رسالة ولد عبدالعزيز
نص رسالة ابريل
الزمان أنفو _ أكد الرئيس الموريتاني، السابق ولد عبدالعزيز في رسالته الأولى منذ تم وضعه تحت الرقابة القضائية المشددة، عزيمته وإصراره على “الحفاظ و الدفاع عن المكتسبات و الانجازات التي حققناها سابقا و الوقوف بالمرصاد في وجه كل الممارسات والسياسات الرجعية التي ستعيد شعبنا و وطننا الى المربع الاول مربع ؛ التخلف والفساد والتبعية والزبونية.” على حد تعبيره.
نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم
رسالة الى الشعب الموريتاني العزيز
من محمد ولد عبد العزيز الرئيس السابق للجمهورية الإسلامية الموريتانية
مواطني الأعزاء؛
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.
كما عودناكم دائما إخوتي وأخواتي طيلة السنوات الماضية أن نكون معكم دائما في أوقات العسر واليسر وإلى جانبكم في لحظات الفرح و الحزن. وفي ظل هذه الظروف الصحية الخاصة التي يمر بها العالم بصورة عامة وبلادنا بصورة خاصة والتي ألقت بظلالها على جميع مناحي حياة الإنسان الإجتماعية والإقتصادية والسياسية الأمر الذي أثر بشكل مباشر وغير مباشر على ظروف التواصل وسبل التعاون والتكافل معكم نظرا لحالة الحجر الصحي العام التي تفرضها طبيعة الجائحة وتقتضيها الوقاية منها.
فإنني أنتهز هذه السانحة لأترحم معكم جميعا على أرواح كل من قضى من أبناء شعبنا في هذه الظروف الصحية الإستثنائية العصيبة سائلا المولى عز وجل أن يتغمدهم جميعا بالرحمة والغفران وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان وأن يمن على مرضانا بالصحة والعافية وأن يرفع عن شعبنا البلاء والوباء.
كما لن يفوتني هنا ايضا أن أتقدم بالتهنئة الى كافة أبناء شعبنا ” شبابنا و شاباتنا خاصة” بتأهل فريقنا الوطني لكرة القدم المرابطون إلى نهائيات كأس الأمم الإفريقية للمرة الثانية على التوالي، فلهم منا كل الدعم والتشجيع والمساندة وهم يدافعون عن ألوان الوطن و يرفعون رايته عالية خفاقة بين الأمم.
أيها المواطنون أيتها المواطنات؛
إن معركة البناء و التطور و النهضة التي بدأها الموريتانيون والموريتانيات الشجعان على هذه الأرض منذ فجر الإستقلال و ماقبله هي معركة وجود وكرامة وإثبات الذات الوطنية وحق مشروع وأصيل لشعبنا العظيم في الرقي والنماء والتطور والإزدهار كغيره من شعوب المنطقة والقارة والعالم.
وهي نفسها معركتنا الحقيقية والطويلة والمستمرة ضد الجهل والتخلف والبداوة والفساد والإتكالية والمحسوبية والزبونية والتبعية،
معركة تتجاوز طموحات الأفراد والجماعات والفئات والشرائح والقوميات المشروعة ، وتسموا فوق الأيديولوجيات والتجاذبات و الاستقطابات البينية والحدية إلى ماهو أسمى وأعز ألا وهو رفعة الوطن وشموخه وعزة المواطن وشرفه وكرامته وعيشه الكريم.
وهي أمانة آمنت بها مبكرا وعملت من أجلها طويلا وكثيرا رفقة نساء و رجال و شباب وشابات من خيرة أبناء هذا الوطن نزاهة و كفاءة و نشاطا وحيوية وإخلاصا طيلة السنوات التي منحنا فيها الشعب الموريتاني العزيز ثقته وتفويضه للإطلاع بتلك المسؤوليات الجسيمة ومواجهة التحديات العظيمة فله منا جميعا ومني خاصة كامل الشكر والعرفان والإمتنان.
