حرصا على الإستقرار
عبدالفتاح اعبيدنا _ اسطنبول:
الزمان أنفو _فئة من الناس صاغت عقولهم تجارب الأيام،فلا تنبثق مواقفها تجاه الشأن العام،إلا من مشكاة الحرص على الصالح العام،حيث يبقى دوما مرتكزها الأساسي، مصلحة الوطن و الحرص على استقراره و تنميته،و ما سوى ذلك، من المبررات و المسوغات، تظل أهميتها فى صياغة مواقفهم العامة، محدودة و نسبية جدا.
و مثل هذه الطبقة من السياسيين ربما تكون هي المرجح لكفة الحكمة و التعقل،و من سواهم، يهجمون عند مظنة تعرقل مصالحهم الخاصة فى ظل نظام معين،و يرتاحون، عندما يشعرون باحتمال نيل مآربهم الضيقة، مع النظام الذى يتماشى مع تيار حظوظهم.
و فى الحقيقة التغلب على معاناة الأوطان فى فترة قصيرة،يكاد يكون أمرا مستحيلا،و لابد من الموضوعية و التفهم،فالانتقاد و التوجيه الموضوعي،ليس سوى مسلك أخلاقي و سياسي رفيع ،قد لا يعنى أحيانا، صداقة نظام معين و لا معاداته فى المقابل.
و جدير بنا فى اتجاه تعميق مكاسبنا الدستورية و السياسية،أن نعمل على توطيد عرى استقرار الوطن،بغض النظر عمن يحكمه،لأن القضية فى هذا الصدد، مصلحة عامة، قد تفضى للاستقرار،بإذن الله،و ليست مسألة شخصية إطلاقا.
فالبعض يمجد النظام، متجاهلا ما يضر الناس و يضعف الوطن،مقابل المجاملة و التستر على الفساد و الباطل،و ناس آخرون يتجاوزون فى التحامل على الواقع السياسي القائم،بدافع الشعور بالغبن و الغضب،لأسباب خاصة فحسب!.
عندما يتغير الوقت و تتراجع نسبيا وتيرة الحملات،جدير بنا، أن يكون المعيار و المقياس الأوحد عندنا، هو ما يحقق الصالح العام.
ففترة نفوذ الرؤساء و المسؤولين الكبار و غيرهم ،محدودة و مؤقتة،و البقاء للأصلح الأنجع، قال الله تعالى:” فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ”.
و فى أفق الحوار أو التشاور المرتقب،لا بأس أن نتذكر بجدية و اهتمام، أن استقرار الوطن و ما يخدمه،بغض النظر عن الحساسيات و التخندق و النظرات الضيقة،ينبغى أن يظل هو الأولى و الأحق بالتركيز،فلا بديل لنا عن وطننا و ما يجمع و يبنى،هو المرتكز و ليس ما سواه.
و إذا كان الرئيس الحالي يتحدث عن رفضه لشيطنة المعارضة،فعلى المعارضة تجسيد التنسيق و التشاور،و محاولة انتزاع المكاسب الموضوعية،عن طريق جلسات البحث،و الأخذ و العطاء،فقد لا يخدمنا الاستغراق فى الموالاة العمياء و لا المبالغة فى المعارضة المتشنجة.
بعد سنتين من عهدة الرئيس الحالي،آن لنا أن نتبه لحالة السفينة الوطنية،حتى لا نغرقها،تحت ضغط التجاذب الحاد.
السنة الأولى طبعها الأمل و الهدوء النسبي،و السنة الثانية، من حكم الرئيس غزوانى طبعها توتر و ترصد من قبل بعض المقربين لتعميق نفوذهم و الاستحواذ على مقدرات و مناصب لافتة،دفعت للكثيرين للشعور بالغبن،فهل فى هذه السنة الثالثة، ننتبه لضرورة قدر من العدل و التوازن،حتى لا تضيع الدولة فى أتون التمييز غير المبرر.
فالدولة للجميع و من يحكم الوطن، تقع عليه مسؤولية حميع المواطنين،بغض النظر عن خلفياتهم السياسية.