إلى متى يتواصل استهتار تواصل؟ / سيدي علي بلعمش
الزمان أنفو _
في لفتة إلى الماضي تعيدنا إلى عطب الذاكرة المفتوح، نتذكر اليوم بمرارة خطأين فادحين ، سيحتاج بلدنا ردحًا من الزمن لتجاوزهما، ارتكبهما من نشهد له بحسن النية و سوء التقديرات ، المغفور له الرئيس سيدي ولد السيخ عبد الله :
الأول ، منح رتبة جنرال للمعتوه ولد عبد العزيز ، متجاوزا حوالي خمسين ضابطا أقدم منه في الرتبة (التي كان الجميع يستغرب كيف حصل عليها أصلا) ..
و الثاني ، منح ترخيص حزب سياسي لمجمع تجاري بلا محرمات خارج منطق الربح و الخسارة، حوَّلَ السياسة في البلد إلى سمسرة بلا أخلاق:
منذ حصل “تواصل” على ترخيصه أصبحت السياسة سوقا تجاريا حرا (بلا موانع) ، في هرج أقرب إلى سلوك نقطة ساخنة و عقود الشيخ الرضا ..
– أبدا، لم نر يوما من خلال عمل سياسي منضبط ناضج و واضح الملامح ، ما يمكن أن نحكم من خلاله أن “تواصل” حزبا معارضا أو مواليا..
– أبدا، لم تعقد تواصل اتفاقا مع جهة معارضة إلا و خانتها ..
– أبدا، لم تعتمد جهة معارضة (أحزاب أو مجموعات أو شخصيات) ، على تحالف مع تواصل، إلا و طعنتها في الظهر ..
– أبدا، لم تظهر أي مجموعة معادية للوطن أو مهددة للسلم و التعايش و الاستقرار فيه ، إلا و كان تواصل على رأس المؤيدين لها ، المتفهمين لقضيتها ، المؤازرين لموقفها..
و منذ دخل تواصل حلبة الصراع في البلد، أصبحت المواجهة بين أطراف المعارضة أكبر و أعمق من أي صراع مع الأنظمة..
أفسد تواصل الحراك السياسي في البلد و حوَّله إلى تجارة..
أفسد الحراك النقابي و حوَّله إلى سياسة..
و أفسد الحراك الطلابي الذي ظل قبلهم شوكة في خاصرة كل طغيان و حوّلوه إلى صراع داخلي ، تحولت فيه الجامعة إلى بيروت الثمانينات ، تسيطر في كل شارع منها مليشيا مسلحة..
– تبنَّى تواصل تنظيم فرسان التغيير – بعد فشل انقلابهم – و باعوهم للنظام حين أقنعوا صالح و ولد ميني بأن لديهم أربعمائة مسلح في نواكشوط تنتظر قدومهم ، لم يجدوا منها حامل طوبة واحدا..
– رشَّح تواصل النقيب السابق صالح ولد حنن و كشفت النتائج عدم تصويتهم له في كل مناطق نفوذهم المعروفة جدا..
– تحالف تواصل مع السيد سيدي محمد ولد بوبكر و أبرموا الاتفاقيات السرية مع أجهزة النظام للتصويت لمرشحه. و ظهر في ما بعد بجلاء، أن مهمتهم كانت في تشويه صورة المرشح الأكثر حظوة و إفساد حملته و التصويت لمنافسه..
– وَحَّد تواصل اللوائح مع النظام في گرو و نواكشوط و أطار (الانتخابات التشريعية) و هم يتولون زعامة المعارضة؛ فمن يستطيع عملها غير تواصل!!؟
– تحالفوا و تعاطفوا و تآمروا و تبادلوا الأدوار مع افلام و لا تلمس جنسيتي و إيرا في أوج عدائهم للبلد و نعته بنظام الآبارتايد..
