لن تدركوها…!(اتهامات لبوعماتو بأنه يقف وراء محاولة اغتيال الرئيس)
سافر ولد عبد العزيز في رحلة الإستشفاء الثالثة إلي باريس ، منذ حادثة الرصاص الصديق ، الجنرال الوحيد في العالم الذي يعتدي عليه في وضح النهار وعلي قارعة الطريق ودون مبرر مقبول من عقل أو منطق ،ثم لايحرك ساكنا في القضية ويظل يتلقي العلاج في صمت ،كلماته القليلة التي تلفظ بها أما الأطباء في المستشفي العسكري بانواكشوط هي أوضح مايستدل به في الحادث فقد كان لحظة دخوله المستشفي يردد ( إنها هربت …… ولن تدركوها ….) فمن هي ؟ ومن يبحث عنها ؟ ومن الفاعل الحقيقي ؟ ولماذا اربطت قضية نزاع الرئيس مع بوعماتو بالحادث تزامنا علي الأقل؟
منذ أن تولي العقيد ولد عبد العزيز السلطة والأحاديث لا تنقطع عن تاريخه وتربيته وتعليمه .
ولوجه مجال العمل كموظف صغير في إدارة الضرائب تحدث عنه عدو الأمس حليف اليوم: “بيجل” الذي كان رئيسه في العمل وقتها (لفقد كان سلوكه لايناسب الوظيفة كما أن مؤهلاته ناقصة وكانت أمه تتعب كثيرا في البحث له عن عمل يصلح حاله ويضبط سلوكه )، اختفي بعد ذلك ليعود من السنغال ويدخل الجيش ضابطا برتبة ملازم الله أعلم بظروف حصوله علي شهادة الباكالوريا التي تؤهل للرتبة ولكن قرابة متنفذة وقتها كان يمكن أن تسهل له كل شيء في الدولة .
لم تمض سنوات طويلة حتي ترقي الضابط (المغمور) في الرتب العسكرية ولم يذكر في تاريخه العسكري من خبرة تميزه سوي ميكانيكا السيارات التي عرف بالعمل لبعض الوقت فيها ثم دخل القصر الرمادي ، كأفضل الضباط إخلاصا للرئيس وتفانيا في خدمته ويجري تدوال أخبار متواترة عن الأسباب المباشرة لتك المنزلة والمكانة في القصر وهي مرتبطة عموما بقرابته من (العقيد أعل ولد محمد فال) لكن ولد عبد العزيز اجتهد في خدمة الرئيس وبرع في تأدية دور الحارس المخلص “للزعيم” وشاهدناه جميعا في الزيارات والمناسبات وهو يهرول أما الرئيس ويحمل حقائبه ويمهد الطريق له وعيونه شاخصة ،ترقب من يتقدم في اتجاه الرئيس ، شاهدناه يتقلد الأوسمة في الإحتفالات بعيد الإستقلال وتحدث المقربون عن علاقة وصلت حد التبني والإنتماء العائلي وكل أشكال الثقة والإعجاب من الرئيس برئيس الحراس .كانت غطرسة الضابط وتجبره علي الناس تثير إعجاب الرئيس في مقابل تذلله وانضباطه أمامه.
ساعدت الظروف علي أن يترنح نظام ولد الطايع ويتداعي للسقوط وكانت محاولة فرسان التغير قوية ومهددة للنظام والضابط وقد وجد ولد عبد العزيز نفسه هاربا ،خائفا ، متنكرا متسللا بين الجدان باحثا عن منفذ ، لكن الأمور عادت بسرعة لصالح النظام وخرج الحارس من مخبئه وأظهر رباطة جأش وقوة انتقاد لمن تآمروا علي “الدستور والشرعية والدولة” .
قائد الكتيبة نجح هذه المرة في تحميل أركان الجيش المسؤولية ، واستفاد من غضب الرئيس علي الأركان ليستحوذ علي قدرات وصلاحيات مضاعفة لكتيبته ،وسرعان ما تأكد المحيطون بولد الطايع من حقيقة فشل واجهة نظامه وضرورة استبدالها بواجهة أكثر جاذبية وأقل تلبسا بالفساد في أذهان الناس وأطيح بالرئيس المنتخب قبل انتهاء مأموريته ،رغم الحشود الكبيرة من المواطنين المساندين له في آخر خرجة له ومن ضمنهم الإنقلابين أنفسهم .
جاء الجنرال كعادته متخفيا وراء الأقارب والأصدقاء وبدأت أحداث المهزلة الموريتانية التي قادها العقيد الذي تحول جنرالا ثم رئسا مدنيا منتخبا …لكن الأخبار تسارعت حاملة قصصا “ادرامية” حول شخصية الرجل وحياته من جديد ..
