا جمعيته “لايفسترونغ” لمكافحة السرطان. علماً أن ثروته تقدّر بـ96 مليون يورو.
قبل أيام تخلّى عن أرمسترونغ فجأة الأطراف الأساسيون الذي يرعون نشاطه، وهم شركة “نايكي” للأدوات الرياضية، وصانع الدراجات “تريك”، وصانع الجعة “انهوزر بوش”. كما أعلنت شركة “جيرو هلمتز” للخوذات توقفها عن تمويله. ولن تجدد “أف آر إس” لمشروبات الطاقة الصحية عقد رعايته.
وبالتزامن، إستقال أرمسترونغ من “لايفسترونغ” التي أسسها عام 1997، بعد تغلّبه على المرض الخبيث، وصادف ذلك قبل يومين من إحياء الجمعية الذكرى الـ15 لتأسيسها في أوستن (تكساس)، عازياً هذه الخطوة إلى رغبته في حمايتها من “الآثار السلبية المتصلة بالجدل المحيط بمسيرته دراجاً”، بحسب مديرها العام دوغ أولمان الذي كشف أنها جمعت بفضل أرمسترونغ نحو 500 مليون دولار لمرضى السرطان.
وأكدت “نايكي” و”تريك” و”انهوزر – بوش” إستمرار تقديمها هبات للجمعية. لكن “نايكي” قطعت علاقتها بأرمسترونغ التي تعود إلى عام 1996، بحجة أنه ضللها طوال أكثر من 10 سنين، إستناداً إلى ما ورد في تقرير الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات.
وكان أرمسترونغ حظي بعقود رعاية من نايكي قيمتها 6 ملايين يورو. والمستجدات الأخيرة ستفتح في وجهه جبهات قضائية أخرى، في ضوء الحملة لوضع حد “لمن أمعن في السرقة والغش على مدى 15 عاماً”.
وإتضخ أن ما حصل عليه الدراج الأميركي من جوائز في دورة فرنسا يبلغ 2،95 مليون يورو، فضلاً عن 100 ألف يورو من سباقات أخرى و5،8 مليون يورو من شركة تأمين ضد أخطار الرياضة على شكل عائدات وحوافز وأرباح، إلى 1،16 مليون يورو غرامات متوقعة بسبب إنكاره وعدم قوله الحقيقة خلال التحقيق، ومنها أنه لم يتصل بالطبيب ميكايلي فيراري، الرأس الكبيرة في عالم التنشّط، منذ عام 2004، علماً أن المستندات والمراسلات والفواتير تظهر أنه سدد له بين العامين 1996 و2006 مبلغ مليون و29754 دولاراً كبدل إتعاب. وكان يطلق عليه إسماً حركياً هو “شومي” (تيمناً بسائق فيراري وقتذاك البطل الألماني ميكايل شوماخر)، أما الصلة المستترة بين الطرفين فكان ستيفانو نجل الطبيب فيراري.
أرمسترونغ الأب لخمسة أولاد إعتزل عام 2005 ثم إستأنف المنافسة عام 2009 من دون أن يحرز ألقاباً جديدة، كان أكد أن الهدف من عودته التوعية من السرطان. وتظهر شهادات زملائه أنه مارس “سطوته” وضغوطه عليهم بمؤازرة من يوهان برونيل “كاتم أسراره” ومدير الفرق التي دافع عن ألوانها (يو أس بوستال، ديسكوفري تشانيل، آستانة، راديو شيك)، للسير في برنامج التنشّط المتطور والمعقد في آن. كما أنه لا يرحم منافسيه ويستخدم معهم أسلوب التوبيخ والزجر والتهديد. وعلاقته مع وسائل الإعلام شابتها سقطات كثيرة لا سيما عندما كانت تشير إلى شكوك تتعلق بتألقه الدائم وتعزو سرّ ذلك إلى المنشطات، ومنها ما تناولته صحيفة “صنداي تايمز” في هذا الشأن في مقال نشر عام 2004، قبل التوصل إلى صيغة تسوية معه تقضي بعدم نشرها معلومات إضافية. لكن التطورات المتسارعة قد تشجع إدارتها على المطالبة بتعويض مقداره 770 ألف يورو بحجة هجومه على الصحيفة وإثنين من محرريها.
الفضيحة تعصف بتاريخ أرمسترونغ المتمسّك ببراءته، وقد يخضع لإختبار كشف الكذب للدفاع عن نفسه جراء “ما يتعرّض له من تلفيق”، كما أكد محاميه تيموثي هيرمان، لافتاً إلى أن مثل هذا الإختبار “قد يكون خياراً. وسنقبل بالنتيجة إذا ما وافق الشهود الذين يتهمون أرمسترونغ بالخضوع لهذا الإختبار أيضاً، في ظل وجود معدات متطورة تدار في شكل صحيح”(المصدر:”الحياة الإلكترونية” )
.