مواطني الأعزاء؛
إن حالة التراجع والتقهقر والانتكاس التي يعرفها البلد اليوم اصبحت تهدد الوحدة الوطنية والانجازات والمكتسبات الديمقراطية. وقد نتج عن تلك الحالة تراجع كبير في المستوى القيمي والاخلاقي والتخلي عن المبادئ و إنحسار واضح في حالة الحريات الفردية والجماعية الحزبية والاعلامية ، و الحجر البين على افكار وآراء السياسيين والاعلاميين و الشباب و النساء ، من خلال الترهيب والإعتقالات خارج المساطر القانونية والإختطاف دون تهمة أومذكرة توقيف صادرة عن القضاء ، وإجبار المؤسسات الاعلامية الخاصة واصحاب الاقلام و الافكار والمواقف الحرة على الخضوع لسياسات وتوجيهات السلطة ، في تراجع خطير لمساحات الحريات وخرق جسيم لمنظومة القوانين والتشريعات الوطنية عبر سياسة الترغيب و حشو الافواه بالعصى والجزرة لتضليل الرأي العام عن همومه اليومية ومشاكله المعيشية.
كما اسجل هنا إخوتي أخواتي المواطنون الدور السلبي والتآمري الذي لعبه ماكان يسمى ” بالمعارضة و ماكان يطلق عليها اغلبية ” اثبتت المواقف والاحدات على الساحة السياسية ان قناعات بعضهما ليست نابعة من مبدإ ولا صادرة عن ايمان باي مشروع وطني مهما كانت طبيعته. ويظهر من خلال كل ذلك ان ماكان يسمى بالمعارضة لم يكن سوى تجمعا مغاضباتي ونفعي بامتياز ولم يكن همه الدفاع عن المصالح العليا للوطن و لا الحفاظ على المكتسبات الوطنية.
أيها المواطنون أيتها المواطنات؛
ان الدور الذي كان يجب ان تلعبه الجمعية الوطنية ونوابها من مختلف الانتماءات السياسية الذين انتخبهم الشعب وكلفهم وحملهم الامانة للدفاع عن مصالحه وطرح مشاكله المعيشية والصحية والتعليمية والتشريع لها وطلب الحلول العاجلة والناجعة لها ومراقبتها هو دور ومهمة تخلى عنها اغلب النواب وراحوا يبحثون عن مصالحهم الخاصة من زيادة للرواتب والعلاوات والصفقات الغير مستحقة ، مقايضة للسطة التنفيذية مقابل سكوتهم عن مشاكل المعلم والاستاذ والطبيب واصحاب الخدمات الحرة والمهن الغير مصنفة وتراجع وتدني خدمات النفاذ الى؛ الصحة والتعليم والمياه والكهرباء و خدمة الادارة للمواطن ، حيث لم نعد نميز تحت قبة البرلمان بين المعارضة والموالاة، بين الاقلية النيابيه والاكثرية النيابية. الكل اصبح يتماهى على الشعب مستخدما العلاقات الشخصية والزبونية.
وعلى المستوى الاجتماعي والصحي في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها المواطن خلال فترة جائحة كورونا، يظهر جليا لكم جميعا حالة التخبط وانعدام الرؤية والاستراتيجية الواضحة لدى الادارة والسلطة الحالية لمواجهة التداعيات الصحية والاجتماعية للجائحة على المواطنين ، حيث تم تبديد وتبذيرالموارد المالية الضخمة التي رصدت لمواجهة الوباء و آثاره بطرق و اساليب وخطط غير مدروسة وعديمة الجدوى للمواطن. وليس نفاد ادوية الامراض المزمنة التي يحتاجها الاطفال والنساء والشيوخ إلا مثالا واحدا حيا على ذلك الفشل الذي نجم عنه للاسف الشديد فقدان العديد من الانفس الغالية علينا.
