نواذيبو ..قراءة في مسارات أزمة الإخوة الأعداء / محمد جبريل
الزمان انفو ـ
لا يكاد يختلف اثنان على الواقع المزري للعاصمة الاقتصادية نواذيبو منذ أكثر من عقد من الزمن رغم اعلان قرارات نوعية خلال هذه الفترة ظن الجميع أنها ستكون بمثابة البلسم الشافي لعاصمة البلاد الاقتصادية حيث شهدت اعلان المنطقة الحرة وانشاء صندوق الايداع والتنمية (CDD)
وهما مشروعان تنمويان كان من المفترض أن يكون لهما الأثر البالغ في تنمية وازدهار المدينة
غير أن الواقع كان عكس ذلك حيث أخذ صندوق الايداع والتنمية مسار آخر فعوضا عن توجيهه للشباب كما هو معلن صار قبلة لرجال المال وتفرقت ملياراته (2,5مليار) عليه أيدي سبأ
فيما ظل مشروع المنطقة الحرة (2013) يتأرجح ولأسباب بعضها ذاتي يتعلق بالمشروع نفسه وآخر خارجي تمثل في الإدارت المتعاقبة للمشروع واخفاقها حتى الآن في جلب استثمارات نوعية من شأنها تغيير الواقع الاقتصادي وخلق فرص عمل نوعية فضلا عن ما يمكن تسميته بطمأنة المستثمرين الوطنيين مما شكل هجرة للمال الوطني إلى خارج العاصمة الاقتصادية (انسحب عشرارات رجال الاعمال ونقلوا استثماراتهم خارجة ما يفترض أنها عاصمة الاستثمار!)
الفشل في هاذين العاملين يجعل مشروع المنطقة الحرة ينجرف عن مساره ويدخل في استراتيجية انحصرت في قضم الأراضي وفرض ضرائب رأى البعض أنها شكلت الدخل الرئيس لمنطقة أخفقت في اقناع المستثمرين الأجانب والوطنيين على حد سواء !
بعد كل هذا الواقع برز في السنوات الثلاث الأخيرة عاملان عول عليهما الساكنة في تغيير المسار تمثلا في وصول العمدة والنائب القاسم ولد بلالي للقصر البلدي بعد حصار دام عدة سنوات والآخر تمثل في وصول الدكتور محمد عالي سيد محمد لرئاسة المنطقة الحرة
فالأول يعد رائد النهضة في مدينة نواذيبو في أواخر تسعينيات القرن الماضي أو على الأقل هكذا توقفت الصورة واحتبست في الذاكرة الجمعية للساكنة
والثاني يعتبر أحد أبرز منظري مشروع المنطقة الحرة
عول الكثيرون على الانسجام والتفاهم بين الرجلين المشتركين في عوامل أبرزها الانتماء للمدينة اجتماعيا ونفسيا وجغرافيا
لكن الرياح جرت بما لا تشتهيه سفن عاصمة المال حيث سالت في السنة الأخيرة مياه كثيرة بين الرجلين
كان أبرزها صراع الصلاحيات والتحالفات والخلفيات ظل الصراع في البداية منحصرا في التصريحات والتلميحات المتبادلة وأحيان يأخذ شكل الاحتكاك والرسائل عبر الأنصار
حتى شكل اجتماع الوزير الأول بالرجلين لاطلاعهما على أمر الرئيس محمد الشيخ الغزواني بتجاوز المماكفات التي بدأت المدينة تدفع ثمنها شكل العلامة الفارقة في مسار الخلاف السياسي والفكري بينهما ليأخذ طابعا شخصيا
حتى الآن لا يتوفر عن ذلك الاجتماع الا المعلومات التي كان مصدرها العمدة والنائب القاسم ولد بلالي وبالمناسبة فقد تطابقت مع مصادرنا الخاصة -فيما لا زال غريمه الدكتور محمد عالي سيد محمد يلوذ بالصمت
ابعاد الاجتماع والسيناريوهات …
يأتي الاجتماع أو على الأصح الجمع بين الرجلين بعد مشروع يتعلق بإعادة هيكلة المنطقة الحرة سيعرض على البرلمان غير أن الرجلين استبقا الخطوة ودخلا في حرب التفسيرات والتأويلات
مهما يكن فإن الاجتماع بالرجلين في ظروف كهذه يمكن تصور ثلاث سيناريوهات له
الأول أن مشروع هيكلة المنطقة الحرة المزمع عرضه على البرلمان لن يكون الحسم فيه لصالح الرجلين
والثاني أن رئاسة البرلمان من قبل خصم شرس للنائب والعمدة القاسم ولد بلالي جعل مسار البرلمان يكون غير مطمئن
والثالث يمكن أن تلمسه في طبيعة الاجتماع نفسه فلم يلتق الرجلان المتصارعان برئيس الجمهورية وفي ذلك مؤشر على عدم الرضى عنهما ربما
تصور الحل ….
تتميز العاصمة الاقتصادية نواذيبو بصفة تكاد تكون علامة خاصة بها وهي أن الصراعات فيها تبقى مفتوحة وتستعصي على الحل في الغالب
لكن في مثل أزمة “الإخوة الأعداء” قد يكون الاستثناء
فهل نشهد مثلا مبادرة من نوع ما يقودها بعض الحكماء في ظل شبه استقالة وعجز السلطات المحلية-
وهنا يمكن أن يلعب نواب المدينة دورا حاسما في أن تضع الحرب بين “الإخوة الأعداء” أوزارها
مستفدين من الزمالة (جميع النواب ) للنائب القاسم بلالي والقرابة من الدكتورمحمد عالي سيد محمد (النائب محمد ولد عيه )
أو أية مبادرة للحكماء حتى تعود المياه إلى مجاريها ويتحد الجميع لخدمة المدينة والوطن .