– و حين أحرق بيرام (شُلت يداه) أعظم تراث على امتداد تاريخ البشرية (كتب الفقه المالكي) و ما أحرق في الحقيقة غير القرآن لكريم و الأحاديث النبوية الشريفة حيث لا تخلو صفحة من عشرات الآيات المطهرة و الأحاديث النبوية الشريفة، كان بيان حزبنا الإسلامي المناطح لقلاع الكفر و جبال الطغيان، أسوأ بيانات الاستنكار لجريمته الدينية و الأخلاقية التي تشهق من بشاعتها السماء . و من بين الجميع ( و هذا ما يجب أن لا ننساه للأمانة التاريخية)، كان بيان صالح ولد حنن و حزبه، الأبلغ تنديدا و أكثر استياء ..
- خذَلت جماعة تواصل المعارَضة في كل الاتفاقيات و وشوا بأسرارها و طعنوها في الظهر حتى في القضايا المقترحة من تواصل بأعلى درجات الاستماتة و الإصرار !؟
ارتكب تواصل كل الموبيقات السياسية في البلد بدم بارد، لم يكن إطفاء هاتف مقررهم يوم التصويت على تعديلات دستور المادة 38 ، أقلها وفاء للعهود.
لم يحترم تواصل طيلة ارتباطه المزعوم بالمعارضة أي ثوابت دينية أو سياسية أو أخلاقية و ظل ارتباطه بالسلطة مشبوها و ارتباطه بالمعارضة مشبوها و ارتباطه بالدين مشبوها و ارتباطه بالمجتمع مشبوها و ارتباطه بالبلد مشبوها و ارتباطه بالديمقراطية مشبوها ..!!
لقد كان قتل التكتل و قوى التقدم و إيناد و محمد ولد بوعماتو و اعل ولد محمد فال (رحمه الله) و مجلس الشيوخ و محكمة الحسابات عملا سياسيا و أمنيًا ملحا عند ولد عبد العزيز لأنه كان على رأس أولويات و شروط استمراره في الحكم ..
هذه هي معارضة موريتانيا الثابتة، المؤثرة ، واضحة المشروع و المعالم التي دفعت غاليا ضريبة مواجهتها مع عزيز و استحقت حصريا ، شرعية النضال بعطائها و تضحياتها و عنادها و إصرارها . و على من يعتبرها اليوم ميتة لأنها ترفض أن تعمل تحت زعامة معارضة مزعومة من صنع عزيز ، أن يفهم أنه لم يخلق للفهم..
و لأن الاختراع وليد الحاجة و لأن الحاجة الملحة اليوم هي كشف حقيقة تواصل، كان لا بد للمعارضة من التراجع خطوات إلى الوراء لكشف حقيقة تواصل و مِجرَّته المُعدَّة لإرضاء الغرب من خلال التحالف مع مشاريعه المعادية للعروبة و الإسلام (افلام ، إيرا، لا تلمس جنسيتي ، الرباط…)
هذه هي المعارضة التي صنعها عزيز على المقاس و مَكَّنها و أمدَّها بكل ما تحتاج لاحتلال واجهة المشهد السياسي في البلد ..
هذه (و قد وقفت دون ذكر الكثيرين لأنهم وقفوا دون الخطوط الحمراء فوق الطاولة و لن أبحث عنهم تحتها)، هي المعارضة التي أفسدت كل شيء في البلد . و العوامل المشتركة بينهم جميعا هي التبعية لأجندات خارجية و احتقار الشعب و الاستعداد لبيع الوطن بأقل ثمن و لتمزيقه لأقل من سبب ..
أما الدور الأخطر الذي تلعبه تواصل هنا فهو “تبييض” هذه المجموعة كما تفعل في كل المجالات التجارية الأخرى ؛ هذه المجموعة الزنجية الصارخة بالعنصرية ضد البيظان ، يتم تجنيد تواصل لنفي عنصريتها المبنية على اللون و ليرددوا بالفم الملآن “شهد شاهد من أهلها”..
فمتى يستفيق الشعب الموريتاني و يدرك حقيقة هذا المِعْوَل المنهال على رؤوسنا في غفلة من الجميع باسم دين هم أكثر من يسيء إليه؟
إلى متى تحفر الأجهزة الأمنية في الاتجاه المعاكس لتخندق هذه الجماعة غامضة الأسباب في عدائها لأرضها و دينها و شعبها ؟