نعم ..أخطأ الشيخ … لأن النقاش ليس حول ختان البنات
ليس غريبا أن ينتقد عالم عالما ولا أن يرد فقيه على فقيه ولكن الغريب أن يدخل الأمر من ليس له به علاقة ولا تقربه إليه آصرة علم ولا نازعة فقه، وهذا في الحقيقة هو حال الشيخ ولد الزين ولد الإمام في رده على الشيخ الددو وتهجمه عليه غاية التهجم، وليس الأمر جديدا على ولد الزين، فقد كان رأس حربة دائما في النيل من الشيخ في المجالس العامة والخاصة، وحسبنا موقفه العجيب
في العام 2004 في جامعة نواكشوط، عندما أوكلت وزارة التعليم وبواسطة من صهر الشيخ – الوزير أبو بكر ولد أحمد – إليه تدريس مادة الأصول فأخذ يملي على التلاميذ مذكرة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي دون تغيير ودون نسبة أيضا
في تلك السنة، كان الناس في أزمة هلال فطر رمضان الذي أفتى برؤيته الشيخ محمد سالم ولد عدود والشيخ محمد محمود ولد أحمد يوره والشيخ محمد الأمين ولد الحسن، وقف حينها ولد الزين يصف الجميع بأنهم مثيرو الشغب وأنه من المحرم على أي إنسان أن يقتدي بهم في ذلك اليوم، فقد كان الرجل الذي صفق بكلتا يديه ورجليه ينظر إلى منصب ومنزلة لا يمكن أن يصلهما – إلا عبر النيل من الشيخ الددو وأمثاله.
في حادثة أخرى – وأتحدى الشيخ أن يكذبها – وفي لقاء نظمته هيئة أوربية تعتمد سعادة الشيخ مفتيا لما يتعلق بختان البنات، وما تحت الأزر طالب أحد العمد الذين رافقوا هذا الفقيه في رحلته ” للطلب” بعرض الوثيقة التي أعدها ولد الزين على علماء موريتانيين معروفين حتى تنال الإجماع المطلوب.
حينها غضب ولد الزين وأفرج عما في صدره وقال : هل تريدني أن أعرضها على ولد الددو .. ليس أعرضها عليه ولن يراها.
رد العمدة : يمكن أن تعرضوها على غيره من العلماء المعروفين في البلد.
اشتد غضب الشيخ وخاطب العمدة : لتعرف أنني وأنت لسنا سواسية، ولم آت هنا لأتعلم منك.
رد العمدة : صحيح لسنا سيان فقد درسنا الإثنين في المعهد العالي، وكنت دائما في ذيل قائمة المتجاوزين، وكنت أنا في المقدمة، أما بالنسبة للتعليم فأنا سأمنحه لمن أراه محتاجا له
من جديد اشتد غضب الشيخ ولد الزين وقال للعمدة : انت اش جار اعليك الديمين (من أين لك ثقافة بني ديمان
رد العمدة بهدوء : تارة ينجر الإنسان إلى الديمين وتارة ينجر الديمين عليه، وفهم الشيخ المقصد بسرعة، وأطرق وبقي (زامدا).
سرعة فهم الشيخ كانت مضرب الأمثال فلا أحد ينسى كلمته المشهورة في برنامج قضايا إسلامية في التلفزيون الرسمي عندما قال ” الناس يطالبون بدولة مدنية والإسلام لم تكن فيه دولة مدنية وإنما كانت دولة عسكرية” وفات على الرجل أن الدولة المدنية في الاصطلاح الحديث ليس مقابل الدولة العسكرية.
هذه مقدمة لمعرفة الأهداف الأساسية لما يسميه ولد الزين خطأ الشيخ الددو ونسبته هذا الإمام العظيم إلى التكفير، وظهوره بلقب المفكر والدكتور وهو يعلم مصير رسالته البسيطة عند مشرفه المغربي ويعرف أكثر أن حظه من العلم لا يزيد على ما يحلل به سعي المقص لدى ختان البنات وهو ما يدر عليه أموالا غزيرة، كتلك التي عاد به بعد حجه الأخير إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإبلاغ الأمريكيين بأن البنات الموريتانيات مختونات ولله الحمد.
