رمضان نعم عظيمة ومنح جزيلة:
كتب أحمد عبدالرحيم الدو:
الزمان أنفو _
كلّ عام، قبيل رمضان وفي الأيام الأولى منه: يكثر السّؤال.. عليّ الطّبيب والفقيه أ أصوم رمضان؟، لأنّ الفحوص أثبتت أنّي مصاب بمرض في القلب، أو بمرض السكريّ….الا يعلم المسلم ان الله الذي فرض الصيام هو من رخّص له ولأمثاله بالفطر، وبأنّ أجره سيكون مثل أجر الصّائم.. لا ينقص منه شيئا
ان صيام رمضان، وقيام لياليه، نعمة من أجلّ نعم الله على كثير من عباده، قد يعرف قدرها من وجد الخشوع في صيامه وقيامه، لكنْ لعلّ كثيرا من المسلمين لا يقدرون هذه النّعمة قدرها حتى يبتلوا بما يحول بينهم وبين الصّيام أو يطرأ عليهم ما يحرمهم القيام.. عندها يدرك الواحد منهم أنّه كان في نعمة عظيمة ومنحة جزيلة عندما كان لا يجد للصّيام ولا للقيام مشقّة.
-قد تمرّ السّنوات والعقود على المسلم وهو يصوم موفور الصّحّة والعافية، لا تعنيه المسائل التي يهتمّ بها غيره من المرضى وأهل الأعذار، ويذهل عن شكر نعمة العافية، حتّى يفاجأ بحرمانها، ويحرم معها الصيام أو القيام أو يحرمهما معها، وقد يحرم مع ذلك نعمة السّجود ونعمة حثّ الخطى إلى بيت الله.. فكم من مسلم يتألّم حسرة أنّه لا يصوم مع الصّائمين! وكم من مسلم يبكي قلبه حزنا أنّه لا يقوم مع القائمين! وكم من مسلم اجتمعت عليه الحسرة والألم، ومهما عرف أنّه من أهل الأعذار الذين ينالون أجورهم التي كانوا ينالونها قبل الابتلاء، إلا أنّ ذلك لا يعوّضه تلك الحلاوة التي كان يجدها يوم كان في زمرة الصّائمين القائمين.
أخي الصّائم، قدرتك على الصيام والقيام نعمة لاتعوض بأموال الدّنيا، ومافيها فاحمد الله، واشكره بحفظ صيامك عمّا يفسده أو ينقص أجره، واحرص على القيام ولا تركن لنزغات نفسك.. أنت في عامك هذا تقوى على الصيام والقيام، لكنّك لا تدري ما يكون من أمرك في العام القادم، فربّما تمرض فجأة وتحرم الصيام وحتى القيام، ويومها تندم على صلاة التراويح التي كنت تكتفي منها بركعتين وتركت الي الاصدقاء والخلاّن!.. وتندم ملات حين مندم على صيامك الذي كنت تقضي معظم ساعاته نائما! وتخرّقه بالغيبة والنّظر إلى ما حرّم الله على شاشة الهاتف والتلفاز وفي الشّارع!
هل تعلم أخي الصّائم أنّه قد مات بين رمضان العام الماضي ورمضان هذا العام ما لا يقلّ عن 12 مليون مسلم، بينهم من كانوا يتمنّون أن يدركوا رمضان آخر في هذه الدّنيا ليحقّقوا فيه أعمالا وآمالا مؤجّلة؟ وأنت قد منّ الله عليك ومدّ في عمرك وأدركت رمضان آخر، وفوق ذلك حفظ لك صحّتك ولم يسلبك شيئا منها، هل ترضى أن يكون جزاء هذه النّعم والفرص، أن تصرّ على برنامجك القديم الذي تقتل به أيام وليالي رمضان في غير ما ينفعك في الدّنيا ولا في الآخرة؟ إلى متى وأنت تُمضي ساعات رمضان في النّوم وجلسات لعب الورق والملهيات مواقع التواصل الاجتماعي؟ اتّخذ قرارك الآن في هذه اللّحظة أن تعيد حساباتك، وتراجع برنامجك، وتعرف لأيام وليالي رمضان قيمتها، ولنعمة العافية قدرها، وأنت تستحضر أنّك ستقف يوما بين يدي الله لتُسأل عن عمرك فيم أفنيته وعن شبابك فيم أبليته، وعن مالك قيم انفقته وعن أيام ولحظات رمضان فيم قضيتها .
ظل المسلمون في عصور ازدهارهم، يسألون عما يفيدهم في دينهم ومعاشهم ومعادهم، وإذا جمح بأحدهم جواد خياله؛ رده علماؤهم إلى جادة الصواب، وأفهموه أن الإسلام يريد المسلم إيجابيًا منتجًا، يُعرض عن اللغو، ويشغل نفسه ووقته بالنافع من القول والعمل والفكر. قال الله تعالي:
{لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}صدق الله العظيم.