الدكتور محمد ولد الراظي يعلق على تحليل المستشار المقال من وزارة العدل
اثارت صوتيات تداولها مدونون وناشطون في شبكات التواصل الموريتانية جدلا واسعا، خصوصا بعد أن تم عزل صاحبها من منصبه اليوم في اجتماع مجلس الوزراء، وهو إطار شاب وشقيق الوزيرة الناها بنت هارون ..وهنا ننشر لقراء "الزمان " ملاحظات لإطار يمتاز ببعد نظر وعمق ..وما كتب رأينا أنه من أفضل ما تم نشره حول الموضوع:
الزمان أنفو _
تابعت كغيري من رواد هذا الفضاء التحليل القيم الذي قدمه الأستاذ أحمد هارون في تصوره للوضع القائم واستشرافه لآفاق مستقبل البلاد مما استدعي مني ملاحظات قد تكون أقل تشاؤما :
ما سبق الإنتخابات وما حصل من اصطفاف حول المترشحين للرئاسة وما كان بعد ذلك يؤكد أن التحول السياسي في موريتانيا ماكان ليكون ممكنا وسلسا وبدون هزات إلا من خلال المؤسسة العسكرية مما يجعل من النظام الحالي الخيار الأوحد……
أتوقع أنه لو أن مدنيا فاز في تلك الإنتخابات وتقلد مقاليد السلطة ما كان بمقدوره أبدا أن ينجو من عودة النظام السابق بسهولة ويسر وما كان يمكن توقع أي تحول نحو مسار ديمقراطي مقنع……..ولعل معركة المرجعية وما رافقها ولحقها من أحداث خير دليل علي صعوبة تلك المواجهة من قبل المدنيين…..
ثم إن النظام الحالي لم يصل للسلطة بحزب سياسي ولا بمشروع متكامل للحكم بل من خلال برنامج سياسي قد لا يكون اشترك معه الكثيرون في بلورته وصياغته ومنظومة مخزنية مدعومة بقوة من المؤسسة العسكرية وهو في نفس الوقت لا يمكن أن يفوته أنه لا بد له من وسيط مع الناس وهذا الوسيط لا يكون إلا حزبا سياسيا والحزب السياسي الحقيقي ليس منشأة سريعة البناء.
في هذا الجو ما كان للرجل من خيار سوي أحد ثلاثة:
-إدارة الحكم بطواقم معارضة سابقة وهو أمر غير وارد بالمرة لأن الحكم لابد له من الثقة والثقة لا بد لها من موجب…..ثم إن الذين عارضوا الرجل ونافسوه في كسب ود الناخبين إنما فعلوا ذلك لأنهم غير راضين عن برنامجه أو أن لهم ما يرونه أفضل.
ومن غير الإنصاف أن نتوقع أن يجعل منهم قاطرة حكمه في المشورة والمسار…
-إدارة الحكم بطواقم جديدة لم تكن بالسلطة ولم تكن بالمعارضة وهذا يطرح من المشاكل أكثر بكثير مما يحل منها……..إذ أن هذه الطواقم لا تملك تجربة حكم من خلال السلطة ولا ثقافة حكم من خلال المعارضة من موقع المراقب المتتبع والناقد لمسار السلطة.
- الخيار الأخير أن تلجأ السلطة الجديدة للبناء المؤقت علي مفاصل السلطة الماضية وأن تشرع في غربلة كيسة لتجاوز مطبات الإرث الماضي وترسيخ دعامات جديدة لنمط حكم جديد…..فالوقت لا يغفر أبدا أمرا يقام به دونه (مثل فرنسي).
من جهة أخري لا أجد مبررا مقنعا لدور مفترض لرأي عام محلي في تهيئة تغيير سياسي علي مستوي السلطة لا في الماضي ولا في الحاضر لسبب بسيط وهو أنه غير موجود أصلا وحتي ما بدأ يري النور من خلال تطور وسائل التواصل يبقي سلبيا إلي حد كبير ……فكل تغيير حصل بالماضي كان إما بفعل خارجي أو جراء صراعات قادة العسكر من أجل التفرد بالحكم ومزاياه….
ثم إن الرؤساء السابقين لا تجمعهم صفة إلا أنهم مروا ذات يوم بالقصر كحكام وكل ما سوي ذلك مختلف تماما من حيث الظروف السياسية المحلية والإقليمية والدولية والظروف الإجتماعية والإقتصادية علي المستوي الداخلي وكيمياء البناء المجتمعي في كل أبعادها…..
التجربة الحالية بنت سنتين عاجلتها جائحة كونية أسقطت هيبة وكبرياء الدول والكيانات العظمي وتواجه إكراهات نظام دولي مرتبك ومحيط إقليمي هش ولا يتوقع منها أكثر مما حصل…..
قد يفلح النظام الحالي وقد يفشل ولكن هناك الكثير من المعطيات التي تعطي من الأمل أكثر بكثير مما تخلق من خيبته.
من صفحة الأخ الدكتور محمد ولد الراظي