كانت أهم مميزاته أثناء ظهوره الإعلامي الأول القوة البدنية والإنضباط العسكري وإلتزام الصمت والخجل …
ثم دخلت البلاد صراعات وتصفيات حساب كلها ذات طابع انتقامي بدأت بأقارب الرئيس المخلوع ،ثم أقارب الرئيس نفسه ،ثم شخصيات مناوئة، ثم قبائل بأسرها …. وأخذت الأحداث مسارا داميا هذه المرة حين أطلق إبن الرئيس الرصاص الحي علي فتاة قيل إنها جزء من شبكة منحرفة أخلاقيا ينتمي لها ابن الرئيس وصحبه.
كشف الستار بعد ذلك عن مشهد مماثل (هو بيت القصيد هنا) رصاصات حية تطلق علي الرئيس يدخل إثرها المستشفي العسكري وهو يردد علي مسامع المتواجدين وقتها عبارات غامضة تدل علي أن شخصا ما أطلق عليه الرصاص وفر ولن يعثروا عليه ….
خرج وزير الإعلام وقتها ليقول إن الرئيس أصيب بطلق ناري عن طريق الخطأ وأصيب في الذراع إصابة طفيفة وأنه يتماثل للشفاء…….
لكن تقريرا طبيا عاجلا تناقلته وسائل الإعلام أفاد بأن الرئيس أصيب في البطن وأن نزيفا حادا يجري علاجه …… (لو أن النزيف أستمر لعشر دقائق قبل أن يصل المستشفي لكان قضي نحبه )..
مكان الحادث إذا قريب جدا من المستشفي العسكري فهو إما لكصر أو تفرغ زين (ترجح الروايات أنه لكصر). أما مطلق النار فقد أخرج الإعلام الرسمي حكاية لضابط صغير قيل إنه شقيق ضابط كبير تحدث عن أنه هو من أطلق النار علي سيارة الرئيس أنه أراد إصابة العجلات …لتوقيفها ..لكن الرصاصات أصابت بطن الرجل الذي يقود السيارة ..(ما أبعد هذا من ذاك)…
الراجح أن مطلق النار ليس عسكريا متمرسا ولم يطلق النار من مكان بعيد وليس في سيارة تجري بسرعة قيل إنها كبيرة (في الرواية الرسمية) لكنه شخص (ذكر أو أنثي) في لحظة غضب عارمة نتيجة إثارة أو نعرة أو غيرة أو أي سبب كبير هو ما قد يكون أطلق الرصاص بهذه الطريقة البالغة الدقة ، فهو لم يرد القتل مطلقا ..وإلا لكانت الرصاصة في الرأس .. وهو أيضا فاجأ الرئيس وإلا لأستار أو أحتمي ،وكانت الرصاصة في رجله ….. مثلا أو في ذراعه ، كما تمني الوزير…
اندلعت قبل ذلك الحادث أوبشكل متزامن ومريب فتنة داخل محيط الرئيس الضيق كان وقودها ولد بوعماتو صديقه الحميم وقريبه وشريكه في المال والأعمال والإنقلاب وكل شيء منذ عهد ولد الطايع .
أغلق بنك بوعماتو بذريعة ما.. واعتقل وسجن مدير أعماله …..، ثم بدأت ضغوط في شكل خيوط لمفات خطيرة علي سمعة الرئيس في الظهور ، يقال علي نطاق واسع أنها بمثابة رسائل تحذيرية يرسلها ولد بعماتو ولا يستطيع فك رموزها إلا في الحالات القصوي
لكن ولد عبد العزيز يفهمها وقد قال لشخص سأله أن يتراجع عن مضايقة أعمال بوعماتو وثروته قال له ( لقد قتلني …وسكت )
قيل إنه يقصد أن ولد بوعماتو كان وراء حادث الرصاص وأنه أرسل من أطلقت عليه الرصاصات (علي افتراض أنها امرأة)
… المهم أن القصة متشابكة ومتداخلة لدرجة تجعلنا لانشك في وجود علاقة بين القضيتين … ولد عبد العزيز وولد بوعماتو يتقاسمان امتلاك الثروة بطرق غير شرعية وفاحشة ويمارسان نفوذهما علي السلطة والدولة بشكل تنافسي ويرتبطان بعلاقات مافيوزية في إفريقيا … وتدل عودة المياه إلي مجاريها بينهما إلي أن مستقبلها مترابط لدرجة لايمكن معها أن يفرطا في سرهما معا مهما توترت العلاقة وساد الخلاف ..فذلك السر يتضمن ممارسات لن ينجو منها أحد لو نشرت….. ولن يستفيد من نشرها إلا أعداؤهما ، ولذلك عادت الصداقة بسرعة لم تصلها مع أي طرف أختلف معه ولد عبد العزيز نتذكر هنا أقرب الناس إليه وأكثرهم فضلا عليه (الرئيس أعلي ولد محمد فال).
الحاج ولد المصطفي