وغني هنا عن الحديث لكم عن الحالة المزرية التي وصلت اليها الظروف المعيشية للمواطن البسيط في المدن والقرى والارياف خلال الاشهر الماضية ، حيث ارتفعت اسعار السلع والمواد الغذائية بشكل مفرط يتجاوز طاقات وحدود دخل العامل البسيط والموظف المتوسط و يشكل عبئا ثقيلا على الفئات الهشة والفقيرة ، حيث تم التلاعب بمشروع “امل” الذي كان يخفف على اصحاب الدخل المحدود والفئات الاكثر هشاشه اعباء المعيشة و يحميهم من المضاربات في الاسعار.
ولم تتوقف حالة التقهقر والتسيب الوظيفي والاداري والمالي عند ذلك الحد فحسب، بل تجاوزته الى مزاحمة العمالة الوطنية البسيطة في مصادر رزقها الطبيعية الوطنية من ثروات معدنية وبحرية وزراعية ، حيث انتشر النهب والاستغلال الغير آمن والمدمر لهذه الثرواث والمنافسة غير الشريفة للمستثمر الوطني وتدمير الوسط البيئي البري والبحري والزراعي بطرق واساليب لا تراعي صحة المواطن ولاتتقيد بقوانين حماية واستغلال الثروة.
وليست حالة الخد مات الادارية بأحسن حال حيث عادت الادارة الى سابق عهدها من تسيب و فساد و انتشرت صفقات التراضي والتوظيف على اسس” سياسية واسرية” واختفت الرقابة المالية ومتابعة المشاريع. ولعل الزيادات المفرطة لميزانيات التسيير في مؤسسات الدولة ابتداءا من مؤسسة الرآسة التي تضاعفت في السنتين الاخيرتين بشكل مذهل لدليل أخر على تفشي الرشوة والزبونية في الاوساط الادارية الامر الذي انعكس بشكل سلبي على الحالة الاقتصادية و الإدارية و التسيير في البلد.
وبناءا على ماتقدم فانني أؤكد لكم كما اكدت لكم سابقا مرارا وتكرار عزيمتنا واصرارنا على الحفاظ و الدفاع عن المكتسبات و الانجازات التي حققناها سابقا و الوقوف بالمرصاد في وجه كل الممارسات والسياسات الرجعية التي ستعيد شعبنا و وطننا الى المربع الاول مربع ؛ التخلف والفساد والتبعية والزبونية.
مواطني الأعزاء؛
أخاطبكم اليوم لأجدد لكم العهد بأننا لازلنا أوفياء لتلك الرسالة؛ رسالة الإستقلال والسيادة الوطنية والتنمية والتطور والبناء، وحريصين على تلك الأمانة؛ أمانة الوحدة والإستقرار والأمن والدفاع عن حوزة بلادنا وهيبتها ورفعتها بين الأمم والشعوب، إستمرارا لذلك العمل الذي بدأناه معا ولتلك الإنجازات الملموسة والمحسوسة الماثلة أمامكم والمكاسب التي تحققت بفضل تضحياتكم وإخلاصكم وحبكم لوطنكم وإستعدادكم الدائم لخدمة شعبكم، فإنني أتوجه إليكم جميعا وأدعو كل الغيورين على هذا الوطن الحريصين على نهضته و تطوره وإلى الذين يطمحون إلى القطيعة التامة مع التخلف والإتكالية والمسلكيات البائدة من فساد ومحسوبية وفشل أن يلتحقوا بنا في المشروع الوطني الجامع لحزب الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال لمواصلة مابدأناه يوما بعقولكم وأفكاركم و سواعدكم و ضمائركم.
وأوجه الدعوة أيضا إلى كل الشخصيات السياسية و الإجتماعية وأصحاب الكفاءات والخبرات الحرة والمستقلة والفعاليات والتيارات النسائية والشبابية التي واكبتنا في مرحلة بناء موريتانيا الجديدة والتي لازالت تؤمن معنا بضرورة مواصلة عملية البناء وتلك الإنجازات وضرورة الحفاظ عليها والدفاع عنها إلى الإندماج في حزب الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال لمواصلة العمل معا من أجل بلادنا و شعبنا.
“من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا” صدق الله العظيم
و فقنا الله و أياكم لما فيه خير بلادنا و شعبنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محمد ولد عبد العزيز.
رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية السابق.