الحرية في خطر!
كتب عبدالفتاح ولد اعبيدنا من اسطنبول:
الزمان أنفو-القرآن يصرح برفض كل إساءة و يختار لها مصطلحا لافتا ،السوء من القول،و يستثنى المظلوم،من هذا الإنكار.فالمظلوم على قول القرطبي،جاز له السب،ترى ما موقف أنصار قانون حماية الرموز من القرطبي،رحمه الله،و غيره من المفسرين لقوله تعالى:”لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم”.
و هل تفريط ولد غزوانى فى الأمانة ظلم،حيث استمر العطش و الظلام الدامس و الطريق المتعثر فى أماكن كثيرة،مدة أكثر من سنتين من حكمه المباشر،دون اعتراف صريح على الأقل و وعد علني جاد مشجع،بقرب تجاوز مثل هذه الأزمات!،أليس ترك غزوانى بعض المقربين منه، يستغلون النفوذ و هو عليم بذلك،أليس هذا ظلم صريح لعامة الشعب و كنه المسؤولية؟!.
أليس تمكين الأقوياء من المال و الجاه و ترك غيرهم فى ساحة الإهمال و التجاهل و التغاضى،أليس ذلك ظلما بينا جليا؟!.
أليس ترك العصابات الإجرامية تصول و تجول فى اموال الناس و ممتلكاتهم،مع الإنفاق المضاعف على المهام الأمنية،و مع بقاء القوات الأمنية غالبا فى ثكناتها،و كأنها غير معنية،مع تعطيل حدود الله،أليس هذا ظلما لله و لعباده،خصوصا الضعفاء منهم،الذين لا يملكون كلفة الحراس،ليحولوا بينهم و اللصوص،الذين باتوا،يتحركون بكل طلاقة،و دون حرج أو خوف،حتى جهارا نهارا؟!.
أين رغيف الضعفاء،أين نصرة المحرومين و المغبونين و المظلومين؟!.
إن محاولة التضييق على من يقول “أح” مستحيلة و عابرة،لأن من توعد الهواء الطلق و المنافذ المريحة للتعبير،لا يمكن أن يقبل مصادرة الحرية، و من قبل تولى حمل الأمانة، غالبا هو الظلوم الجهول ،بنص محكم التنزيل.
قال الله تعالى:” إنا عرضنا الأمانة على السماوات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها و حملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا”.
إن ظلم تأدية هذه الأمانة،يعنى وجود ضحايا،و ذلك يعنى حق الاعتراض،فما هو رد أنصار قانون حماية الرموز؟!.
و إذا كانت الحرية فى خطر،فذلك يعنى أن الاستقرار فى خطر،لأن الحرية بهذا المعنى السابق،ضمان لصحة المخنوقين و المظلومين،ليتنفسوا و لرد الاعتبار على الأقل،فلا تدفعوا الناس للأسوأ،فالضغط يولد الانفجار،لا قدر الله.
و رغم ما نعيشه من غبن و ظلم،فنحن جميعا مدعوون للصبر و طول النفس و تجنب الإساءة،فالقرآن أيضا رغم ترسيخ مبدإ القصاص يدعو لكظم الغيظ و يمدح من يكظمه.
إن شكوى بعض المتضررين من بعض أوجه تسيير الشأن العمومي،أمر مشهود فى كل المجتمعات و الدول المتحضرة،و كان ينبغى أن لا يستدعي كل هذا التضييق على المستخدمين لوسائل الإعلام،لأن أوجه الفشل الرسمي كثيرة و متنوعة،و ترسيم مثل هذه القوانين و الإجراءات العقابية،قد يعمق حالة الاحتقان و الصدام،على حساب الاستقرار و الهدوء،لا قدر الله.
و لعل ظلم الناس و التضييق عليهم مع سجنهم و تغريمهم،مثير للاستغراب و الكره و النفور الشعبي العارم.قال الله تعالى:”و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك”.
إن الرعية خصوصا فى زمن الحريات و الانعتاق تريد الخدمة و الرخاء و التحسن المضطرد فى الأحوال،و ليس التضييق،الذى يسبقه العجز و الفشل و يتبعه الفشل و التجاهل!.
أما البرلمان الذى يقر مثل هذا التقنين المتعسف،فآن له أن يرحل، غير مأسوف عليه.
و أما المعارضة التى لا يقبل بعض نوابها الاستجواب الإعلامي،إلا من داخل سياراتهم رباعية الدفع،و كأنهم يخاطبون الناس من عل،و من جهة يحاورون هذا النظام ،المكمم للحريات،مثل هذه المعارضة تستحق المساءلة و الاحتجاج،رغم الأداء الجيد لبعض نوابها.