وقبل أن ننسى علم الشيخ ولد الزين وفقهه وثقافته لا شك أننا سنتذكر أيضا ظهوره قبل أيام في مؤتمر قبلي يمجد الأسلاف الماضين وتاريخ العشيرة الكريم، وهنا أسأل الشيخ عن تلك الحروب الماضية التي شارك فيها من يمجدهم، وتلك الدماء التي سالت بسبب الحروب الفظيعة في الحوضين بين قبائل الزوايا، هل كانت جهادا في سبيل الله أم كانت فتنة القاتل والمقتول فيها في النار
وفي كلا الإجابتين فإن الرجل سيجد العذر “لحروبنا الوطنية” أكثر مما سيجدها لما يقع في بشار عملا بطريقة الحيف والختن والقص التي أتقنها غاية الإتقان.
أذكر الشيخ ولد الزين، بأن الكراسي قد اشتبهت منذ زمن واشتبهت الكؤوس واشتبهت مقصات الختان، ووضع العمامة من لا يعرف إن كورها ولا يعرف إن حل عقدها، إلا إذا ختن أو اختتن.
لقد اشتبهت الكراسي من زمان، منذ أن ترك أحدهم طبشور المعلم وراءه وأخذ يسرع على أكتاف الأصهار نحو مراتب لا يؤهله نحوها علم ولا ورع.
وأذكره بأن لا أحد يمكنه أن يزايد على الشيخ الددو في محاربة التكفير والتصدي له، فدور الشيخ في لجم نازعة التكفير في الجزائر وفي ليبيا وقطر والسعودية وفي موريتانيا مشهود معروف..
أظن أن تذكير الشيخ بخطر التكفير، هو إغراء في الوسط، وإلا أفلا يتذكر فضيلته توقيعاته على البيان الفظيع الذي أصدرته وزارة الشؤون الإسلامية في العام 2003 وفيه تكفير صريح للشيخ الددو ورفاقه المعتقلين ووصفهم بالخوارج والدعوة لإقامة أبشع الحدود عليهم، أم أن الرجل غير “صورته الشخصية ” بسرعة.
أذكر الشيخ بخطئه البشع في سرد أبيات الشيخ سيدي المختار الكنتي وكان حريا بالشيخ أن يحسن علم العروض، وأن يتذكر فصاحة الشيخ محمد سالم ولد عدود وهو يستشهد بشعره وأدبه.
أما إيرادك لأبيات أبي الطيب طاهر ابن طاهر الشافعي رحمه الله عرضا، فهو من باب الخداع اللفظي، وإلا فبأي مقارنة يمكن أن تجمع بين بشار الأسد وعلي بن أبي طالب، لشد ما اجترأت على الله في التسوية بين رجلين باعد الله بينهما كما باعد بين المشرق والمغرب.
أتشبه أبا الحسنين ببشار سفاك الدماء، إن لك في التدليس سبحا طويلا.
ودعني أذكرك بخطيئة أخرى ونحوية وإملائية، إذ يقتضي العرف الكتابي حذف الحر المعتقل من الاسم المنقوص عند تنوينه، وبقاءه حال الإضافة وقد أوردت أبيات الشيخ النابغة الغلاوي، وأثبت حرف العلة، وليس هذا أهم علل المقال، ولكنه وسم علة ظاهر
بقي على الرجل وهو يخلط الحشف وسوء الكيلة أن يعرف أن الأزمة في سوريا ليست أزمة سنة ولا شيعة في الأصل ولكنها أزمة ظالم وجه سلاحه إلى قلب شعبه، فلما استحر الدم وفارت العروق رفع لواء التشيع، أولم يشرع الإسلام حق الدفاع عن النفس، والتصدي للظالم، وما قيمة الفقه إن لم يردع عن ظلم وإن لم يقتص به لمقتول ظلما وشريفة مغتصبة ونساء مرملات وأطفال ميتمين.
لقد فات عليك لم شرعت الحدود، فهي لا تقتضي التكفير أبدا ولكنها تقتضي إقامة الحد وإن الاقتصاص من قاتل لا يعني تكفيره، أم أنك تربط بين الانتصاف من الظالم وتكفيره، إنها متلازمة استكهولم، أيها الرجل الكريم.
