ليلة على اللازوردي مع ولد عوه
الكاتب إكس ولد إكس إگرگ
الزمان أنفو _ فتحت شريطا قديما من سيد أحمد البكاي ولد عوّه..
غنى الأبيات:
شجى وشفى لما شدا وترنما :: فأنعس أيقاظا وأيقظ نوّما
وغنّى كأنّ العودَ صار له صدًى :: يحاكيه فى ألفاظه إن تكلّما
إذا ردّدت ألفاظه اللحن معربا :: أعادت لنا أوتارُه اللفظ معجما
الأبيات دلت على الرجل حين غناها، لقد شدا وترنم فشجا وشفا وكانت تدنيته طايبه وكانت تحاكي ألفاظه وتعجم إعرابه.
لاحظتُ أن الرجل لم يلحن في قراءة الأبيات ولم يكسر عروضا وتجلى ذلك أكثر حين غنى:
يقـولون ليلى بالعـراق مريضـة :: فما لك لا تضنـى وأنت صديـق
شفى الله مرضى بالعـراق فإنني :: على كل مضنى بالعراق شفيـق
فإن تك ليلى بالعـراق مريضـة :: فإنيّ في بـحر الغرام غريـق
أهيـم بأقطار البلاد وعرضهـا :: ومالـي إلى ليلى الغـداة طريـق
كـأن فـؤادي فيه نار تقادحت :: وفيه لـهيب ساطـع وبـروق
إذا ذكرتها النفس ماتت صبابـة :: لهـا زفـرة قتـالة وشهيــق
سبتنـيّ شمس يُخجل البدر نورها :: ويكسف ضوء البرق وهو بـروق
غرابية الفرعيـن بدريـة السنـا :: ومنظـرها بادي الجمـال أنيـق
برى حبها جسمي وقلبي ومهجتي :: فلم يبـق إلاّ أعظـم وعـروق
فلا تعذلوني إن هلكت ترحـموا :: عليّ، ففقـد الروح ليس يعـوق
وخطوا على قبري إذا مت أسطرا :: قتيل لـحاظ مات وهو عشيـق
إلى الله أشكو ما ألاقي من الهوى :: بليلى، ففي قلبي جوى وحريـق
غنى هذه الأبيات من حفظه بتسلسل، وبنوع من التداعي الواعي بالمعاني يدل على انتمائه لثقافة عالمة.
كان ولد عوّه إلى جانب انتقائه للكلمات يُعنَى بزيه الذي كان أنيقا رغم بساطته وهو ما يلخصه العلامة الشفيع ولد المحبوبي في قوله :
ألا لله درك من أبيِّ :: أديب شاعرٍ حسن التزيِّي
ترنمُ بالقريض و حين تشدو :: تَرُدُّ أخا الرشاد لكل غَيِّ
فبينك والمغنين الشوادي :: كما بين الصبيحة والعشيِّ
أرخى الليل سدوله وغاب قمير لم أكن أود غيوبه لكن الضياء على اللازوردي لم يتأثر بغياب القمير فكانت مياه شاطئه الهيمان تعكس ضوء مصابيح بعيدة وكانت المويجات تأتي أزواجا وتنفصل بصوتها الخافت..
غنى ول عوه شور “صمب بوبو”
گطعت ذلّ منها فلش :: حبّ فالدار اعلَ بمبَ
وان مان لاه نمش :: متفگد من حبّ حبّ
وتذكرت گاف الشيخ ولد مكين في ذات الشور:
الهول احنَ هاذو لكهول :: كنّ نسبولُ سبّ
واليوم ابلا سِبّ للهول :: ألا بينَ باط الطبَ
وغنى ولد عوه البله الأول القديم “أم النومنينَ لوجاد” وهو أقدم الأبلاه:
أخلاگ المِنخدرَ :: من نوبتنَ فالواد
أظيگ من عينْ ابرَ :: ولّ عين أجَبّاد
وغنى البله لكبير المشوهد بـ :
تسائلني بديلة عن أبيها :: ولم تعلم بديلة ما ضميري ..
منعت منك سبت كتلك :: وانت دمعك صبابةً
يعگل ذِ لاتخلكلك :: أرضُ الله واسعة ً
وغنى شور التعكال ” يلالي شنواسي يلالي “وفيه گاف أحمد ولد محمد محمود ولد امحيميد :
إلّ شاف املاسي :: ويّ گوم اعكاسي
إشك إنّ ناس :: وانَ مانِ ناس
لم يكن ولد عوه مناطقيا في محفوظاته ومروياته ما لاحظته أنه أنشد نصوصا لأهل تمبدغه ، وأنشد لسدوم ولد آبه الكبير ، وأنشد للأمير سيدي أحمد ولد أحمد العيده وأنشد طلعة اشواگير لأديب أهل لبراكنه ، وأنشد لامحمد ولد أحمد يوره ، ولمحمدن ولد أبنو المقداد أو محمدَن كما يقول..
وأنا استمع لول عوه خطرت ببالي بعض طرفه لقد كان خفيف الظل خفيف الروح..
كقصته حين زار دمشق قادما من المدينة المنورة، وحين سئل في العراق هل هو فنان من العرب فقال إن العرب ما عگبو أولاد امبارك ، وقصة رجل أهل الحيوان (الكسب لبيظ) الذي جاء إليه ولزمه يريد تعلم التدنيت.
بعد فترة من الزمن أراد ولد عوّه أن يختبر الرجل الذي آذن بالرحيل فسأله:
انت اشْعدتْ تعرفْ من أزوان؟
فأجاب الرجل: عت نعرف (الكَرْصْ)
فقال ولد عوّه: ذاك جيتنا تعرفو!! (وهي توريّة بديعة) لا يعقلها إلا العالمون.
وقصته مع محدَثِ النعمة الذي سأله حين غنى له (الكَرْصْ):
هو ولْ أعمر ولْ اعل مزالْ حي ؟!
فأجابه ول عوّ:
ماهِ امشابْهَ ولد أعمر ول اعل يلو كانْ حي ما انعود آن گاعد امعاك انتَ، زمّال من الطلبَه ما اتفاصل بين انتماس وبيگي نخبطلك التيدنيت.
رحم الله ولد عوه يوم غاب نجمه في 26 مارس 2000 غاب نجم من الرعيل الأول وغاب معه الكثير من أسرار فن التدنيت والكثير من الأدب والظرافة.
كامل الود