أتراك يا هذا المتطاول على العلماء، أشابك كر الليالي ورص الدروس، أأنت تعارض فقه وعلم الشيخ محمد علي الصابوني في فتاواه ومواقفه من النظام السوري، أم ترد على الشيخ محمد راتب النابلسي من الثورة في سوريا، من أين جئت بعلمك هذا ونسبتك الآخرين للجهل
هل هو مما عدت به في حقائبك من نيويورك؟
وكان عليك أن تعود بأزرار “الماوس ” قليلا إلى موقع اتحاد علماء سوريا لتعرف أفرس تحتك أم حمار، عد إلى فتاوى الشيخ كريم راجح والشيخ وهبة الزحيلي ” هل سمعت بالفقه الإسلامي وأدلته” ..؟
كان عليك أن تتتبت مما نسبت إلى الشيخ من الكذب، فالشيخ الددو لم يكفر الضال الظالم بشار الأسد ولكنه قال إن بعض من يقاتلون مع بشار يقولون لا إله إلا بشار، وأن هؤلاء كفار، أم أنك لا تزال في مرية فيمن يجعل مع الله إله آخر .. لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا.
أما قضية قتال الشيعة من عدمه فليس مجال النقاش، الشيخ الددو وعلماء الأمة – لا فقهاء الختان – دعوا إلى جهاد الظالم والمتعدي على أرواح الناس ودمائهم ولا عبرة بنحلته حينئذ ولا دينه، ذلك أن قتاله لكف ضرره وليس لسبب دينه ولا مذهبه، وكان عليك وأنت أستاذ المقاصد كما تدعي أن تلغي في السبر والتقسيم صفة المذهب عند تحرير الموقف الفقهي، كما يلغي المعقول والمنقول صفة الدكتور عندكم.
أما في قضية النظام السوري وهل ما يجري هنالك خروج عليه أم حرابة أم ردة فدعني أذكرك بمن لن تتطاول عليه كثيرا، وهو رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الشيخ أحمد الحسن ولد الشيخ عندما يقول مخاطبا الرئيس السوري السابق بشار
يا سيدي يا حافظ الأسد البطل أنت الزعيم وفيك يختصر الأمل
صف الخصوم ولا تحكم فيهم أبدا سوى حد الصوارم والأسل
وحذار لا تترك هنالك مسلما ببقائه حيا يساورك الوجل
إن البطولات التي سطرتها مذ قمت لا تبقي مكانا للجدل
فمواقع الجولان قد سلمتها طوعا ومثلك لا يلام بما فعل
فعل مصلحة هنالك جهلتها خفيت على شعب مصالحه جهل
ياسيدي إني عليك لمشفق وسط اضطراب الموج من قرب الأجل
فالشاه لم تنفعه قوة بشطه لما أحيط به ولم تغن الدول
وما أراك تصف الشيخ أحمد الحسن بأنه تكفيري إلا أن يكون قد اندلق لك لسان جديد أعتى مما سلقت به الشيخ الددو
لقد فات عليك أيها الشيخ أن تبتعد عن التسطيح والاختزالية ذلك إن ظلم الحاكم قد يكون معتبرا في باب الأموال والأعراض، فتكون المراعاة بين مفسدة أقل وأخرى أكبر، أما الظلم الذي يتعلق بإزهاق الأرواح وهدم المساجد، فلا قائل من أهل العلم ولا الجهل بجواز السكوت عليه، أم أن سلطة الحاكم في تصوركم مفتوحة ودائمة ومقدسة مادام يعمل المقص في ختان البنات
أذكرك يا هذا بفتوى الشيخ سيدي المختار الكنتي رحمه الله بشأن أمراء الحرب في عهده، حيث كان يصفهم بالسفلة والقطاع ويقول إن المؤمن يأمن في بلاد اليهود والنصارى مالا يأمن في بلادهم، ويرتب على ذلك أنهم شر من اليهود والنصارى وأنهم لا يزوجون ولا يتزوجون في المسلمين.
وفي الختام أتمنى لك عطلة سعيدة وزعامة قبلية، وتعويضات مجزية وأن لا تتأخر عنك 100 دولار التي تعاقدت بها مع وزارة الدفاع الأمريكية مقابل عمامتك البيضاء وقلمك الرصاصي.
بقلم المصطفى ولد عبد الله/باحث في الفقه الإسلامي